«إعلان باريس» يؤكد على شراكة متعددة وتشجيع الأمن الإقليمي بمنع انتشار الأسلحة النووية

اعتبار الجامعة العربية «ضيفا» وليس «عضوا مراقبا»

ساركوزي ومبارك مع رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو في مؤتمر صحافي مشترك بعد انتهاء القمة أمس (أ.ف.ب)
TT

نص «إعلان باريس» الذي صدر في نهاية أعمال قمة «مسار برشلونة ـ الاتحاد من أجل المتوسط» أمس على أن الغرض من إنشائه هو «بناء من السلام والازدهار يعم كل المنطقة، وذلك عن طريق تنفيذ مشاريع تعزز التبادل بين كافة شعوبها». ويعتبر الإعلان أن الهدف هو إقامة «شراكة متعددة» و«تعزيز التكامل والانسجام الإقليمي».

وفيما يؤكد الإعلان على أهمية مسار برشلونة، وما حققه من إنجازات، فإنه يعتبر أن الاتحاد «يمكن أن يساعد على مواجهة التحديات التي تطرح نفسها على المنطقة المتوسطية ـ الأوروبية وأهمها التنمية الاقتصادية والاجتماعية والأمن الغذائي وتدهور البيئة والتغيرات المناخية والتصحر والتنمية المستديمة والطاقة والهجرة والإرهاب والتطرف وتعزيز الحوار بين الثقافات».

وبالإضافة الى ذلك، يشير الإعلان الى أهمية مشاركة المجتمع المدني والهيئات المحلية والإقليمية والقطاع الخاص، لإنجاح الاتحاد الجديد مع التركيز على «الندية» في التعاون والعمل المشترك وتقرير المشاريع وتنفيذها.

وفي ما خص وضعية الجامعة العربية، التي كان العرب يصرون على أن تسمى «عضوا مراقبا»، فقد تمت التسوية في الإشارة اليها، باعتبارها «ضيفا مدعوا إلى اجتماعات» الاتحاد «وفق مشاركتها في مسار برشلونة»، من غير الإشارة إلى أنها «عضو مراقب» كما هو حالها في المسار المذكور. وحقق العرب نجاحا آخر، بحيث نص الإعلان في ميدان الكلام عن «الرغبة المشتركة» في تحقيق السلام والأمن الإقليميين على «تشجيع الأمن الإقليمي عن طريق منع انتشار الأسلحة النووية والكيماوية والبيولوجية بالانضمام الى المعاهدات الدولية أو عبر ترتيبات إقليمية. ويدعو البيان الى الامتناع عن تخزين الأسلحة التقليدية «بما يتجاوز الحاجة الدفاعية المبررة». داعيا الى إقامة «فضاء استقرار وسلام» في المتوسط، بما في ذلك الوصول في المستقبل، الى معاهدة في هذا الخصوص.

وفي موضوع السلام في الشرق الأوسط، يشير الإعلان الى دعم مسار أنابوليس، والى الحاجة الى «سلام شامل« ويبدي الارتياح للمفاوضات غير المباشرة السورية ـ الإسرائيلية. كما ادان الإعلان الإرهاب بكل أشكاله.

فإنه يشير أيضا الى ضرورة محاربة الأسباب، التي تدفع الى الإرهاب، رافضا الخلط بين الإرهاب ودين أو ثقافة. ويضيف الإعلان أن الموقعين «عازمون على إيجاد حلول لكل النزاعات، ووضع حد للاحتلال (من دون تسمية أي احتلال مقصود) ومحاربة الفقر.

ويشير الإعلان الى موضوع الهجرة، ويؤكد على عزم الموقعين على «تسهيل الهجرة المشروعة» ومحاربة الهجرة غير المشروعة. ويفصل الإعلان، مؤسسات الاتحاد من رئاسة ثنائية وأمانة عامة مفتوحة لكل المنضمين الى الاتحاد، وليست مقصورة على الدول المتوسطية، كما كان يريد ساركوزي. وستنعقد قمم الاتحاد بالتناوب ين عاصمة متوسطية وأخرى أوروبية فيما ستكون الرئاسة ثنائية. ولا يشير الإعلان الى كيفية حل عقدة الرئاسة من الجانب الأوروبي، ولا الى اختيار مقر الأمانة العامة، بل يترك ذلك لاجتماع وزراء الخارجية في شهر نوفمبر(تشرين الثاني) المقبل.

وكانت القمة المتوسطية انعقدت أمس وسط إجراءات أمنية صارمة وطوق محكم ضربته قوات أمنية فرنسية من الشرطة ومكافحة الشغب، حول المنطقة الممتدة من ساحة «الكونكورد» الى منتصف جادة الشانزليزيه والى نهر السين جنوبا. وكان لافتا غياب الزعيم الليبي معمر القذافي وملك المغرب محمد السادس الذي أعلن غيابه في الساعات الأخيرة.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر رفيعة في باريس أن غياب العاهل المغربي مرده الى «الفيتو» الذي وضعه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة على اختيار الرباط مقرا لاستضافة الأمانة العامة للاتحاد وهو ما وافق عليه الرئيس ساركوزي خلال اجتماعه مع الرئيس الجزائري على هامش قمة مجموعة الثماني في اليابان الأسبوع الماضي. وربط بوتفليقة مجيئه الى باريس بحجب الأمانة العامة عن الرباط وهو ما حمل العاهل المغربي على الامتناع عن المشاركة وإرسال شقيقه الأمير مولاي رشيد لتمثيل المغرب. وتعليقا على ذلك، قالت مصادر رئاسية فرنسية إن الرئيس ساركوزي هاتف العاهل المغربي أول من أمس «لأكثر من ساعة» وأن الأخير «شرح له أسباب تغيبه». وأضافت هذه المصادر أن «لا مشكلة سياسية بتاتا مع المغرب» منوهة بالعلاقات «الشخصية» التي تربط الرئيس الفرنسي بملك المغرب.

أما بالنسبة للعقيد القذافي الذي كان غيابه معلنا سلفا، فقد ابدت المصادر الرئاسية الفرنسية «أسفها ودهشتها لطريقة تصرفه». وقالت هذه المصادر إن ساركوزي «غامر» بدعوته الى زيارة دولة الى باريس في ديسمبر (كانون الأول) الماضي وكان يتوقع منه أن يلبي دعوته للمشاركة في القمة المتوسطية لكنه لم يفعل.

وفي كلمته الافتتاحية التي ألقاها في الثالثة والربع بعد ظهر أمس، بحضور رؤساء دول وحكومات 43 دولة وبوجود أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون وأمين عام الجامعة العربية عمرو موسى ورؤساء منظمات دولية وإقليمية واقتصادية، حرص الرئيس ساركوزي أن يظهر المعنى السياسي للاتحاد الجديد إذ حيّا «بادرة السلام» التي قامت بها الدول العربية المعنية بحضورها المؤتمر إزاء إسرائيل. وقال ساركوزي مخاطبا الحاضرين: «إن العالم ينظر اليكم».

وشكل المؤتمر مناسبة حضر فيها حول طاولة واحدة الرئيسان السوري واللبناني ورئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت. غير أن سليمان والأسد كانا بعيدين عن أولمرت. وفيما لم يفد عن أي اتصال مباشر بينهم لوحظ ان الرئيس السوري، بشار الاسد، غادر قاعة المؤتمر حين بدأ رئيس الحكومة الاسرائيلية، ايهود أولمرت، بإلقاء كلمته. لكن مصادر سورية نفت أن يكون الأسد قاطع كلمة أولمرت, وقالت إنه خرج بسبب ارتباط سابق.