واشنطن تدعو الجميعَ إلى الهدوء ولندن تطالب الخرطوم بالتعاون مع المحكمة

الاتحاد الأفريقي يطلب من المحكمة تعليق الأمر.. والأمم المتحدة تدعو لسلامة موظفيها

TT

تباينت ردود الفعل الدولية بعد طلب الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بإصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني عمر البشير، بينما طلب الأمين العام للأمم المتحدة بضمان سلامة موظفي الأمم المتحدة. ودعا البيت الأبيض الجميعَ إلى الهدوء ولندن للتعاون مع المحكمة. كما قالت بروكسل «من المهم وضع حد لحالة الإفلات من العقاب على الجرائم» التي وقعت في دارفور. اما الاتحاد الافريقي فقد أعرب عن خشيته من تقويض عملية السلام بالسودان.

وفي نيويورك، دعا الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون امس حكومة الخرطوم الى ضمان سلامة العاملين مع الامم المتحدة الموجودين في السودان، بعد طلب الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية اصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني عمر البشير. وأصدر المكتب الصحافي للامين العام بيانا شدد فيه بان كي مون على ان المحكمة الجنائية الدولية «هي مؤسسة مستقلة والامم المتحدة تحترم استقلالية العملية القضائية».

وبعد ان شدد البيان على ان عمليات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة في السودان ستتواصل، اضاف ان الامين العام «ينتظر من حكومة السودان ان تواصل تعاونها الكامل مع الامم المتحدة، مع القيام بواجباتها المتعلقة بضمان سلامة العاملين مع الامم المتحدة في اراضيها واملاكهم».

وفي واشنطن، اعلن البيت الابيض امس ان الولايات المتحدة ستدرس طلب اصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني عمر البشير، داعيا الاطراف كافة الى الهدوء. كما دعا الحكومة السودانية الى وضع حدٍّ لأعمال العنف وفسح المجال أمام الامم المتحدة لتقوم بعملها.

وصرح الناطق باسم البيت الابيض غوردن جوندرو «سنتابع الوضع في لاهاي، وندرس ما طلبه المدَّعي». واضاف جوندرو «ندعو كافة الاطراف الى التزام الهدوء». في نفس الوقت، اعلنت وزارة الخارجية الاميركية انها اتخذت «الاجراءات المناسبة» لحماية الموظفين الاميركيين في السودان، وأقرت ان الجهود الدولية لتوقيف الرئيس البشير قد تولد رد فعل عنيفا.

وفي لندن، دعا رئيس الوزراء البريطاني، غوردن براون، الخرطوم الى التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية. وأعلن براون في مؤتمره الصحافي الشهري بعد دقائق من الإعلان الرسمي للمدعي، «ندعو الحكومة السودانية الى التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية». واضاف براون «تناولنا مع الحكومة السودانية ضرورة التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية»، مؤكدا ان «وزير الخارجية (دافيد ميليباند) بحث ذلك مع الرئيس السوداني في التاسع من يوليو» (تموز) الحالي خلال زيارة الى الخرطوم.

وقال براون ان «لويس مورينو أوكامبو عرض اليوم عناصر ادلة تثبت ان رئيس السودان عمر حسن البشير ارتكب جرائم ابادة وجرائم ضد الانسانية وجرائم حرب في دارفور».

وفي بروكسل، اعتبر المفوض الأوروبي للتنمية، لوي ميشال، امس انه «من المهم وضع حد لحالة الافلات من العقاب على الجرائم» التي وقعت بدارفور.

وقال ميشال لوكالة الصحافة الفرنسية «اعتقد انه من المهم وضع حد للافلات من العقاب الذي يحيط بالجرائم المرتكبة في دارفور»، مشيرا الى ان عدم تعاون السودان مع المحكمة الجنائية الدولية كان «فاضحاً».

واضاف «ان الاتهام بجريمة حرب وابادة الذي اطلقه مدَّعِي المحكمة الجنائية الدولية ضد كبار ممثلي النظام السوداني وضمنهم الرئيس البشير، تشكل بالتأكيد تطورا كبيرا سيكون له بالضرورة اثر سياسي».

وتابع «يتعين الآن على الغرفة الابتدائية في المحكمة الجنائية الدولية دراسة طلب المدَّعِي وتقرير موقفها منه»، مشيرا الى انه «يُفترض» ان ملفات المدعي «مُقنعة». وقال «دعمنا باستمرار دور المحكمة الجنائية الدولية في العمل على تطبيق العدالة الدولية»، ملاحظا ان الاتحاد الاوروبي كان قد أشار في يونيو (حزيران) الماضي الى «ضرورة تعاون الحكومة السودانية بلا تحفظ مع المحكمة الجنائية الدولية».

وقالت الرئاسة الفرنسية للاتحاد الاوروبي في بيان ان «الاتحاد الاوروبي يذكر بان المحكمة الجنائية الدولية تقوم بدور اساسي في الارتقاء بالقضاء الدولي». واضاف البيان «ان البحث عن حل سياسي في دارفور وتطبيق اتفاق السلام بين الشمال والجنوب يكتسيان اهمية استراتيجية»، داعيا الاطراف السودانية كافة الى «العمل» من اجل استقرار المنطقة.

وردا على سؤال بشأن التداعيات المحتملة لاحتمال اصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني على مسار السلام الهش في دارفور، اعرب ميشال عن رغبته في «عدم الرد» على هذا السؤال.

بيد انه قال «في القانون ليست النجاعة فقط هي المهمة، هناك ايضا القانون»، مشيرا الى ان اجهزة المحكمة الجنائية الدولية اتخذت هذا القرار «بذمة وضمير». وفي اديس ابابا، اعرب الاتحاد الافريقي عن خشيته من تقويض عملية السلام في السودان. وصرح الناطق باسم مفوضية الاتحاد الافريقي القاسم واني لوكالة الصحافة الفرنسية عبر الهاتف ان «موقف الاتحاد الاوروبي هو عدم اتخاذ اي اجراء قد يقوض عمليات السلام الجارية في السودان، ونحن اتخذنا اجراءات فورية بهذا المنحى». واضاف «ان الاستشارات جارية لعقد اجتماع طارئ لمجلس السلم والامن على المستوى الوزاري، على الارجح في اديس ابابا».

كما اعلن الاتحاد الافريقي في بيان انه «استباقا لقرار مدعي المحكمة الجنائية الدولية، بدأ رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي جان بينغ في الايام الاخيرة مشاورات مع الامم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي، بخصوص سبل ادارة هذا الوضع وضمان تجنب المخاطرة بالمكاسب المنجزة بصعوبة في سعينا الى السلام والمصالحة في السودان».

كما قال وزير الشؤون الخارجية التنزاني برنارد ميمبي امس ان تنزانيا التي تتولى الرئاسة الحالية للاتحاد الافريقي تريد ان تعلق المحكمة الجنائية الدولية اي تحركات لالقاء القبض على الرئيس السوداني عمر حسن البشير بتهمة الابادة في دارفور.

واضاف ميمبي متحدثا لرويترز نيابة عن رئيس الاتحاد الافريقي ورئيس تنزانيا جاكايا كيكويت «نود ان تعلق المحكمة الجنائية الدولية قرارها بطلب القاء القبض على البشير لفترة الى ان نسوِّي المشاكل الاولية في دارفور وجنوب السودان».