البشير أول رئيس تلاحقه المحكمة الجنائية الدولية وهو في السلطة

TT

جاء الرئيس السوداني عمر البشير الذي اصبح اول رئيس دولة تلاحقه المحكمة الجنائية الدولية، الى السلطة اثر انقلاب دعمه الاسلاميون عام 1989 اطاح برئيس الحكومة المنتخب ديمقراطيا الصادق المهدي في انقلاب عسكري. وشهد عهده المتواصل منذ 19 سنة، حربا ثم سلاما مع الجنوب وعلاقات متوترة مع الدول الغربية ونزاعا دخل سنته الخامسة في اقليم دارفور (غرب). وقد رفض الفريق عمر البشير حتى الان تسليم المحكمة الجنائية الدولية لعدد من المسؤولين المتهمين بالتورط في جرائم حرب في دارفور، واقسم امام قيادات حزبه المؤتمر الوطني بانه لن يسمح ابدا بمحاكمة اي سوداني امام محكمة اجنبية.

ولد عمر البشير عام 1944 في قرية حوش بانقا التي تبعد 150 كلم شمال الخرطوم. وتعلق منذ شبابه بالزي العسكري. وارتقى البشير بسرعة المراتب العسكرية وشارك الى جانب الجيش المصري في الحرب الاسرائيلية العربية عام 1973. وكان يقود اللواء الثامن في الجيش والمرابط في الجنوب في خضم الحرب الاهلية بين حكومة الخرطوم والحركة الشعبية لتحرير السودان عندما عرف بمهارة كيف يستفيد من استياء الضباط ليستولى على السلطة عام 1989.

وتسلم السلطة في البداية مع حسن الترابي زعيم الجبهة الاسلامية وقتها من خلال مجلس لقيادة الثورة وحكومة الخلاص الوطني المكونة من ضباط شبان. وقرر البشير في 1993 حل مجلس قيادة الثورة ونصب نفسه رئيسا للجمهورية. واصبحت الخرطوم في عهده معقلا للتيار الاسلامي الدولي خلال التسعينيات، واحتضن زعيم القاعدة اسامة بن لادن قبل ان يبعده بسبب الضغوط الاميركية عليه.

وانقلبت علاقاته مع حسن الترابي الى عداوة عام 1999 وأدى الاختلاف الى سجن الترابي من 2001 الى 2003 بتهمة التواطؤ مع انقلابيين. وحاول حينها عمر البشير الابتعاد عن المتطرفين الاسلاميين وتدارك علاقاته السيئة مع جيرانه والمجتمع الدولي.

وفي عام 2005 فاجأ البشير الجميع بالسماح لحكومته بالتوقيع على اتفاق سلام شامل والتصالح مع متمردي الجنوب وفتح الطريق امام عملية ديمقراطية. لكن بلاده اصبحت تعاني منذ خمس سنوات من حرب اخرى في دارفور اتهم فيها عدد من مسؤولي نظامه بالتورط في جرائم حرب. وقال البشير وقتها «لم نوقع الاتفاق بعد ان انكسرنا، بل وقعناه بينما كنا في عز انتصارنا». ولسنوات رفض البشير نشر قوات حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة في الإقليم المضطرب ـ والآن ثمة تسعة آلاف فقط في إطار قوة مخطط أن تصل إلى 26 ألفا يتم نشرها ـ وكلما وجه الغرب انتقادات لما يجري في الإقليم ازداد البشير وحلفاؤه تشبثا بموقفهم.

وخلال خطاب أمام حشود بادرته بالتحية والهتافات عام 2004 قال البشير «نقول للذين يريدون فرض ضغوط على حكومة الخرطوم إننا سنبقى ثابتين ولن ننحني لأحد إلا الله سبحانه وتعالى». ولا يعرف الكثير عن الحياة الخاصة للزعيم السوداني، وهو ليس لديه أطفال وقد تزوج بامرأة ثانية وهو في الخمسينات من عمره، فقد تزوج البشير أرملة إبراهيم شمس الدين، الذي يعتبر بطلا حربيا في الشمال، وقال إن في ذلك نموذجا يحتذى. لقد سقط الكثير من الرفاق خلال الحرب الأهلية الطويلة، وقد حث البشير القادة على الزواج ثانية حتى تكفل الرعاية لأرامل تلك الحرب.