وفاة مصطفى حلمي.. رجل المصالحات بين النظام ومعارضيه

رأس مجلس الشورى المصري وتولى العديد من المناصب الهامة

TT

شيعت ظهر أمس عسكريا من مسجد «آل رشدان» بضاحية مدينة نصر (شرق القاهرة) جنازة السياسي المصري الدكتور مصطفى كمال حلمي رئيس مجلس الشورى السابق، الذي وافته المنية مساء أمس الأول عن عمر يناهز 86 عاما. وأناب الرئيس حسني مبارك الدكتور أحمد نظيف رئيس الحكومة في تشييع الجنازة.

يعد الدكتور مصطفى كمال حلمي المولود في 6 مارس (آذار) 1922 من أبرز رجالات التعليم والبحث العلمي في مصر، وخلال المناصب السياسية العديدة التي تولاها كان أشبه بـ«إسفنجة الثلج» التي تزود عن النظام، وتمتص صدمات وغضب المعارضين له على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم السياسية. ساعده على ذلك ما تمتع به من كياسة، ورصانة وهدوء، وسعة صدر، ومقدرة على إقامة التصالح بين شتى المتناقضات. وقد دعم كل هذا دراسته لعلوم الهندسة والرياضيات، والتي حصل على الدكتوراه في فلسفتها عام 1952. وكذلك خبرته العملية من خلال عمله مدرسا ثم أستاذا بقسم العلوم الرياضية والطبيعة بكلية الهندسة جامعة عين شمس لسنوات طويلة.

وفي كل المناصب العديدة التي تولاها كان هذا النهج «ديدنه» سواء في أسلوب العمل، أو في طرائق تطويره ودفعه على شتى المستويات. لذلك ظلت سياسة «الكم المحدد» بمنحاها التجريدي المحض رمانة الميزان، التي تحكم رؤية الدكتور حلمي للأمور، وتحدد في الوقت نفسه طبيعة العلاقة بين مستوياتها البسيطة، والأشد تعقيدا. وتجتهد في إيجاد المشترك بينهما، تحاشيا الوصول إلى نقطة الصدام مع الواقع والنظام. هذا النهج الإصلاحي بطابعه الترميمي، برز في العديد من المناصب المهمة التي تولاها الراحل، ومن أهمها توليه لفترات متوالية حقيبتي وزارتي التربية والتعليم، والتعليم العالي والبحث العلمي، في مصر خلال الفترة من 1974 إلى 1985، وأيضا توليه نقابة المعلمين لدورات عديدة، وظل نقيبا لها حتى وفاته. فاجتهاداته في إصلاح العملية التعليمية، برغم أهميتها إلا أنها انصبت ـ في نظر كثيرين ـ على الصورة العامة والهيكل الخارجي، ولم تتطرق إلى الإصلاح من الداخل وتطوير المناهج، وأنماط التعليم نفسها التي تحتاج إلى تغيير، لكن ما يحسب له دعمه لإنشاء الجامعات الإقليمية والتوسع فيها، والعمل على تعديل قانون الجامعات، كذلك مساهمته الفعالة في إعداد وثيقة السياسة القومية للتنمية التكنولوجية وإنشاء الشبكة القومية للمعلومات بأكاديمية البحث العلمي. ورغم أن الدكتور حلمي يعتبر إحدى القامات الكبيرة في المجتمع المصري، إلا أنه مع توليه رئاسة مجلس الشورى في 24 يونيو (حزيران) 1989 حرص دائماً على تنفيذ سياسة النظام، على مدى 15 عاما متواصلة، وهو ما جعل المجلس يدور في الفلك النمطي والتقليدي، على حساب مشاركته الفعلية في صناعة القرار السياسي. وفي عام 2004 غادر الدكتور حلمي منصب رئاسة المجلس، إلا أنه ظل عضوا فيه حتى وفاته.

وللدكتور مصطفي حلمي العديد من المؤلفات والدراسات والبحوث العلمية المهمة حول التعليم والتنمية الاجتماعية والتربية السكانية وسياسة التعليم في مصر. وحصل على العديد من الأوسمة منها وسام التربية من الأردن 1978 وجائزة الدولة التقديرية في العلوم 1981 ووسام الجمهورية من الطبقة الأولى ووسام الاستحقاق 1981 ووسام النيلين من السودان ووشاح النيل 1985 والوسام العلوي من المغرب 1992.