البرلمان السوداني: البلاد غير منضوية لنظام روما.. وقرار المحكمة مرفوض

ارتياح في الجنوب بعد طلب مدعي المحكمة الجنائية توقيف البشير

TT

قرر المجلس الوطني السوداني (البرلمان) امس رفض التعامل مع المحكمة الجنائية الدولية ومدعيها العام للمحكمة لويس مورينواوكامبو، لأن السودان دولة غير منضوية لنظام روما الأساسي، الذي أنشأ تلك المحكمة في معاهدة دولية ولم يصادق عليها السودان.

وأوضح البرلمان السوداني في قرار أصدره امس بالإجماع في نهاية جلسة تم تخصيصها لمناقشة تداعيات مذكرة التوقيف التي أصدرتها المحكمة مؤخرا بحق الرئيس السوداني عمر البشير واتهامه بارتكاب جرائم حرب في دارفور، أن اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات الدولية لعام 1969 التي وقع عليها السودان تقتضي باشتراط موافقة العضو وتصديقه علي أي اتفاقية دولية قبل أن تسري أحكامها.

وجدد البرلمان تمسك السودان بحقه في رفض ولاية المحكمة الجنائية الدولية خاصة وأنها ليست من أجهزة الأمم المتحدة أو من الجهات المطلوب منها معاقبة الدول الأعضاء بالأمم المتحدة وفق المادتين (41) و (42) من ميثاق الأمم المتحدة.

ودعا المجلس الوطني الأمم المتحدة إلى تحمل مسؤولياتها الكاملة في التطبيق العادل والكامل لميثاقها، وتوفير الحقوق للبلدان الأعضاء وفق معايير المساواة والعدالة وألا تسمح بأي استغلال لأجهزتها وميثاقها بأن تستخدم بصورة انتقائية في اتخاذ إجراءات غير عادلة ضد أي دولة.

وطالب القرار الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي والمؤتمر الإسلامي والمجالس البرلمانية الإقليمية والدولية والدول الراعية للسلام في السودان، أن تفي بتعهداتها في دفع عملية السلام والوقوف إلى جانب السودان في قضيته الراهنة مع المحكمة الجنائية الدولية وفق مبادئ المسؤولية والعدل.

وأقر البرلمان السوداني، حق السودان في الحفاظ على أمنه وسيادته وحماية مواطنيه، ودعا الحكومة السودانية إلى مضاعفة الجهود لحل مشكلة دارفور حلا نهائيا وعادلا وإنفاذ كافة اتفاقيات السلام الموقعة، كما دعا إلى تماسك الجبهة الداخلية. وأبدى البرلمان قلقه من «الحملة المطردة» لأوكامبو.

ومن جهة أخرى، أصدرت رئاسة الجمهورية السودانية قرارا امس بتكوين لجنة عليا لإدارة الأزمة مع المحكمة الجنائية الدولية وذلك برئاسة الفريق سلفاكير ميارديت النائب الأول لرئيس الجمهورية وعلي عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية رئيسا مناوبا وسبعة أعضاء آخرين.

وتختص اللجنة بوضع خريطة طريق لمناهضة الإجراءات التي اتخذها المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، بكل الوسائل المتاحة المتعارف عليها دبلوماسيا وسياسيا، كما تختص بالتنسيق مع منظمات الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية ومنظمات حقوق الإنسان ودول عدم الانحياز وأي منظمات أخرى، للوقوف مع السودان فيما يتعلق بأي إجراءات اتخذت أو ستتخذ لاحقا من قبل المحكمة الجنائية الدولية.

وتشمل اختصاصات اللجنة أيضا دراسة الجوانب القانونية التي طرحها المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية حول توجيه اتهاماته إلى البشير واتخاذ الإجراءات اللازمة لمناهضتها، إلى جانب إيجاد صيغة تفاهم مع المجتمع الدولي تحول دون حدوث آثار سالبة على اتفاقيات السلام المبرمة، علاوة على تعزيز التراضي الوطني والعمل على تشكيل موقف وطني موحد. وكان مدعي المحكمة الجنائية الدولية كان قد أصدر أول من أمس مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني عمر البشير لاتهامه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور.

وفي جوبا، ابدى سكان جوبا عاصمة جنوب السودان الذي يتمتع بحكم ذاتي جزئي ارتياحهم لطلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو ـ اوكامبو اصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس عمر البشير الذي ما زال شخصية غير محبوبة في الجنوب رغم اتفاق السلام الموقع العام 2005.

ففي شوارع ومقاهي ومطاعم جوبا، يتحدث السكان عن الخطوة التالية ويأملون محاكمة الرئيس البشير، المتهم بارتكاب ابادة جماعية في دارفور، بسبب الجرائم التي يؤكدون انه ارتكبها كذلك في جنوب السودان.

ويقول المحلل السياسي المستقل جيمي كيغن «ليس هناك احد فوق القانون» ويضيف «يجب ان يتحمل البشير مسؤولية افعاله غير الشرعية اثناء الحرب الاهلية (1983ـ2005) في جنوب السودان لأنه مسؤول عن عمليات نزوح وقتل وقعت خلال هذه الفترة».

وانهى اتفاق السلام الشامل العام 2005 حربا استمرت 21 عاما وأدت الى مقتل مليوني شخص ونزوح ستة ملايين آخرين، وفقا لبعض التقديرات. ومنذ بدء تطبيق هذا الاتفاق، يحظى الجنوب بحكم ذاتي جزئي ويشارك قادته في حكومة الوحدة الوطنية السودانية. ولكن الجنوبيين يحملون البشير وأنصاره مسؤولية التأخير في تطبيق بنود عدة في اتفاق السلام الشامل.

ويقول مدير احدى الاذاعات في جنوب السودان جوزيف اونيوالا ان طلب مورينو اوكامبو توقيف البشير سيبعث برسالة قوية الى كل القادة الافارقة. وقال مورينو اوكامبو الاثنين ان البشير يتحمل مسؤولية اعمال قتل واغتصاب ونزوح واعتبر ان البشير نظم بنفسه اعمال «ابادة جماعية في دارفور».