«العدالة والتنمية» المغربي المعارض يناقش في مؤتمره أطروحة «الشريعة الاسلامية أسمى قانون»

ترشيح 3 إلى 5 لمنصب الأمين العام.. والعثماني الأوفر حظا

TT

تنطلق اليوم بالرباط أشغال المؤتمر السادس لحزب العدالة والتنمية المغربي المعارض، ذي المرجعية الاسلامية، بمشاركة نحو 1600 مؤتمر، انتخب غالبيتهم من قبل منتسبي الحزب على الصعيد الجهوي (المناطق)، وانضاف اليهم بالصفة ممثلو المنظمات الموازية للحزب.

وقالت مصادر متطابقة لـ«الشرق الأوسط» إن المؤتمرين سيناقشون تقارير، ضمنها ما يرتبط بالجانب السياسي، والأدبي والمالي، والقانون الأساسي الجديد، للتصديق عليها جميعها، مشيرة الى أن الحزب لن يغير من توجهه المذهبي، المستند إلى المرجعية الاسلامية.

وأوضحت المصادر ذاتها أن منتسبي الحزب لا يرون في النهل من قيم الإسلام، أي ضرر، كون دستور البلاد جعل من الاسلام دين الدولة الرسمي، مبرزة أن مؤسس الحزب، عبد الكريم الخطيب، هو من دافع عن صفة إمارة المؤمنين لحماية الدين، ووحدة المذهب المالكي في المغرب.

وأكدت المصادر أن منتسبي الحزب يعتبرون أن جميع الفرقاء السياسيين بالمغرب مسلمون، لذلك لن يتجاوز منتسبو الحزب إشكالية ما يسميه اليساريون «إزدواجية الخطاب السياسي»، الناتج عن توظيف حزب العدالة والتنمية للدين الإسلامي في الممارسة السياسية، لتحقيق أهداف ذاتية محضة تتجلى على الخصوص في رفع سقف استقطاب الشباب خريجي المعاهد التقنية والجامعات، من خلال ترويج خطاب واضح، تستوعبه الفئات الاجتماعية الواسعة.

وأضافت المصادر أن مؤتمري الحزب سيناقشون بشكل مستفيض أطروحة المؤتمر، التي حضرتها القيادة الحالية. وتعتبر هذه الاطروحة أن الوضع السياسي الحالي مشلول، وشهد تعثرا حال دون تحقيق الانتقال الديمقراطي المنشود، لغياب إصلاح مؤسساتي، يرتكز على منح صلاحيات واسعة للبرلمان والحكومة معا، واستشراء ظاهرة الفساد الاداري والانتخابي، وهيمنة اصحاب الاموال، وتراجع العمل الحزبي، لفائدة التقنوقراط.

وأفادت المصادر بأن النقطة الجوهرية التي سوف تستأثر باهتمام منتسبي الحزب هي تلك المرتبطة بمفهوم الشريعة الإسلامية، مؤكدة أن مضمون الاطروحة المعروضة على أنظار المؤتمر تعتبر الشريعة، المصدر الاسمى للقانون، في معناه الواسع، ولا يجوز اختزالها في نظام العقوبات، بدون ان ينفي بالتالي أن يكون نظام العقوبات نفسه جزءا من الشريعة التي يطالب الحزب بجعلها مصدرا اسمى للتشريع.

بيد أن نفس المصادر أكدت أن مناقشة مسألة الشريعة الاسلامية من قبل المؤتمرين وكيفية إنزالها على أرض الواقع المغربي، ليست أمرا جديدا يتداوله مؤتمر حزب العدالة والتنمية، إذ سبق أن تمت مناقشة ذات الموضوع في أكثر من مناسبة حزبية. وقال لحسن الداودي، نائب الامين العام للحزب، لـ«الشرق الأوسط»، إن أهم مستجد سيواجهه المؤتمر السادس المقبل، هو التداول بخصوص تسمية الامين العام الجديد للحزب، مبرزا أن المجلس الوطني الجديد، سيرشح ما بين 3 الى 5 اشخاص للمنصب، وسيتم التداول أمام الملأ للحسم في الاسم الذي سيخلف سعد الدين العثماني، الامين العام الحالي، مشيرا الى أن الجمع العام هو من سيكلف الاعضاء، لتحمل المسؤولية في الأجهزة القيادية، وليس العضو هو من يرشح نفسه.

وبخصوص إمكانية ترشيحه لمنصب الامانة العامة أكد الداودي أنه لا يرغب في تقلد أي منصب قيادي، وقام بتوضيح موقفه هذا لغالبية مؤتمري الحزب، حتى لا يتم ترشيحه من جديد لتحمل المسؤولية في القيادة الحزبية، مشيرا الى انه بلغ من العمر سن التقاعد، ويحبذ أن يبقى عضوا فاعلا في الحزب دون تحمل أي مسؤولية مهما كانت، لوجود طاقات وكفاءات شابة قادرة على إعطاء زخم جديد للحزب، على حد قوله.

