كوماري ماياواتي.. سياسية هندية يعشقها الفقراء

منتقدوها يعتبرونها رمزا للوقاحة المتزايدة والسياسية المجردة من المبادئ

TT

فاجأت كوماري ماياواتي، وهي ابنة لأبوين ممن يسمون بطائفة «المنبوذين» وإحدى أبرز الشخصيات السياسية في الهند، الجميع العام الماضي بفوزها بالأغلبية بالانتخابات في أكبر الولايات الهندية، بعد تحالف سياسي كسبت من خلاله أصوات مختلف الطبقات الاجتماعية الهندية.

وفي الوقت الحالي، ومع اقتراب الانتخابات، يلمع نجم ماياواتي كأهم شخصية سياسية في تاريخ الهند تنتمي لطبقة اجتماعية دنيا. وتدافع ماياواتي عن نفسها كزعيمة سياسية، وامرأة يمكن أن يثق بها الهنود في منصب رئيس الوزراء في يوم من الأيام. وفي الحقيقة، ليس هناك من يجادل حول أهميتها في الساحة السياسية الهندية. ومع أن التقدم الذي يحرزه سياسيو الطبقات الاجتماعية الدنيا مثل ماياواتي، قد ساهم في إعادة تشكيل الأوضاع السياسية في الهند على مدى عشرين عاما، لم يؤثر أي سياسي من هذه الطبقات في النظام السياسي التقليدي في الهند بنفس القدر الذي فعلت ماياواتي. يمثل المنبوذون نحو 16 في المائة من السكان في الهند، وكانوا يبقون بصورة تقليدية في ذيل المجتمع الهندي. وتترأس ماياواتي الآن حكومة ولاية «أوتار براديش»، وهي إحدى الولايات الهندية الشمالية ويبلغ عدد سكانها أكثر من 160 مليون شخص. ويرى مؤيدوها أن تقدم هذه المرأة غير المتزوجة والتي تبلغ من العمر 52 عاما، بمثابة انتصار للديمقراطية في الهند على التقاليد الطبقية المحافظة. وينظر إليها منتقدوها على أنها رمز للوقاحة المتزايدة والسياسة المجردة من المبادئ، وتُوجه إليها اتهامات بالولع بالتباهي والتفاخر والفساد والاستعداد لعقد صفقات مع أي شخص يمكن أن يساعدها على تحقيق تقدم فيما يتعلق بطموحاتها السياسية. وتميزت ماياواتي بمهاراتها العالية في عقد تحالفات مع الطبقات الاجتماعية الأعلى، ومن موقعها في قيادة الحكومة في ولاية «اوتار براديش»، قامت بالترويج لأجندة طموحة تهدف إلى جذب مختلف الطبقات، ومن أبرز مطالبها بناء طريق سريع مكون من ثماني حارات وتحسين أداء الشرطة وتعزيز الاستثمارات الخاصة من أجل تقليل معدلات الفقر. يقول أجوي بوس، وهو مؤلف سيرة ذاتية حول ماياواتي نشرتها مؤخرا «بنجوين بوكس إنديا»: «إنها شخصية ابتكارية، من الواضح أنه سيكون لها دور كبير في الحياة في الهند». منذ أعوام قليلة على سبيل المثال، بدأت ماياواتي حملة نيابة عن القومي الراديكالي ناريدرا مودي، بينما هذا الأسبوع شوهدت تستعد للوقوف مع القادة الشيوعيين في إطار تحالف محتمل ضد التحالف الذي يقوده حزب المؤتمر الحاكم. وفي بلد تؤثر الطبقات الاجتماعية على الطريقة التي يصوت بها الناخبون، يجب الانتظار حتى نرى ما إذا كانت إستراتيجية ماياواتي التي تستهدف مختلف الطبقات سيكون لها صداها على نطاق واسع وما إذا كان حزب «باهوجان ساماج» الذي تتزعمه سيتمكن من الانتشار في الهند. احتجت على سؤال حول المنصب الذي تتوقع أن تكون فيه بعد أعوام قليلة، وقالت إنها تهدف إلى أن تقوم في الهند بما تمكنت من القيام به في ولايتها «أوتار براديش». وأضافت، بنبرة تباهي: «الآن، المواطنون في باقي الهند يشاهدون ما يحدث في أوتار براديش». ولدت ماياواتي في عائلة كانت تكلف بالقيام بمشغولات جلدية، ولذا كانت محرومة من مشاركة أفراد الطبقات الأعلى في حفلات تناول الشاي أو في آبار المياه. بعد ذلك أصبحت ماياواتي مدرسة وتمكنت من الحصول على درجة علمية في القانون ثم كرست حياتها لحزبها. سارت ماياواتي على نهج حزب المؤتمر الهندي فيما يتعلق بمقوماته التقليدية – المنبوذين، خاصة المسلمين والبراهمين. وتميز حكم ماياواتي لولاية «أوتار براديش» بأعمال لها مغزى سياسي كبير. فقد أمرت بإلقاء القبض على زعماء الجريمة المنظمة، مع مجموعة من المجرمين الأعضاء في حزبها، وكانت تهدف من ذلك توجيه رسالة مفادها أن الشرطة ستكون حرة اليد في القيام بوظيفتها. كما قامت بوضع تماثيل ضخة للشخصيات البارزة من طائفة «الداليت» في قلب عاصمة الولاية، ومن بين هذه التماثيل تمثال لها شخصيا.

وفي الواقع، فإن الفساد هو أكثر الانتقادات خطورة ضد ماياواتي، وكانت آخر الاتهامات ذات الصلة هذا الشهر وقد ظهرت في تسريبات منتقاة للوسائل الإعلام الإخبارية. واتهم مكتب التحقيقات المركزي، وهو أعلى هيئة لتطبيق القانون في الهند، ماياواتي وعددا من أقاربها بتكديس 2.4 مليون دولار في صورة عقارات، من بينها فيلا في نيودلهي، بالإضافة إلى 1.2 مليون دولار في حسابات بنكية. وعلى الفور استنكرت ماياواتي الاتهامات وقالت إنه ثمة دوافع سياسية خلفها. ويصفها بعض مناصريها من طائفة «الداليت» بأنها «إلهة». وفي العديد من المقابلات الشخصية في كافة أنحاء الولاية، قال الكثيرون إنهم يشعرون بالفخر لأن واحدة من «الداليت» تحكم الولاية. وأضافوا إنها شجعتهم على توجيه شكاوى إلى السلطات بخصوص جرائم معينة أو على السعي للاستفادة من خدمات الولاية.

* خدمة «نيويورك تايمز»