دبلوماسي مصري سابق في إسرائيل: اتصال مروان بالموساد كان بعلم السلطات المصرية.. وهو رجل وطني حتى النخاع

جنرال إسرائيلي يخضع للتحقيق بتهمة تسريب اسم أشرف مروان كعميل مزدوج

TT

في حين عادت قضية رجل الاعمال المصري أشرف مروان الذي قضى في ظروف مبهمة في لندن العام الماضي الى واجهة الاحداث مجددا، رجّح حسن عيسى الدبلوماسي المصري السابق في إسرائيل والذي يقول انه كان على معرفة شخصية بمروان، ان يكون رجل الاعمال المصري قد دخل على اتصال بالموساد، قائلا في الوقت نفسه لـ«الشرق الأوسط» إن الامر تم بعلم السلطات المصرية وانه كان «وطنيا الى النخاع». وكان قد كشف النقاب في تل أبيب امس عن أن جهاز المخابرات العامة (الشاباك) يجري تحقيقا مع الجنرال ايلي زعيرا، القائد الأسبق لدائرة المخابرات في الجيش الاسرائيلي، للاشتباه بأنه أذاع سرا أمنيا اسرائيليا خطيرا، عندما كشف اسم رجل الأعمال المصري أشرف مروان كعميل مزدوج للمخابرات الاسرائيلية والمصرية.

وجاء في وسائل الاعلام الاسرائيلية في اليومين الأخيرين ان الشبهات حول زعيرا تدور بشأن كشف اسم مروان في لقاء أجراه مع عدد من الصحافيين الاسرائيليين من دون أن يرجع الى الرقابة العسكرية. وقد رد زعيرا على النشر بالقول انه سعيد بهذا التحقيق، لأن الشبهات ضده تحوم منذ سنوات طويلة، وقد حان الوقت للوصول الى الحقيقة نافيا ان يكون قد كشف اسم مروان.

وبينما لم يتسن حتى وقت متأخر من مساء أمس الحصول على تعليق مصري رسمي على القضية، روى حسن عيسى الذي عمل في السلك الدبلوماسي المصري في اسرائيل لـ«الشرق الاوسط» قائلا «كنت أعرف الدكتور أشرف مروان شخصياً.. هو رجل وطني حتى النخاع.. الأعمال التي قام بها والوظائف والمسؤوليات كانت كلها قريبة من الرئيس (المصري الراحل أنور) السادات، وأي تحركات كانت غالباً بإيعاز وتوجيه من الرئيس السادات. عندما نتكلم عن العميل المزدوج لا يمكن الجزم بصحة الامر او نفيه. هذه أمور متعلقة بالعمل السري.. هذه تحتاج لسنوات للكشف عنها».

وأشار عيسى إلى ما سبق وأعلنه الرئيس المصري حسني مبارك، عقب وفاة مروان في يوليو (تموز) من العام الماضي عن وطنية مروان وانه ادى خدمات جليلة، ونفيه أن يكون مروان عميلا مزدوجا يعمل لحساب إسرائيل، مؤكدا أنه كان وطنيا مخلصا لوطنه وأنه لم يكن جاسوسا لأية جهة.

وأضاف الدبلوماسي المصري السابق في إسرائيل، والذي يشغل في الوقت الحالي رئيس النادي الدبلوماسي المصري، «إسرائيل بين الفينة والاخرى تطمح في إلقاء الضوء على جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) وتثير مثل هذا النوع من القضايا حتى لو كانت نصف حقيقية». وأردف عيسى «قد يكون الدكتور أشرف مروان اتصل بهم (الموساد)، وغالباً اتصل بهم، الإسرائيليون يحوِّرون هذا الاتصال على أنه عمل مزدوج وأنهم كانوا يستغلونه ضد مصر، وانا استبعد الامر نهائياً.. هم (الإسرائيليون) يحاولون إلقاء الضوء على جهازهم (الموساد) ويمجدونه».

والمعروف ان أشرف مروان هو زوج ابنة الرئيس المصري الراحل، جمال عبد الناصر، وأحد كبار مستشاري الرئيس الراحل، أنور السادات. وقد توفي في لندن في السنة الماضية في ظروف غامضة، إذ وجد في ساحة العمارة التي كان يسكنها بعد ان سقط من الشرفة. وما زالت المخابرات والشرطة البريطانية تحققان فيما إذا كان قد انتحر بالسقوط من بيته في العمارة الى الساحة أو أن يكون قد قتل.

وقد نشرت قصته عدة مرات في اسرائيل، كواحدة من أكثر قصص المخابرات اثارة. فقد ادعى الاسرائيليون انه حضر بنفسه الى السفارة الاسرائيلية في لندن في سنة 1969 عارضا التجند للموساد. وقد فحص الاسرائيليون مكانة أشرف مروان، حسب منشوراتهم العديدة، ووجدوا انه شخصية مهمة للغاية فوافقوا على طلباته، واتفقوا معه على نصف الأجر الذي طلبه (125 ألف دولار على كل لقاء). وكان يزودهم بالمعلومات الاستراتيجية، ومنها رسالة الرئيس السادات الى الرئيس السوفياتي في حينه، ليونيد بريجنيف، التي يحتج فيها على عدم تزويده بالسلاح الذي طلبه. ولكن أشهر المعلومات التي قدمها، كما يقول الاسرائيليون، خلال لقائه العاجل بناء على طلبه مع رئيس «الموساد» نفسه، تسفي زمير، يومها. وقد عقد اللقاء في لندن في الخامس من أكتوبر(تشرين الاول) 1973 وأبلغه ان مصر وسورية ستشنان حربا على اسرائيل في اليوم التالي بحسب الرواية الاسرائيلية.

وكان أشرف مروان موضوع خلاف حاد تحول الى عداء شخصي بين رئيس «الموساد» زمير وبين رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، ايلي زعيرا. وقد وصل هذا الخلاف الى القضاء. والتحقيق الجاري في المخابرات الاسرائيلية هو من نتاج هذا الخلاف. فقد رأى زعيرا كل الوقت ان مروان ليس جاسوسا مخلصا لاسرائيل، بل عميل مزدوج تستخدمه المخابرات المصرية من أجل تضليل اسرائيل. وان رسالة بريجنيف هي أكبر دليل على ذلك، حيث ان السادات أراد أن يوهم اسرائيل بأنه لن يقدر على الحرب، والدليل انه اختلف مع بريجنيف وفيما بعد طرد الخبراء السوفيات. ويقول زعيرا في كتاب مذكراته ان مصر حققت أحد أكبر الانتصارات الاستخبارية في التاريخ الحديث للحروب بواسطة هذه الرسالة وما رافقها من اجراءات مثابرة تصب في نفس الاتجاه.