باريس تعتبر أن زيارة الأسد «أدت غرضها» وتؤكد أن لبنان باق في «قلب» العلاقة مع دمشق

3 لقطات تظهر الرئيس السوري بشار الأسد وهو في طريقه إلى المكان المخصص لجلوسه في الصف الأول من منصة الشرف الرسمية في ساحة الكونكورد حيث كان من بين اواخر الضيوف الذين وصلوا الى مكان الاحتفال ويظهر خلفه رئيس الوزراء الإسرائيلي أولمرت (أ.ف.ب)
TT

كما كان متوقعا حضر الرئيس السوري بشار الأسد، كغيره من عشرات المدعوين الذين شاركوا في القمة التأسيسية للاتحاد من أجل المتوسط العرض العسكري الضخم الذي أقيم أمس بمناسبة العيد الوطني الفرنسي، وجلس في الصف الأول من منصة الشرف الرسمية في ساحة الكونكورد. وكان الأسد من بين اواخر الضيوف الذين وصلوا الى مكان الاحتفال حيث كان في استقباله وزير الخارجية برنار كوشنير، ممثلا رئيس الجمهورية نيكولا ساركوزي ورئيس مجلس الشيوخ كريستيان بونسوليه ورئيس مجلس النواب برنار أكواييه ووزير الدفاع هيرفيه موران.

وكان حضور الأسد الاحتفال قد اثار الكثير من اللغط والانتقادات من المعارضة الاشتراكية ومن جمعيات حقوق الإنسان والدفاع عن حرية الصحافة. وأمس، وقبيل بدء العرض العسكري، أوقفت الشرطة مجموعة من المحتجين على رأسهم سكرتير عام منظمة «مراسلون بلا حدود»، روبير مينار، وكانوا يهتفون «الحرية لسورية».

وأصدرت «مراسلون بلا حدود» بيانا بعد ظهر أمس قالت فيه إن المحتجين «حاولوا رفع مجموعة من الصور لصحافيين مسجونين في سورية وتونس ومصر والمغرب لكن قوات الأمن أبعدتهم» عن المكان.

وكان لافتا أن الرئيسين التونسي زين الدين بن علي والجزائري عبد العزيز بوتفليقة لم يحضرا العرض العسكري وفضلا العودة إلى بلديهما مساء أول من أمس. وبالمقابل حضر من المسؤولين العرب، بالإضافة الى مبارك والأسد، الرئيس اللبناني ميشال سليمان والفلسطيني محمود عباس الذي عانقه ساركوزي بحرارة وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة الذي حضر مع زوجته الشيخة موزة مرتدية مجموعة خضراء اللون، ومولاي رشيد، ممثلا ملك المغرب الذي غاب عن القمة والرئيس الموريتاني ولد الشيخ عبد الله ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت الذي كان في الصف الثاني باعتبار أن الأول مخصص لرؤساء الدول.

ووصل الأسد مع عقيلته أسماء، وجلس على مسافة مقعد واحد من الرئيس المصري حسني مبارك الذي كان الى يسار الرئيس الفرنسي باعتباره أحد رئيسي الإتحاد من أجل المتوسط بينما جلس الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الى يمين ساركوزي.

وبعد ظهر أمس، التقى الأسد الذي شارك في الغداء الرسمي الذي أقامه ساركوزي على شرف ضيوفه عقب العرض العسكري، أمين عام قصر الأليزيه كلود غيان الذي يعتبره المراقبون «مهندس التقارب» مع دمشق وذلك قبل عودته الى دمشق. وينتظر ان يقوم وزير الخارجية كوشنير بزيارة سورية في النصف الأول من الشهر القادم للتحضير لزيارة ساركوزي الى العاصمة السورية المقررة في النصف الثاني من سبتمبر (أيلول).

وفيما قالت مصادر رئاسية فرنسية إن زيارة الأسد «أدت غرضها» كما أنها سمحت بـ«فتح آفاق جديدة للعلاقات» بين البلدين، غير أنها غالطت ما أفاد به مصدر سوري أول من أمس حين اعتبر أن العلاقة بين باريس ودمشق «لم تعد مرهونة بالملف اللبناني» وأنها ستتطور وفق نسقها الخاص.

وأفادت المصادر الفرنسية التي تحدثت اليها «الشرق الأوسط» أمس إن لبنان «يبقى في قلب الأولويات الفرنسية» وأن أحد أسباب الانفتاح على سورية «يعود لرغبتنا في التأثير على أداء دمشق في لبنان» مضيفة أن باريس «متمسكة أكثر من أي وقت مضى باستقلال لبنان وسيادته كما أنها مصرة على أن تقوم المحكمة الدولية بعملها بعيدا عن أية ضغوط». وأردفت المصادر الفرنسية إنه «لا فرنسا ولا غيرها من الدول يستطيع التأثير على آلية عمل المحكمة التي أصبحت من مسؤولية مجلس الأمن وحده». وتشدد المصادر الفرنسية على ان العلاقة «الثنائية» مع سورية هي في الواقع «ثلاثية» بحيث يدخل لبنان طرفا فيها لكنها وبعكس سياسة الرئيس شيراك، ترى أن «مقاطعة دمشق لم تؤد الى نتيجة تذكر وأن لدمشق دورا في حلحلة المشاكل في لبنان».

وتؤكد المصادر الفرنسية أنها حصلت على «تعهد» سوري بإقامة علاقات دبلوماسية مع لبنان «في فترة معقولة» من غير أن تعطي تاريخا محددا للتنفيذ. وتعزو مصادر سياسية فرنسية «المسار الجديد» إزاء دمشق بالحاجة الى إنجاح الاتحاد من أجل المتوسط وبالتغير في السلوك السوري في لبنان وبمفاوضات السلام السورية مع إسرائيل وبرغبة فرنسا والاتحاد الأوروبي بلعب دور دبلوماسي وسياسي في أزمة الشرق الأوسط وهو «لن يكون ممكنا من غير تطبيع العلاقة مع دمشق».