وبشأن إمكانية فك الارتباط بين العمل السياسي وبين ما هو دعوي، الذي تمارسه جمعية التوحيد والاصلاح، التي تمد الحزب بالكوادر، نفى الداودي ذلك، وقال «إنه كلام فارغ، فلا وجود لخلط لدى العدالة والتنمية، فهو حزب سياسي واضح الرؤية، وله برنامجه السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ما أهله لاحتلال المراتب الاولى في جميع الاستحقاقات الانتخابية، أما عمل جمعية التوحيد والاصلاح، فيخص أعضاءها».

واعتبر الداودي أن خصوم الحزب السياسيين هم من يطلق هذه الدعاية، كونهم عوض أن ينكبوا على حل مشاكل المغرب القائمة، والمساهمة بقدر المستطاع في ابتكار آليات ناجعة لتطوير الاقتصاد المغربي، ورفع معدل النمو الى 8 في المائة سنويا، ومحاربة الهشاشة الاجتماعية، والفساد بكل اشكاله، وخوض منافسة شريفة في الميدان، فإنهم يلجأون الى تبريرات واهية، لضرب الحزب، وتعطيل مسيرته، مضيفا أنه كلما اشتد الضجيج حول حزبه، إلا وازداد قوة، وتخطى الصعاب، كونه يضم كفاءات، تدافع عن المصلحة العليا للبلاد.

وقلل الداودي من الانعكاسات السلبية الممكن حدوثها جراء انتهاج الحزب أخيرا سياسية الانفتاح على كوادرجديدة، كما وقع لغريمه حزب «الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية» (مشارك في الحكومة)، مؤكدا أن منهجية الانفتاح متحكم فيها، دون ان يعطي المزيد من التفاصيل.

واكتفى الداودي بالقول إنه حاليا لا يمكن تأكيد حدوث تداعيات سلبية على السير العادي لعمل الحزب، لكن الامر يظل متروكا للمستقبل، على حد قوله.

واستبعد الداودي أن يناقش المؤتمرون خيار مشاركة حزبهم في حكومة عباس الفاسي الحالية، في جميع الحالات بما فيها احتمال انسحاب حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي تنتظره جولة ثانية لمؤتمره المؤجل للحسم في انتخاب قيادة الحزب في أكتوبر (تشرين الاول) المقبل.

ومن جهة أخرى، لم تستبعد مصادر على صلة بحزب العدالة والتنمية أن يتم تجديد الثقة بسعد الدين العثماني، لولاية اخرى ، كونه يحظى بثقة جميع منتسبي الحزب، سواء المحسوبين على جناح المتشددين، أو المعتدلين.

ويحتوي القانون الاساسي الجديد، على بعض التعديلات الطفيفة، من قبيل رفع نسبة تمثيلية النساء والشباب في الاجهزة المسيرة للحزب الى 20 في المائة لكل منهما، بدل 15 في المائة، وضم ممثلين عن الجاليات المغربية المقيمة بالخارج الى ذات الاجهزة المسيرة، وإعادة ترتيب انتظام الاعضاء داخل الحزب، على أساس جغرافي، أو مهني، أو فئوي، وفق صيغ يحددها النظام الداخلي للحزب، ومنح صلاحيات للمجلس الوطني الجديد، تتجلى في إقالة الأمين العام، وباقي أعضاء الامانة العامة، أو أحد أعضائها، وإقالة رئيس المجلس الوطني ذاته، وإحداث مكتب للأمانة العامة، يتولى التدبير اليومي للشؤون التنظيمية والمالية والادارية للحزب، وإعادة النظر في طريقة انتخاب الاجهزة المسيرة، ضمنها تأكيد الترشيح الفردي للمناصب الحزبية، الذي سيصبح ممكنا أثناء المؤتمر السابع المزمع عقده عام 2012 .

الى ذلك، سيكلف المؤتمر السادس لحزب العدالة والتنمية مبلغ 3 ملايين درهم (الدولار يساوي 7.1 درهم)، حسب المعطيات الاولية التي قدرتها اللجنة التحضيرية للمؤتمر، كما سيتم اللجوء في سابقة أولى في تاريخ المؤتمرات الحزبية، الى استعمال الحاسوب لانتخاب أعضاء الاجهزة المسيرة للحزب، وسيتابع المواطنون عملية الانتخاب والنتائج المعلنة مباشرة على شاشات كبيرة، ستكون مثبتة في القاعة التي تحتضن المؤتمر.