لبنان: حكومة العهد الأولى متواضعة المهام والاقتصاديون يحصرون مطالبهم بتثبيت الاستقرار

TT

لا يعلق الاقتصاديون آمالاً كبيرة على الحكومة الاولى لعهد الرئيس ميشال سليمان، فهي تجمع الاضداد سياسياً وولايتها الفعلية تمتد فقط لتسعة اشهر تدخل بعدها البلاد في «استحقاق» الانتخابات النيابية التي تليها استقالة فورية للحكومة.

لكن ما يلح عليه الاقتصاديون في زياراتهم البروتوكولية للرؤساء يتركز حصراً في طلب الاستقرار السياسي وتثبيت ركائزه من خلال حوار وطني شامل يديره رئيس الجمهورية بهدف استيعاب الاختلالات غير العادية التي طرأت في فترة النزاع وأفضت الى حوادث مؤلمة كان اعنفها جولة القتال في مايو (ايار) الماضي، ما ترك انعكاسات مباشرة وغير مباشرة اشد ايلاماً على حركة الاقتصاد ومناخ الاستثمار.

واذ يرحب رئيس الهيئات الاقتصادية اللبنانية عدنان القصار بتشكيل الحكومة التي ولدت ـ على حد تعبيره ـ بعد «مخاض عسير» يقول: «اخيراً تشكلت الحكومة الاولى للعهد الجديد. وتنفس اللبنانيون الصعداء بعد ان طالت عملية التأليف الى حد صار الامر يتهدد الامن والاستقرار السياسيين. والحق ان ولادة الحكومة هي خطوة اساسية نحو تطبيع الوضع اللبناني الذي كان شهد ازمات متلاحقة طوال الاعوام الثلاثة المنصرمة. وقد جاء اتفاق الدوحة ليوقف الانحدار نحو المجهول وليؤشر الى ان ثمة طريقاً آخر غير طريق المواجهة والتقاتل يمكن ولوجه من اجل حل الخلافات التي تباعد بين القيادات السياسية اللبنانية».

واضاف: «مع ان عمر الحكومة لن يكون طويلاً، وبالتالي فإن مهماتها ستكون محددة بالزمن، فان حكومة تأتي بعد ازمة كبيرة وخطيرة وتكون اولى حكومات عهد جديد اتى تحت شعار التوافق بشخص الرئيس ميشال سليمان، فإن مسؤوليات كبرى ستكون ملقاة على عاتقها، بدءاً بتثبيت الاستقرار الامني بحزم، ثم معاونة الرئيس سليمان على عقد طاولة الحوار لوضع كل الخلافات على طاولة النقاش الصريح والصادق، ثم مع انطلاق عجلة العمل بالمؤسسات على مختلف المستويات والتحضير لاعادة العمل ببرنامج باريس ـ 3 والتصدي لمختلف الملفات الاقتصادية والاجتماعية الطارئة، واخيراً وليس آخراً التحضير لانتخابات نيابية شفافة ونزيهة».

وبحسب مصادر اقتصادية مسؤولة، فان لقاءات العماد سليمان برؤساء الهيئات الاقتصادية افضت الى نظرة تفاؤلية بامكانية حصول نهوض اقتصادي قوي خلال الفترة المقبلة يشمل غالبية القطاعات من دون الحاجة الفعلية الى جهود حكومية كبيرة باستثناء ما يتعلق بمعالجة ازمة الكهرباء وانهاء ملف تصحيح الاجور وتحسين اداء القضاء والمحاكم، فضلاً عن الدفع في اتجاه اقرار مشاريع قوانين الموازنة للاعوام الثلاثة الماضية المحالة الى المجلس النيابي ومشاريع القوانين ذات الصلة بتأمين انسياب مساعدات وقروض تم التزامها في مؤتمر «باريس ـ3» وإحالة مشروع موازنة العام 2009 في موعدها الدستوري خلال الخريف المقبل.

ويعزز التفاؤل الاقتصادي مباشرة مؤسسات مالية وتصنيف دولية إعادة النظر في تقويماتها السابقة للاوضاع اللبنانية ومسار النمو، وكذلك الامر في المؤسسات المحلية في مقدمها البنك المركزي. وثمة توافق في الترقبات على توقع نمو اقتصادي يزيد عن 5 في المائة هذا العام. خصوصاً بعد رصد الانتعاش الجيد الذي يحققه القطاع السياحي ومثله القطاعان الخدماتي والاستهلاكي والارتفاع القياسي المتواصل للاسهم والاوراق المالية اللبنانية المدرجة في بورصة بيروت وبورصات خارجية. وعلى خط مواز، يسجل القطاع المصرفي اللبناني نمواً نوعياً يتجاوز نسبة 13 في المائة سنوياً في مؤشراته الاساسية. ويصل الى 30 في المائة في بند القروض والتمويل. وهذا ما دفع الموجودات المصرفية الاجمالية الى نحو 87 مليار دولار.