9 نقاط خلافية حول البيان الختامي تسبق افتتاح قمة الاتحاد من أجل المتوسط اليوم في باريس

إسرائيل ترفض منح الجامعة العربية صفة مراقب واستمرار الأخذ والرد حول مقر الاتحاد والرئاسة الثنائية

ساركوزي يصافح الرئيس مبارك لدى وصوله إلى باريس أمس (أ.ف.ب)
TT

يفتتح الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بعد ظهر اليوم القمة التأسيسية للاتحاد من أجل المتوسط في متحف «القصر الكبير» بحضور 44 رئيس دولة وحكومة فيما تقاطع ليبيا القمة رغم الجهود الدبلوماسية الحثيثة التي بذلتها باريس لإقناع العقيد القذافي بإرسال ممثل عنه الى باريس.

وحتى عصر أمس، كان «إعلان باريس» الذي سيكون بمثابة صك ولادة الاتحاد الجديد والذي ستتبناه القمة في ختام اجتماعها اليوم، محل أخذ ورد على خلفية تضارب في وجهات النظر بين الطرف العربي من جهة والطرف غير العربي من جهة أخرى.

وقال مصدر دبلوماسي عربي لـ«الشرق الأوسط» إن «السياسة عادت الى الاتحاد المتوسطي الذي أريد له بداية ان يبتعد عنها وعادت المشاكل التي قيدت الى حد بعيد حركة مسار برشلونهّ». وبحسب هذا المصدر، فإن الجانب العربي أحصى «تسع نقاط خلافيةّ يفترض أن يتضمنها البيان بعضها سياسي محض وبعضها سياسي ـ تنظيمي مثل الاتفاق على اسم المدينة التي ستستضيف الأمانة العامة وحجمها وجنسية واسم الأمين العام». وتكتمت المصادر الفرنسية على الخلافات رافضة الخوض في عناوينها وتفاصيلها.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن أهم النقاط الخلافية تتعلق بعملية السلام في الشرق الأوسط ومرجعيتها وبموضوع الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل وبوضعية الجامعة العربية داخل الاتحاد الجديد. وفي هذا السياق، فقد علم أن الجانب الإسرائيلي بدعم من بعض الدول الأوروبية، يرفض أن تعطى الجامعة العربية الممثلة في القمة بأمينها العام عمرو موسى صفة «مراقب دائم» في الوقت الذي يصر الجانب العربي على ذلك درءا للتهمة التي تقول إن الاتحاد من أجل المتوسط «يقسم العالم العربي الى عوالم ويقضي على التضامن العربي». كذلك، فإن الجانب العربي كان يطالب حتى عصر أمس بالتأكيد على اهمية المبادرة العربية للسلام وضرورة تضمينها الإعلان الختامي لا أن تكون محل إشارة اليها في المؤتمر الصحافي النهائي الذي سيختتم به الرئيسان الفرنسي نيكولا ساركوزي والمصري حسني مبارك أعمال القمة التي ستدوم ثلاث ساعات فقط.ّ وتعترض إسرائيل على فقرة يريد العرب إدراجها في النص وتشدد على ضرورة ّإقامة منطقة منزوعة من اسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، في إشارة واضحة الى الترسانة النووية الإسرائيلية. أما النقطة الخلافية السياسية الرابعة فتتناول موضوع الإرهاب والخلاف على تعريفه وهي مشكلة مزمنة في البيانات الدولية حيث يطالب العرب بالتمييز بين الإرهاب ومقاومة الاحتلال.

والى جانب الإشكاليات السياسية، ما زالت مواضيع تنظيمية وإجرائية أهمها الاتفاق على موضوع الرئاسة «الثنائية» من الجانب الأوروبي موضع أخذ ورد. والأهم من ذلك في ما خص الجانب العربي استمرار الخلاف على مقر الأمانة العامة حيت تتنافس تونس والرباط الى جانب فاليتا «مالطا» وبرشلونة فضلا عن وجود توجه لدى بعض العرب ومنهم الجزائر لتفضيل بروكسل.

