البصرة: أحزاب علمانية تسمي نفسها «الأحزاب المدنية» تفاديا لاتهامات التيارات الدينية

تخشى عقد ندوات مفتوحة.. واستطلاع يكشف اتساع «المد العلماني»

TT

يرى مراقبون للساحة السياسية في البصرة ومحافظات الجنوب اتساع المد العلماني في الشارع وانحسار نفوذ التيارات الدينية التي تحث الخطى للحفاظ على بريقها في الأوساط الشعبية وبين العشائر.

ويعزو المراقبون هذا الاتساع الى «خيبة أمل» الناخب بالأحزاب الدينية المهيمنة حاليا على السلطة التي «سوقت دعايتها الانتخابية في الانتخابات الماضية بعلب أنيقة ممتلئة بالوعود ظهرت خلال الاعوام الماضيه انها فارغة، وأوصلت الناخبين إلى حالة الإحباط، وهم الذين تناسوا مرارة الاحتلال بحلاوة تغيير النظام السابق بنظام ديمقراطي». وقال المحامي نوري الوافي، أمين الحركة الاشتراكية في البصرة، إن «تطور الحراك السياسي باتجاه العلمانية يعود إضافة الى أسباب إخفاق الأحزاب الدينية هو الحراك النشيط للأحزاب الديمقراطية والقومية والاشتراكية بين قطاعات واسعة بالرغم من غياب الأجواء الديمقراطية وعدم اتاحة الحرية للرأي الآخر، إذ لم يستطع أحد من الأحزاب العلمانية عقد ندوات أو حلقات نقاشية واسعة ومفتوحة خشية من بطش ميليشيات الأحزاب الدينية».

وأضاف الوافي لـ«الشرق الأوسط» أن «الأحزاب الدينية بعد ان عجزت عن الترويج لبضاعتها نهجت على اتهام الأحزاب الديمقراطية على اعتبار ان المنهج العلماني يتقاطع مع الدين، وهي مسألة حساسة جدا بين الأوساط الشعبية وفي القرى والأرياف لذا لجأت هذه الأحزاب الى إطلاق تسمية الأحزاب المدنية على نفسها تجنبا لاتهامات الأحزاب الدينية».

وكشف الوافي حالة الانشقاق التي تعرض لها التيار الوطني في البصرة المؤلف من تسعة أحزاب علمانية كان مقررا لها أن تعد قائمة موحدة في الانتخابات القادمة، وقال ان «الأحزاب المؤتلفة رفضت إملاءات بعضها على البعض الآخر، مما أدى إلى تفكك التيار، وان الحركة الاشتراكية التي تأسست عام 1951 وتؤمن بالاشتراكية الدولية وتعد السويد نموذجا لها،  أعدت قائمة انتخابية تضم 37 شخصية مستقلة ومعروفة في الأوساط الاكاديمية والاجتماعية».

وحول تنامي المد العلماني أظهر استفتاء قام به المرصد الاجتماعي العراقي، إحدى منظمات المجتمع المدني المعنية برصد التحولات الاجتماعية الجديدة في العراق، ان «غالبية العراقيين يفضلون حكما علمانيا لبلادهم يحاكي النظام التركي»، وأوضح المرصد على موقعه الالكتروني ان «الاستفتاء شمل أكثر من 300 ألف عراقي من محافظات مختلفة، وان 80 % من المستطلعة آراؤهم يفضلون إقامة نظام حكم علماني في البلد، كحل للخروج بالعراق من دوامة العنف التي يعيشها»، وأكد أن «الغالبية تفضل تقليص نفوذ رجال الدين ومنعهم من التدخل في السياسية، بسبب إخفاقهم في حل المشاكل العراقية على مدار الأعوام الخمسة الماضية». وأشار المرصد إلى إن «نتائج الاستفتاء اوضحت أن 70% من العراقيين يرون أن رجال الدين والمرجعيات الإسلامية الشيعية كانت سببا في إذكاء العنف وطريقا نحو الحرب الأهلية، فيما قال 30% منهم إن بعض رجال الدين كان لهم دور إيجابي في المشكلة العراقية ولا يزال، لكنهم يفضلون الابتعاد عن الأمور السياسية بسبب تعدد طوائف وأديان وأعراق الشعب العراقي». وشمل الاستطلاع مدن بغداد والأنبار والموصل وكربلاء والنجف والبصرة وديالي وكركوك وبابل والعمارة والديوانية.

وتنفي الاحزاب الدينية تلك التهم، ويقول رجال دين انهم حالوا دون دخول العراق في أتون حرب طائفية. وشهدت البصرة الاسبوع الماضي أول مؤتمر للتقارب بين الاديان والطوائف وبحضور العديد من الشخصيات الحكومية والحزبية والدينية لمحاولة تقريب وجهات النظر والتقليل من حجم الخلافات.