الوحدة الوطنية بمصر هاجس السياسيين.. ومؤتمر على مائدتها بالتجمع المعارض غداً

ندوات وجلسات مصالحة بين المسلمين والمسيحيين وتوترات طائفية لا تتوقف

TT

تظل قضية الوحدة الوطنية في مصر، بين المسلمين والمسيحيين، هاجس السياسيين وحديث المواطنين. وأينما طل مشهد التوتر الطائفي برأسه في أي قرية أو مدينة مصرية، سواء في صعيد مصر أو في شمالها، مروراً بالعاصمة (القاهرة).. تنشط اجتماعات المسؤولين الامنيين مع مختلف الأطراف، ولقاءات رجال الدين، وتصدر بيانات مصالحة واستنكار للفتنة ومثيريها، تؤكد أن القاعدة الشعبية المصرية بـ«المسلمين والمسيحيين»، سليمة.. وتعقب البيانات ندوات.. ومؤتمرات.. وتصريحات.. وهكذا يعالج المصريون قضايا الوحدة الوطنية.

العشرات من حوادث التوتر الطائفي بين المسلمين والمسيحيين وقعت اخيراً في مدن عديدة، بمحافظات الصعيد (جنوب)، ومحافظات الوجه البحري (شمال)، كان آخرها أزمة دير أبو فانا في المنيا بصعيد مصر، التي لم تنته بعد.

ويوم غد يستضيف حزب التجمع التقدمي المعارض مؤتمراً حول الوحدة الوطنية تشارك فيه أحزاب الوفد والناصري والجبهة الديمقراطية، بالإضافة للتجمع بالطبع، وعدد من منظمات المجتمع المدني. ومن المنتظر إعلان المؤتمر عن وثيقة وطنية لبدء حملة شعبية واسعة تدافع عن وحدة الوطن وحقوق المواطنة.. كما سيتم التوقيع عليها من الشخصيات العامة ورؤساء النقابات. وقال الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع لـ«الشرق الأوسط»: «سنعرض على المؤتمر مشروع قرار يطالب بإصدار قانون يعاقب من يمارس التمييز من المواطنين على أساس الدين أو الجنس أو اللون».

وأقر البرلمان المصري مبدأ المواطنة ووضعها ضمن الدستور، كما أن الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم يرى أنه ليست هناك فتنة أو موقف طائفي أو تمييز ضد طائفة أو فئة من فئات الشعب، وأن ما يقال في هذا الشأن ربما مبالغ فيه، لكن حزبي الوفد والتجمع، أكبر الأحزاب المعارضة في مصر، يريان عكس ذلك، كما أنهما الوحيدان المهتمان بهذه القضية وحلها، عكس سلوك بقية الأحزاب التي تكتفي ببيان إدانة لحدث ما، أو إشادة بتصرف ما.

الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع يرى أن «غياب الإرادة السياسية لتحقيق الوحدة الوطنية هو السبب في تفاقم القضية»، وأضاف «إنهم ـ يقصد الإعلام والحكومة ـ يتحدثون عن الوحدة الوطنية كثيراً وينتهكونها أكثر، والمشكلة أنها لا تُحَل بالكلمات، بل بالاعتراف بها أولاً، فإذا اعترفنا بالمشكلة يمكن تجنبها، وهي مشكلة متشعبة.. في التعليم، والإعلام، والممارسات الحكومية، والإدارية.. كل هذا يخلق مناخاً أسود.. هذا المناخ يتولد منه التمييز.. فالتفرقة الدينية لم تعد أسلوبا علوياً ـ أي حكومياً وإدارياً ـ بل أسلوباً مُعَاشَاً، ولا حل إلا أن تكون هناك إرادة سياسية ترفض مبدأ التمييز».

ويقول «أرى ان معركة الوحدة الوطنية ستكون سهلة جداً إذا توافرت الإرادة السياسية لتحقيقها، وتحول الكلام عنها إلى ممارسات فعلية، بينما تبقى هذه القضية عقبة كأداء إذا استمر تصرفنا وفقاً للمثل السوداني «نرى الفيل ونضرب في ظله».

أما منير فخري عبد النور، الزعيم الوفدي الشهير، فبادر بالسؤال «كيف تقول إن الوحدة الوطنية هاجس السياسيين وحديث الشارع؟.. إنك بذلك تفعل مثل الحكومة التي تقول إنه لا توجد مشكلة في حين هناك مشكلة حادة تهدد المجتمع بالانقسام، كما أنه لو كانت قضية الوحدة الوطنية بالفعل هاجس السياسيين لتم حلها، لكنهم يتجاهلونها عدا حزبي الوفد والتجمع». وأضاف عبد النور «إن الأقباط يقولون إن هناك تمييزا، لكن الرد عليهم جاهز بأنكم لا تشاركون.. والحقيقة أن هناك انقساما أو انفصاما فيما يتعلق بالوحدة الوطنية في البلاد». وأرجع وجود تلك القضية في المجتمع المصري إلى «أسباب ثقافية، والسياسة التعليمية، والخطاب الديني والبرامج الإعلامية، بالإضافة لتأثيرات وافدة من الخارج.. كل هذا يشكل الوجدان الشعبي، وعلينا مواجهة العناصر الثلاثة للمشكلة (الإعلام والتعليم والخطاب الديني)».

وتعتبر الوثيقة أن الحقوق المنصوص عليها كافة في النظام التشريعي المصري مصدرها هذه المواطنة، ويتمتع بها أفراد المجتمع بحكم تمتعهم بهذا الوصف، وانتمائهم للدولة والمجتمع اللذين يكفلان لهم ممارسة هذه الحقوق ويضمنان صيانتها.

وتستند وثيقة المواطنة إلى الحقوق الأساسية المنصوص عليها في الدستور والقوانين، والتي تمثل في مجملها منظومة الحقوق والحريات المكفولة للمواطن، كما استقرت عليها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.