لبنان: مجلس القضاء الأعلى يطالب بملاحقة النواب ووسائل الإعلام والمحامين المتهجمين عليه

TT

يبدو ان كيل القضاء اللبناني طفح من الحملات التي يتعرض لها من نواب ووسائل اعلام ومحامين والتي لا توفر القضاة ومجلس القضاء الاعلى، ما دفع الاخير الى الانتفاض في خطوة قد تكون الاولى في تاريخ القضاء اللبناني. إذ اصدر امس بياناً شديد اللهجة انتقد فيه «تشدق المتشدقين» و«اقوال شهود الزور». كما غمز من قناة رئيس الجمهورية السابق إميل لحود من دون ان يسميه.

وجاء البيان عقب اجتماع استثنائي عقده مجلس القضاء الاعلى برئاسة رئيسه القاضي انطوان خير وحضور الاعضاء. وحض المجلس النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا على «اجراء الملاحقات التي يراها مناسبة». ودعا القضاة الى جمعية عمومية تعقد ظهر الخميس المقبل لمتابعة الموضوع.

وبعدما اشار الى «فوضى بعض المعالجات والاستهتار بأبسط القواعد القانونية وبالمستلزمات البديهية للاخلاقيات» اعتبر المجلس في بيانه ان «القوانين النافذة نصت على حصانات معينة بغية احترام الناس لها والتمتع بها في سبيل الوصول الى الحقيقة». وقال: «اذا أعتق القانون رجال الصحافة والاعلام من قيد التوقيف الاحتياطي مثلا فلكي يحافظوا على حرية القول المعطاة لهم في دولة القانون، لا ليتهجموا مجانا على حرمات المواطنين وكراماتهم، وخصوصا إذا كانوا يتولون مهمة القضاء، لا لأن القضاة آلهة أو أصنام، بل لأن القانون فرض عليهم التقيد بحدود موجب التحفظ والبعد عن المهاترات والسياسات الرخيصة والترفع عن الإسفاف الذي هبطت اليه بعض وسائل الاعلام، ويا للاسف. وإذا حفظ القانون للمحامي حقوقا معينة فلكي يتولى حق الدفاع المقدس بكل حرية، ويترافع امام المحاكم لا على شاشات التلفزيون في قضايا موكليه. واذا اعطى الدستور نواب الامة حصانة تمكنهم من القيام بوظيفتهم من دون أي إكراه بغية تمثيل المواطنين الذين انتخبوهم، فذلك لا يعني أن ينبري النائب للتهجم على الناس مستعملا حصانته لهذا الغرض، او ان يتناول القضاة ومجلس القضاء الاعلى بالذات بأوصاف تتدنى عن أبسط موجبات التهذيب والتعامل بين الناس». وجاء في البيان: «يهم مجلس القضاء الاعلى ان يؤكد بالنسبة الى التشكيلات التي اوقفها مرجع معين خلافا للقانون، أن الادعاء بان هذا الموقف مبرر لكونها تغمط بعض الطوائف حقها، فذلك لا يصمد أمام تمحيص بسيط لها يسمح للقائم به بأن يرى أنها قومت اعوجاجا كان يسيطر على القضاء قبلها. ولا غرو أن نعيد القول إن أوساط القضاة والمحامين قابلتها بالترحيب واستهجنت ايقاف العمل بها وإبقاء نحو مائة قاض من دون عمل ما، ينم على الاقل عن فقدان الشعور بالمسؤولية، هذا مع العلم أن التشكيلات المذكورة قد صدرت بإجماع أعضاء المجلس».

واضاف: «إن مجلس القضاء الاعلى لن يستعمل أي وسيلة للتستر على قضاة مرتكبين. وان مجال الشكوى مفتوح للجميع، ولكن ضمن الوسائل التي يقرها القانون بغية تقويم الاعوجاج ضمن حدود حفظ الكرامات، لا للتشهير والاتهام الرخيص المفتقر الى الاثبات والتعرض المجاني». وأهاب المجلس بـ«جميع المسؤولين عن الاعلام والصحافة والمحامين الذي يتجاوزون حدود ممارسة مهمتهم ورجال السياسة الذين يسمحون لانفسهم بتناول القضاء لاغراضهم السياسية والانتخابية، أن يكفوا عن ذلك احتراما لعدالة لا تقوم دولة القانون من دونها». واضاف: «قرر المجلس الطلب الى المدعي العام التمييزي القيام بالملاحقات القضائية اللازمة. كما أهاب بنقابتي المحامين اتخاذ ما يلزم من تدابير لوقف تعامل بعض المحامين مع القضاء بهذه الطريقة المستهجنة والمنافية لآداب المهنة».