قمة «الاتحاد من أجل المتوسط» أنهت أعمالها بإرجاء البحث في ثلاثة مواضيع خلافية

الخلاف العربي ـ الإسرائيلي ألقى بظله على مقررات المؤتمر

TT

كشفت جهات فرنسية شاركت في المفاوضات التي جرت للاتفاق على «إعلان باريس» الذي تشكل بموجبه «الاتحاد من أجل المتوسط» عن بعض ما دار في الساعات الأخيرة من عصر أول من أمس من مساومات افضت الى موافقة كافة الأطراف على صدور الإعلان بالشكل الذي صدر فيه.

وأفادت هذه المصادر أن نقاشا حادا جرى حول «وضعية» الجامعة العربية التي كان يطالب العرب بإعطائها صفة «مراقب». غير أن الجانب الأوروبي رفض ذلك بحجة أن الاستجابة له «يعني فتح الباب أمام مطالبات كثيرة من هذا النوع».

وطرح اقتراح يقضي بأن تعطى الجامعة العربية الوضعية التي لها في إطار مسار برشلونة مع التأكيد على ذلك في متن النص الأمر الذي افضى الى قبول الجانب العربي والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى. وقالت هذه المصادر إن إشارة الرئيس ساركوزي في المؤتمر الصحافي الختامي الى «الجهد» الذي بذله موسى مرده قبول «التنازل» عن الإصرار على المطالبة بوضعية العضو المراقب. وكتبت الفقرة قيد الجدل بصيغتها النهائية بالشكل التالي «كما ستوجه الدعوة الى جامعة الدول العربية لحضور اجتماعات عملية برشلونة: الاتحاد من أجل المتوسط امتدادا لمشاركتها في عملية برشلونة».

وتتمثل المشكلة الثانية في الفقرة التي تتحدث عن دولتين إسرائيلية وفلسطينية مع الإشارة الى أن إسرائيل دولة قومية يهودية وهو ما رفضه الفلسطينيون بدعم من العرب لأن ذلك يعني «قطع الطريق» على عودة النازحين الفلسطينيين. وكانت الحجة الإسرائيلية أن الفلسطينيين قبلوا ذلك في الماضي وبالتالي فلماذا يرفضون الآن؟ ولدى رفض الطرفين الصيغ التوفيقية التي اقترحتها الدبلوماسية الفرنسية، فإن رئاسة الجلسة ارتأت أن تحذف الفقرة موضوع النزاع نهائيا وهو ما تم بالفعل. وفي السياق عينه، لم يتضمن الإعلان أية إشارة لمرجعيات السلام ولم تذكر المبادرة العربية واكتفي بالإشارة الى مؤتمر أنابوليس والترحيب بالمفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية والسورية ـ الإسرائيلية غير المباشرة والدعوة الى «سلام شامل».

وجرى جدل قوي حول آلية تبني وإقرار المشاريع التي ستنفذ في إطار الاتحاد المتوسطي. وبينما كان الجانب الإسرائيلي يطالب بأن تقوم على قاعدة «الاختيارية» أي أن ينضم اليها من الدول من يريد المشاركة، فإن الجانب العربي تمسك بمبدأ الإجماع بحيث يستطيع لاحقا رفض مشاركة إسرائيل. وإزاء العجز عن التوصل الى تسوية، ارتؤي أن يؤجل البحث الى شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل موعد اجتماع وزراء خارجية الاتحاد في مدينة مرسيليا الفرنسية.

وعلم أمس من مصادر فرنسية مطلعة أن سورية طالبت الجانب الفرنسي بإلحاح وتحت طائلة التحفظ على «إعلان باريس» بإضافة جملة على الفقرة السابعة منه تشير الى أن سورية و إسرائيل بدأتا محادثات للسلام «وفق مبادئ مؤتمر مدريد للسلام».

وأبلغ وزير الخارجية السوري الجانب الفرنسي أمس أن سورية «ستتخفظ على الإعلان ما لم تتم الإستجابة لطلبها». وعقد اجتماع بين الرئيس الأسد وكلود غيان، أمين عام رئاسة الجمهورية الفرنسية، لتسوية هذه المسألة التي انتهت بزيادة الفقرة على نص الإعلان كما هو منشور على موقع الرئاسة باللغة الفرنسية، في حين أنه لم يكن قد عدل أمس باللغة العربية. وفي باب تأجيل ما لم يتم الاتفاق عليه، توافقت دول الاتحاد الجديد على ترحيل إقرار آلية التعاقب على الرئاسة من الجانب الأوروبي الى الخريف المقبل. وقال السفير ألان لوروا، المكلف من قبل الرئيس ساركوزي متابعة موضوع الاتحاد لـ«الشرق الأوسط» إن فرنسا انتزعت من جمهورية تشيكيا التي ستتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي ابتداء من يناير المقبل تنازلا تقبل بموجبه أن تلعب فرنسا «دورا حيويا» في ما خص الاتحاد الجديد بحيث تبقى عمليا رئيسة له بعد انتهاء رئاستها للاتحاد الأوروبي. غير أن هذا الاتفاق ليس رسميا وبالتالي سيعاد النظر به في اجتماع وزراء الخارجية القادم.