وأمس عقد اجتماعان هامان ضم الأول الرئيسين ساركوزي ومبارك اللذين هما رئيسا المؤتمر، والثاني جمع وزراء الخارجية العرب في مقر السفارة المصرية في باريس برئاسة أحمد أبوالغيط وحضور عمرو موسى في محاولة للتغلب على الخلافات الأخيرة والوصول الى المؤتمر، من الجانب العربي، بمواقف موحدة.

وقالت مصادر دبلوماسية عربية لـ«الشرق الأوسط» إن العرب ّنجحوا في تغيير الكثير من فقرات الإعلان الختامي الذي أعدت نسخته الأولى أصلا المفوضية الأوروبية.

ويتشكل الإعلان الختامي الذي نشرت «الشرق الأوسط» مشروع نصه في وقت سابق من عشر صفحات «في النسخة الإنجليزية» بينها صفحتان للمشاريع الستة التي ستقرها القمة وتكون لها الأولوية محاربة التلوث في المتوسط، الطرق البرية والبحرية المتوسطية، الجامعة المتوسطية وتبادل الطلاب، مشروع استغلال الطاقة الشمسية.

وصباح اليوم، يلتقي وزراء خارجية الاتحاد في مقر القصر الكبير برئاسة الوزير الفرنسي برنار كوشنير لوضع اللمسات الأخيرة على البيان الختامي. وقالت مصادر فرنسية رئاسية إنه ّإذا استمر الخلاف على مقر الامانة العامة واختيار الأمين العام ومساعده، فإن المسألة برمتها سترحل الى شهر نوفمبر (تشرين الثاني) القادم حيث سيعقد اجتماع وزراء خارجية الاتحاد في الثالث منه في مدينة مرسيليا الفرنسية ّالمتوسطية. وستبدأ القمة رسميا في الثالثة والربع بعد الظهر بكلمتين لساركوزي ومبارك ثم تتوالى أعمال المؤتمر عبر أربع ورش عمل «فنية» بينها ورشة عمل سياسية وحيدة تحت عنوان «الحوار السياسي» وهي المرشحة لأن تثير العديد من الخلافات بينما الورش الأخرى تتناول المشاريع المحسوسة وسبل التعاون الجماعي في إطار الاتحاد. غير أن الرئاسة الفرنسية «غير متخوفة» من أن «تشتعل» الخلافات لأن الجانبين الفلسطيني والسوري «يخوضان» المفاوضات مع إسرائيل من جهة ولأن القمة «ليست المكان المختار لحل هذه الخلافات».

وحرص البروتوكول الفرنسي على الاعتناء بأدق التفاصيل لجهة توزيع الضيوف على فنادق العاصمة أو توزيع رؤساء الدول والحكومات على الطاولة المستديرة في جلسة القمة الوحيدة. وتم التوزيع على أساس أبجدي بحيث يجلس رئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود أولمرت بين رئيسي حكومة إيرلندا وإيطاليا بينما يجلس الرئيس السوري في الجهة نفسها ولكن بعيدا عن أولمرت بحيث لا يكونان وجها لوجه. وكان ساركوزي قد سعى لترتيب لقاء بين الأسد وأولمرت بحضوره أو على الأقل لالتقاط صورة تذكارية جماعية. لكن الجانب السوري رفض. وحتى عصر أمس، لم تكن أوساط الإليزيه قد «فقدت الأمل» من استغلال هذه الفرصة ّلإذابة الجليدّ أقله في مصافحة ّعفويةّ بين الأسد وأولمرت.

