قروض العطلة الصيفية.. كابوس جديد في حياة الأسر المغربية المتواضعة

بدءا بحفلات الزفاف.. ومرورا بقروض الأعياد وعودة التلاميذ إلى المدارس

TT

في قاعة الانتظار بوكالة مختصة في منح القروض الصغيرة، يجلس أربعة أشخاص في انتظار وصول دورهم. أمامهم مكاتب زجاجية شفافة وفي داخلها موظفتان منسجمتان تماما مع دورهما في اعتبار هذه الوكالة، أو غيرها من وكالات منح القروض. هذا شيء لا غنى عنه بالنسبة لشريحة واسعة من المغاربة.

كان صوت أحد الزبائن مسموعا، وهو يتحدث عن قرض من أجل رغبته في الحصول على سيارة مستعملة. كان الرجل الذين يبدو من خلال هيئته أنه موظف متوسط الحال، يطالب بتوضيحات حول المبلغ الذي يمكنه الحصول عليه من أجل شراء سيارة يقول إن سعرها حوالي 30 ألف درهم (3500 دولار)، ويبدو أنه مستعجل من أجل شراء سيارة لتمضية فصل الصيف متنقلا بين المنتجعات والشواطئ رفقة أسرته. كان الرجل يريد الحصول على 20 ألف درهم فقط، وكانت الموظفة تجهد نفسها في إقناعه، بأنه لن يجد فوائد أقل من المعمول بها في هذه الوكالة، وهو كلام يردده موظفو كل الوكالات المختصة في تقديم القروض. على الجانب الآخر كانت امرأة في منتصف العمر توقع أوراقا وهي تضع على المكتب نسخا من بطاقة هويتها وشهادة عملها.

أحد الجالسين في قاعة الانتظار سأل زبونا آخر إن كان من الممكن في هذه الوكالة الحصول على قرض من خمسة آلاف درهم فقط، من أجل دفع إيجار شقة في شمال المغرب سيمضي فيها عشرة أيام فقط، من أجل استجمام أسرته على شاطئ البحر. كان يبدو مستعجلا، لأنه إن تأخر في دفع تسبيق فإن الشقة ستطير منه.

تحدث زبون آخر، وقال إن كل القروض ممكنة، وبدا الجميع متحمسين للحديث، غير أنهم في الوقت الذي تحمسوا فيه لوفرة القروض، فإنهم عبروا عن امتعاضهم من أحوالهم الاقتصادية وأجورهم الهزيلة التي تدفعهم في كل مرة يريدون مالا، إلى اللجوء لوكالات منح القروض الصغيرة والمتوسطة.

وبينما كان المغاربة يلجأون في الماضي إلى القروض في حالات قاهرة فقط، إلا أنهم اليوم صاروا زبائن مداومين لوكالات القروض في كل المناسبات، بما فيها المناسبات الدينية مثل عيد الأضحى، الذي تقدم فيه وكالات القروض إغراءات كثيرة لزبائنها من أجل شراء خروف العيد، وتنتشر في مختلف المدن المغربية إعلانات عملاقة تضع صورة خروف إلى جانب سيارة، بحيث يمكن للفائز أن يحصل على سيارة كجائزة إذا كان رقم قرضه هو الرابح، أي أنه يانصيب بشكل جديد.

وخلال العقد الأخير، استطاعت المئات من شركات القروض في المغرب استقطاب مئات الآلاف من الزبائن، الذين يقترضون في كل المناسبات، بدءا بحفلات الزفاف، ومرورا بقروض الأعياد وعودة التلاميذ إلى المدارس، وانتهاء بقروض شراء سيارة أو من أجل تمضية العطل.

غير أنه وراء هذه الإعلانات الجذابة والمغريات التي يتم ربطها بها، توجد الكثير من المشاكل الاجتماعية التي يسببها تراكم الديون، خصوصا وأن عملية الاقتراض الأولى في حياة أي شخص عادة ما تكون متبوعة بعمليات أخرى، ويتحول الأمر إلى ما يشبه الإدمان على الاقتراض، بحيث بمجرد ما تعترض الشخص مشاكل مادية معينة، لا يفكر بتجاوزها عبر الصبر أو البحث عن عمل إضافي أو الاقتراض من أقاربه، بل يهرع إلى وكالات القروض، التي أصبحت تجني أرباحا قياسية من وراء بؤس المقترضين.