الجلسة الأولى لمؤتمر العالمي للحوار: اتفاق المشاركين أن أزمات العالم سببها ليس دين الإنسان بل الإنسان نفسه

جلسة اليوم تناقش قضايا المخدرات ومستقبل الحوار بين سكان الأرض

TT

بعد مرور المشاركين بيوم طويل في أولى أيام أعمال المؤتمر العالمي للحوار في العاصمة الاسبانية مدريد، جاءت وتيرة الجلسة الأولى تحت عنوان «الحوار وأصوله الدينية والحضارية»، التي تناولت أربع أوراق عمل عن الحوار في الإسلام والمسيحية واليهودية والمعتقدات الشرقية، هادئة ومركزة في تعريف المتحدثين بدياناتهم للآخرين، والاتفاق على أن جميع الديانات تدعو لسلام البشرية. بالإضافة إلى تأكيد كافة المتحدثين، أن أسباب الصراع والحروب والفقر والمرض في العالم، ليس دين الإنسان، بل هو الإنسان نفسه، والدعوة إلى ضرورة إيجاد منهجية مشتركة للبت في القضايا المشتركة بين شعوب الأرض.

كما شهدت الجلسة الأولى تغيرا مفاجئا في جدول المؤتمر المعلن، بعد حلول الدكتور نجيب جبرائيل، رئيس الاتحاد المصري للحريات، متحدثا في محور «الحوار في المسيحية» بدلاً عن الدكتور طارق متري وزير الثقافة اللبناني، وعضو مجلس الكنائس العالمي.

وكانت أولى أوراق عمل الجلسة الأولى، التي ترأسها الدكتور باواجين الأمين العام لقمة السلام الألفية لزعماء الأديان في الأمم المتحدة، بورقة الدكتور حسين حامد بعنوان «الحوار في الإسلام»، والتي تحدث عن مفهوم الحوار وأشكالها، إضافة إلى استناده إلى بعض القصص من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، التي تؤكد نظرة الدين الإسلامي للآخر.

ومن أبرز لقطات الجلسة الأولى، كان حديث الحاخام اليهودي آرثر شناير، الذي تناول مفهوم الحوار في اليهودية، عن تجربته في الاتحاد السوفياتي سابقا، ومواجهته للقمع ضد الأديان السماوية.

وكان أبرز علامات التسامح في الجلسة الأولى، الاستشهاد بالكتب والمعتقدات لأتباع الديانات، بحيث استشهد المتحدث الرابع الدكتور م.م فرما بالقرآن الكريم والإنجيل، وكذلك الحال بالنسبة للدكتور جبرائيل، والحاخام شناير، والدكتور حسين حامد، الذي استشهد بالإنجيل والتوراة، إضافة إلى إدراج أكاديمي ياباني مسلم، تخرج من جامعة الإمام محمد بن سعود، وذكر رواية طريفة عن اعتقاد بعض اليابانيين بأن قبر السيد المسيح في اليابان.

وكان الدكتور حسين حامد حسان، المراقب الشرعي في بنك دبي الإسلامي، أول المتحدثين، حيث قدم ملخصاً لورقته المقدمة بعنوان «لحوار في الإسلام»، أكد فيها على أصالة منهج الحوار في الإسلام انطلاقاً من قوله تعالى: «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين»، ورأى في هذه الآية وغيرها دعوة لحسن التعايش مع الآخرين ومسالمتهم والحفاظ على حقوقهم، مبيناً أن الجهاد مشروع لرد العدوان ولغيره من المقاصد المشروعة، مقدما نماذج من تاريخ المسلمين في التعايش الآمن والإيجابي مع الآخرين. أما المتحدث الثاني فكان الدكتور نجيب جبرائيل، رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان، فقدم ملخصاً لورقته المقدمة بعنوان «الحوار في المسيحية» أكد فيها أن جوهر الأديان، المحبة ومكارم الأخلاق ورفض الظلم، فهذه قواسم مشتركة متفق عليها بين بني الإنسان، مما يؤكد فطريتها وأصالتها في الحياة الإنسانية. وخلص إلى القول إن الاقتتال والصراع ليسا نتاجاً دينياً، بل هما بفعل البشر وبسبب أنانيتهم. وأكد الدكتور نجيب أن الحوار لن يقبل إذا كان مشروطاً أو لازمه الاستعلاء والفوقية، وأنه وسيلة لا غنى عنها للوصول إلى الأهداف الإنسانية السامية. وأكد ضرورة احترام الخصوصية الدينية والثقافية للآخرين، وحذر من أن يؤدي الاختلاف إلى الخلاف الذي سيدخل البشرية في دوامة الصراع، ثم قدم آليات لتطوير الحوار دعا من خلالها إلى استخدام الموعظة الحسنة في الدعوة، وبحث نقاط الاختلاف وتكريس حقوق الإنسان والعمل، وطالب بإنشاء لجنة تنبثق عن المؤتمر تعالج الخلافات والمشكلات، ودعا إلى إنشاء مرصد بإشراف الرابطة يتولى رصد الانتهاكات للحقوق الدينية، وتتمثل في عضويته جميع الأديان، ودعا إلى تشجيع ثقافة التسامح وقبول الآخر والسلام، فهذا فقط فيه ضمان مستقبل أبنائنا. ثم تحدث الحاخام آرثر شناير، مؤسس ورئيس مؤسسة نداء الضمير في أميركا، حول «الحوار في اليهودية» معرباً عن شكره لخادم الحرمين الشريفين لرعايته للمؤتمر، وعلى الأبعاد الرحبة التي أضفاها على هذا المؤتمر، كما شكر الملك خوان كارلوس لاستقبال إسبانيا لهذا المؤتمر الكبير، وأكد أن الحوار ضرورة لا خيار في الإصرار عليها. ثم تحدث عن اليهودية، مبيناً أنها تدعو في نصوصها المقدسة إلى الحوار مع الآخرين وإلى معاملتهم أطيب معاملة، وأكد رفضه ورفض العقلاء وأهل الأديان لفكرة التصادم بين الحضارات، وأنه يخالف ما أراده الله منا في تعايش وتآلف. وعبر الحاخام عن تفاؤله بقرب نهاية الصراعات، وأن يسود التفاهم علاقاتنا، وأن علينا الشروع في مد الجسور بين الحضارات، ورفض الظلم والعنف والكراهية والعنصرية، وكذلك إدانة ما يتعرض له الإسلام من هجوم في وسائل الإعلام. ثم تحدث الدكتور م.م.فرما، مدير مؤسسة الحوار العالمية في الهند، ملخصاً ورقته التي عنونها«الحوار مع المعتقدات الشرقية» ب قناعته بوجود طائفة من القيم الإنسانية السلمية في كل الأديان. وأن الحوار يهدف إلى إشاعة الحب والسلام ووقف ثقافة الكراهية التي تلبس أحيانا بلبوس الدين.

