احتفال حاشد بعبور عميد الأسرى سمير القنطار ورفاقه إلى أرض الجنوب

حزب الله لم يكشف مصيرالجنديين إلا في الناقورة

عميد الأسرى اللبنانيين سمير القنطار يمسح دموعه خلال حفل الاستقبال الذي أقيم له ورفاقه أمس (أ.ب)
TT

اعلن رئيس لجنة الارتباط والتنسيق في حزب الله، وفيق صفا، قبيل الساعة العاشرة صباح أمس، بدء تنفيذ عملية الرضوان لتبادل الاسرى والمعتقلين، كاشفا للمرة الاولى مصير الجنديين الإسرائيليين اللذين أسرهما الحزب في 12 يوليو (تموز)2006 والذي تمثل بصندوقين خشبيين ضما جثتيهما. وبخلاف ما تردد شملت عملية التبادل بالاضافة إلى سمير القنطار، وكل من محمد سرور وماهر كوراني وحسين سليمان وخضر زيدان، جثامين الشهيدة دلال المغربي وأفراد مجموعتها. وكان يوم أمس في الجنوب يوما وطنيا حظي باهتمام عربي وغربي إقليمي ودولي، خصوصا أن العملية تأتي نتيجة لمفاوضات غير مباشرة استمرت منذ انتهاء حرب تموز (يوليو) وحتى أمس برعاية الأمم المتحدة.

وقال صفا، الذي كان قد وصل عند الساعة التاسعة إلا ثلثا إلى الناقورة في جنوب لبنان في موكب مموه، «نقوم اليوم والآن بتسليم الجنديين الاسرائيليين الاسيرين اللذين اسرتهما المقاومة الاسلامية في 12 يوليو (تموز) 2006، اللذين بقي مصيرهما مجهولا حتى هذه اللحظة رغم الحرب التي شنت علينا من اجل استعادتهما، ورغم الضغوط التي مورست علينا من اجل كشف المصير، اليوم نقوم بتسليم ايهود غولدفاسر والداد ريغيف الى رئيس اللجنة الدولية للصليب الاحمر الدولي، والآن سيتم كشف المصير». وعندها توجه الحضور الى سيارات موكب حزب الله حيث أنزل نعشان وضع فيهما الجنديان مما اكد اخيراً انهما في عداد الاموات. وسلم صفا عند الساعة العشرة إلا ربعا جثتي الجنديين المخطوفين الداد ريغيف وايهود غولدفاسر الى الصليب الاحمر الدولي. وأظهرت فحوص الحمض النووي التي أجريت في الناقورة ان الجثتين تعودان فعلا للجنديين الاسرائيليين. وكانت مسؤولة قسم النشر والإعلام في اللجنة الدولية للصليب الاحمر، جيسي شاهين، قد قالت «ان عملية التبادل بدأت مراسمها عند التاسعة صباحا حيث تسلم رئيس البعثة الدولية جوردي رايك رسالة من حزب الله لا نعرف مضمونها». وكشفت في وقت لاحق ان الاسرى الاحياء لا يزالون داخل مخيم عسكري اسرائيلي قرب الحدود. ورافقت وصول الاسرى والجثامين الى قرب بوابة رأس الناقورة من الجانب الاسرائيلي اجراءات امنية مشددة بعدما أعلن عن تحرك موكب الأسرى اللبنانيين الخمسة، سمير القنطار وخضر زيدان وماهر كوراني وحسين سليمان ومحمد سرور، من أحد مراكز الجيش إلى مخيم عسكري إسرائيلي قرب الحدود. وعند العاشرة الا خمس دقائق، نقلت سيارات تابعة للصليب الاحمر الدولي نعشي الجنديين الاسرائيليين باتجاه الاراضي الفلسطينية لتسليمهما الى اسرائيل، وتسلم حزب الله من الصليب الاحمر الدولي 12 جثة من الجانب الاسرائيلي، بينها 8 تعود لمقاتلي حزب الله سقطوا خلال حرب تموز 2006، بالاضافة الى رفات دلال المغربي و3 من أفراد مجموعتها. وفي خطوة لم تكن معلنة سلم حزب الله الصليب الأحمر أشلاء تعود لجنود إسرائيليين من حرب تموز.