وتعتبر باريس أن مشروعها إنشاء الاتحاد من أجل المتوسط قد «نجح» وأن «صفحة جديدة قد فتحت»، غير أن الأوساط الدبلوماسية العربية في باريس تؤكد أن «الاختبار» الحقيقي هو في ما سيحققه الاتحاد سريعا من مشاريع بحيث لا يبقى خطابات وخططا.

وليلا يولم الرئيس ساركوزي رؤساء الدول والحكومات بحضور عقيلاتهم في «القصر الصغير» الموجود في الجهة المقابلة للقصر الكبير على أن يلتقيهم مجددا صباح الإثنين لمشاهدة العرض العسكري بمناسبة العيد الوطني الفرنسي على جادة الشانزليزيه وهو الذي سيحضره الرئيس الأسد والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الذي حاربت بلاده الجيش الفرنسي للحصول على استقلاله عام 1962.

إلى ذلك أكد وزير الخارجية التركي علي باباجان أمس، أن بلاده «ستدعم بفعالية» مشروع الاتحاد من اجل المتوسط، غير أنه عبر عن الأمل في الا تستخدم فرنسا رئاستها للاتحاد الاوروبي، لتعطيل ترشح تركيا للاتحاد. وقال باباجان اثر مقابلة مع نظيره الفرنسي برنار كوشنير عشية اطلاق الاتحاد من اجل المتوسط «كما حصل مع مسار برشلونة (الذي سبق الاتحاد من اجل المتوسط) فإن تركيا ستنخرط بفعالية في الاتحاد من اجل المتوسط».

وأضاف الوزير الذي يشارك الاحد في القمة، مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، ان تركيا تدعم هذه المبادرة. ونحن نعتقد انها ستشجع على السلام والاستقرار والتنمية في المنطقة». بيد أن باباجان وجه تحذيرا مبطنا لفرنسا المناهضة لدخول تركيا الى الاتحاد الاوروبي، بألا تستخدم الأشهر الستة التي تتولى فيها رئاسة الاتحاد، لتعطيل مفاوضات انضمام انقرة للاتحاد الاوروبي.

وقال «ان تركيا تنتظر خلال هذه الرئاسة، ان يتواصل مسار انضمامها للاتحاد الاوروبي بشكل عادي». وأعرب مع ذلك عن «قناعته بأنه خلال هذه الرئاسة الفرنسية، ستكون لفرنسا مقاربة عادلة ومتوازنة». وأضاف «نحن نتوقع ان يتم فتح العديد من بنود (مفاوضات الانضمام)» التركي للاتحاد الاوروبي.

وقال كوشنير من جانبه، انه تم بحث «طلب انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي» و«فتح البنود التي كنا اقترحناها».

وفي وقت لاحق؛ اعلن وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط ان مشروع البيان الختامي لقمة الاتحاد المتوسطي زالت منه «بعض النقاط المعلقة» بشأن الوضع في الشرق الاوسط. وقال ابو الغيط للصحافيين عقب اجتماع في باريس مع نظرائه العرب يهدف الى تنسيق مواقفهم قبل القمة، «بعض النقاط ما زالت معلقة في موضوع الشرق الاوسط». واضاف «هناك اشارات في مشروع البيان الى اقامة منطقة خالية من اسلحة الدمار الشامل والى المبادرة العربية (للسلام)». واضاف سيجري «تشاور» حول هذه المواضيع «في الساعات القادمة، واذا لم يحدث انفراج يطرح على اجتماع وزراء الخارجية غدا»، والذي يضم جميع وزراء خارجية الدول الثلاث والاربعين المشاركة في القمة.

من جهة أخرى، أفاد مصدر قريب من الحكومة المغربية أن العاهل المغربي محمد السادس لن يتوجه الى باريس الاحد للمشاركة في قمة الاتحاد من اجل المتوسط والتي سيحل محله فيها شقيقه الامير مولاي رشيد. وقال المصدر طالبا عدم الكشف عن هويته ان العاهل المغربي لن يحضر هذه القمة بسبب «جدول أعماله المثقل».