يشار إلى أن المتحدثين في الجلسة الأولى، هم الدكتور حسين حامد حسان، المراقب الشرعي في بنك دبي الإسلامي، والدكتور نجيب جبرائيل رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان، والحاخام شناير مؤسس ورئيس مؤسسة نداء الضمير في الولايات المتحدة، والبروفيسور م. م. فرما مدير مؤسسة الحوار العالمية في الهند.

ويشهد اليوم الخميس انعقاد ثلاث جلسات رئيسية، بحيث تقدم الجلسة الأولى وهي بعنوان «الحوار وأهميته في المجتمع الإنساني»، ويترأسها الدكتور صالح بن حميد، رئيس مجلس الشورى السعودي، أربع أوراق عمل.

وأولى تلك الأوراق تتناول موضوع «الحوار وتواصل الحضارات والثقافات» لنيتشكو نيوانو رئيس لجنة اليابان في مجلس البرلمان العالمي للدين والسلام، يليه الدكتور عبد الهادي التازي بورقة عمل «الحوار وأثره في العلاقات الدولية»، ثم ورقة عمل بعنوان «أثر الأديان في إشاعة الأخلاق في العالم» لرئيس برلمان الفلبين السابق خوسيه دفينشيا، وتختتم بورقة عمل للدكتور رضوان السيد، وهو رئيس المعهد العالمي للدراسات الإسلامية، بالحديث عن «الحوار في مواجهة دعوات الصراع ونهاية التاريخ».

إلى ذلك يناقش المؤتمر اليوم من خلال جلسته الثالثة، المشترك الإنساني في مجالات الحوار، وهو المحور الثالث، ويرأس الجلسة الدكتور وليم فندلي، الأمين العام للمؤتمر الديني للسلام، وتقدم خلال الجلسة أربع أوارق عمل تبدأ بورقة عمل للدكتور نهاد عوض، المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الإسلامية الأميركية حول «الواقع الأخلاقي في المجتمع الإنساني المعاصر»، بينما تتناول ورقة العمل الثانية «أهمية الدين والقيم في مكافحة الجرائم والمخدرات والفساد» للشيخ محمد علي تسخيري، الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب في إيران، أما ورقة العمل الثالثة وهي بعنوان «الدين والأسرة وعلاقتهما في استقرار الإنسان» فيقدمها شنكر أجاريا أونكا، زعيم فرقة «سناتن دهرم» (الفئة النبيلة)، وآخر أوراق العمل بعنوان «حماية البيئة واجب إنساني مشترك»، للقس ميكائيل أنجل، رئيس المعهد البابوي للدراسات العربية في الفاتيكان.

ويختتم ثاني أعمال مؤتمر الحوار العالمي بنقاش المحور الرابع عن الحوار وتقويمه، ويرأس الجلسة الحاخام كلاوديو إيلمن، الأمين العام للمؤتمر اليهودي في أميركا اللاتينية والكاريبي. ويتوقع أن تشهد الجلسة نقاشات مهمة كونها تتناول في أوراق العمل، مواضيع «الحوار الإسلامي ـ المسيحي ـ اليهودي.. مستقبله وآفاقه» وكذلك الحوار مع المعتقدات الشرقية وتناول جهود الدول والمنظمات في تعزيز الحوار، واثر الحوار في التعايش السلمي. ومن بين المتحدثين في الجلسة الختامية في اليوم الثاني الدكتور عز الدين إبراهيم مستشار رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة للشؤون الثقافية، والراهب شيو جنغ نائب رئيس الجمعية البوذية الصينية، وكذلك البروفيسور فيديريكو تاراغوتا النائب في البرلمان الأوروبي.