وأنزلت الجثامين عند معبر الناقورة حيث عملت الهيئة الصحية الاسلامية على تجهيز الجثث في نعوش معدة مسبقا لفت بالعلم اللبناني. ورجحت مصادر حزب الله ان لا تنقل أي من جثامين الشهداء اليوم الى بيروت الى حين استكمال كل التدابير الميدانية التي تسهل عملية توزيع الجثث على أهلها لتوارى الثرى لاحقا. ورفعت وحدات الجيش الاسرائيلي مستوى تدابيرها الامنية على طول الخط الازرق، فقد شوهدت الدوريات المؤللة والراجلة على الطرف الاخر من الحدود وعلى غير عادتها، فيما انتشرت قوات اليونيفيل على طول الخط الساحلي، وأقيمت حواجز مكثفة للجيش اللبناني على طول الطريق الساحلية. وفي ساحة الناقورة سجل حضور كثيف لعدد من الكشافة وفرق الكشافة الموسيقية التي احتفلت باستقبال الاسرى والجثامين. وتقاطر الأهالي منذ الصباح الباكر في اتجاه الناقورة، فيما اتخذت القوى الامنية اللبنانية والجيش اللبناني تدابير احترازية على طول الخط الساحلي، لتنظيم حركة مرور المشاركين وحفظ الامن. وبدأت عند الرابعة من بعد ظهر أمس مراسم استقبال جثامين الشهداء في الناقورة. وشاركت في الاستقبال شخصيات تمثل حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر والحزب الشيوعي اللبناني والسوري القومي الاجتماعي وأحزاباً من المعارضة وتنظيمات فلسطينية ورجال دين. وتأخر تسليم القنطار ورفاقه إلى الصليب الأحمر الدولي حتى الساعة الخامسة والنصف عصراً وهو ما وضعته مصادر المقاومة في إطار المماطلة الإسرائيلية، وترافق وصول القنطار إلى الناقورة مع أصوات الموسيقى الاحتفالية والأغاني الحماسية. وفور ترجل القنطار من سيارة الصليب الأحمر الدولي شق طريقه بصعوبة بين الذين احتشدوا لعناقه أو لتحيته أو حتى لرؤيته من بعيد، وكانت الفرحة بادية على وجوه الجميع. القنطار كان ينظر حوله عله يلمح من بعيد شاطئ مدينة صور الذي انطلق منه قبل 29 عاما ليعود اليوم مبتسما على رأس مجوعة تضم 4 مقاتلين من حزب الله .

سار القنطار ورفاقه على السجاد الأحمر بلباسهم العسكري (بدلوا ثيابهم عند معبر الناقورة)، تتقدمهم أعلام لبنان وفلسطين وراية حزب الله على وقع الموسيقى العسكرية إلى حيث كان في انتظارهم النواب ايوب حميد، علي خريس، عبد المجيد صالح، علي بزي، حسن فضل الله، محمد حيد، وحسن حب الله، واسامة سعد، والنائب السابق ناصر قنديل، ومحافظ الجنوب مالك عبد الخالق والمدير العام للأمن العام اللواء وفيق جزيني، وممثل قيادة الجيش رئيس فرع المخابرات في الجنوب الجيش العميد عباس ابراهيم، ومسؤولون من حزب الله، وعدد من الفاعليات والقيادات الحزبية والسياسية والدينية والامنية والعسكرية وقادة الفصائل الفلسطينية. ومن على المنصة لوح القنطار ورفاقه للحشود التي كانت بانتظارهم منذ الصباح. وكانت ثلاث طائرات مروحية في الناقورة بانتظار الاسرى المحررين نقلتهم الى مطار بيروت الدولي حيث أقيم لهم احتفال الاستقبال الرسمي. واحتفاء بتحرير الاسرى من السجون الاسرائيلية واستعادة جثامين الشهداء، وتنفيذا لمذكرة رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة، توقف العمل في كل الادارات والمصارف في مختلف المناطق اللبنانية. وفي مناطق صور والنبطية رفع كل من حزب الله وحركة أمل والحزب الشيوعي والقومي السوري والبعث العربي الاشتراكي مئات اللافتات المرحبة بعودة الأسرى المحررين وجثامين الشهداء، وأقيمت في المدن والقرى حواجز محبة وزعت الحلوى على المواطنين. فيما بدأت بلدة المروانية احتفالاتها لاستقبال ابنها المقاوم خضر زيدان الذي أسرته القوات الإسرائيلية في وادي الحجير في حرب تموز (يوليو) 2006. مدينة صيدا لم تنم وقد ازدانت مداخلها الشرقية والساحلية وشوارعها صباح أمس بالاعلام اللبنانية وأعلام التنظيم الشعبي الناصري، استعدادا لاستقبال الاسرى المحررين اللبنانيين والفلسطينيين. وحملت اللافتات التي رحبت بعودة الاسرى المحررين وفي مقدمهم عميد الاسرى سمير القنطار اسماء الجهات والاحزاب والهيئات وخصوصا المقاومة الاسلامية والتنظيم الشعبي الناصري والحزب الديمقراطي الشعبي والجماعة الاسلامية ومؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة واللقاء الوطني الديمقراطي ولجنة اهالي المفقودين. وترافقت هذه التحضيرات مع اجراءات امنية لقوى الجيش اللبناني والقوى الامنية والشرطة. على صعيد آخر، اكتملت منذ الصباح الاجراءات والاستعدادات اللوجستية للاحتفال الذي أقامه حزب الله عصرا في ملعب الراية في ضاحية بيروت. ورفعت على طول الطريق الممتد من مطار بيروت الدولي وصولا الى الملعب اللافتات ورايات النصر والاعلام اللبنانية واعلام المقاومة مرحبة بقدوم الاسرى والشهداء. وكانت حركة سير كثيفة قد رصدت من مناطق البقاع والجنوب باتجاه ضاحية بيروت الجنوبية.

من جهتها استعدت عائلة الشهيد يحيى سكاف لاستقبال جثمانه تمهيدا لمواراته الثرى في تراب بلدته بحنين في منطقة المنية، وهي اتخذت بالتعاون مع لجنة أصدقائه وفاعليات المنطقة الإجراءات الأولية المطلوبة لهذا الحدث. وقال جمال سكاف، شقيق يحيى، «اننا ننتظر إبلاغنا بنتيجة الحمض النووي الذي أجري للتأكد من وجود يحيى ضمن جثامين الشهداء، وسنجري له عرسا وطنيا يجسد الوحدة الوطنية في المنية، وإعادة اللحمة إليها».