جنوب لبنان في الذكرى الثانية لحرب يوليو: جرح لم يندمل والحياة لم تستعد بعد دورتها العادية

حزب الله خفض احتفالاته مفضلا التركيز على عودة الأسرى

TT

في الذكرى السنوية الثانية لحرب يوليو (تموز) الاسرائيلية على لبنان، وقفت ابنة بلدة قانا الجنوبية شفيقة شلهوب في منزل والدها الذي يقع على مسافة خطوات قليلة من مقبرة شقيقتها رولا التي استشهدت الى جانب 12 شخصا من عائلتها في واحدة من المجازر الكثيرة التي ارتكبتها اسرائيل ذاك الصيف. كان مقررا ان تتزوّج رولا فإذا بطائرات اسرائيل تصطادها. صور كثيرة تكسو جدران المنزل، تشير اليها شفيقة وتقول: «انظروا الى تلك الصور، هل من بين هؤلاء الاطفال من هو ارهابي؟». وتتذكر بمرارة «تلك الليلة السوداء» حين «امطرنا الطيران الاسرائيلي بما لا يقل عن 80 غارة في محيط البلدة. كل شيء بدا كالجحيم. وعند الاولى فجرا، وقعت الكارثة. كانت ساعة المجزرة. اطفال قضوا خنقا بعدما ابتلعوا التراب، وآخرون قضوا تحت ركام المبنى الذي كانوا قد لجأوا اليه». واضافت: «يومها تحامل الاعلام الاسرائيلي على اعلامنا متهما الصحافيين والمصوّرين بتركيب صور وادعاءات كاذبة فيما المجزرة والاطفال يدحضون مزاعم اسرائيل وادعاءاتها». وسألت: «أيعقل ان من ينقل الحقيقة يحاسب فيما المجرم الاسرائيلي لا يمكن الاشارة اليه. والجميع يعلمون ان قانا التي مر بها يوما عيسى بن مريم، سبق ان تعرّضت لابشع المجازر في عدوان 1996 حين استشهد مائة وواحد من المدنيين ومن بينهم اطفال كانوا قد لجأوا الى مقر للقوات الدولية». وختمت: «اذا كان السلاح في حوزتنا وارتكبوا كل ما ارتكبوه، فماذا سيحصل اذا سلمناهم سلاحنا؟».

من قانا الى بنت جبيل التي تعتبر معقلا من معاقل «حزب الله» والتي شهدت دمارا هائلا، يبدو المشهد مختلفا. فورش البناء تنشط لاعادة ما تهدّم. مبانٍ رممت وأخرى ارتفعت أو لا تزال قيد البناء. نشاطات ومعارض ثقافية وتراثية تحاول تخطي الصعاب واعادة شيء من الحياة الى المنطقة التي حوّلتها طائرات العدو ساحة ركامية. فالسوق التجارية التي دمّرت كليا عادت كما كانت، فيما بنت جبيل القديمة بحجارتها الاثرية تشهد صراعا طويلا اذا يكافح البناؤون لاعادتها الى ما كانت عليه. ويشكو احد التجار من عائلة اوسي من عدم التعويض عليه بعد الخسارة الفادحة التي تكبّدها وقد وصلت الى 13 مليون دولار بعدما هدّمت كل محلاته.

لافتات صفراء انتشرت في ارجاء المنطقة تفاخر بأن العدوان حوّلها من مدينة موالية لحزب الله الى مدينة أكثر ولاء. وفي روضة الشهداء حيث دفنت جثامين اكثر من 20 من مقاتلي حزب الله، وقف غسان ادريس تحت شمس تموز الحارقة يعيد خط الاسماء على تلك الشواهد التي اكلتها خيوط الشمس. يقول انه تطوّع لهذا العمل ايمانا منه بهذا الطريق.

ولوحظ ان الحزب خفّض احتفالاته ما خلا بعض النشاطات العادية، ذلك انه يحاول ان تكون الاضواء مسلّطة على عودة الاسرى واسترجاع رفات الشهداء ليكون ذلك بمثابة انجاز جديد يسجّل في الذكرى الثانية للحرب.