الصومال: انقسام حاد يهدد مستقبل تحالف المعارضة ورئيسه يرفض الاستقالة

الرئيس الانتقالي يحث على الإسراع مجددا في نشر قوات حفظ سلام دولية

TT

علمت «الشرق الأوسط» أن خلافات حادة وعميقة تسود اجتماعات تحالف المعارضة الصومالية المنعقدة حاليا في العاصمة الاريترية أسمرة بشأن الموقف من اتفاق السلام المنفرد الذي ابرمه الشهر الماضي رئيس التحالف الشيخ شريف شيخ أحمد مع رئيس الحكومة الصومالية العقيد نور حسن حسين(عدي) في جيبوتي برعاية الأمم المتحدة.

وقال مصدر رفيع المستوى في التحالف لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من أسمرة إن الاجتماعات التي ستنتهي غدا ( الاثنين) لم تسفر عن أي اتفاق بين أعضاء التحالف لقبول الاتفاق على الرغم من أن وفدا من تنظيم المحاكم الإسلامية أجرى مؤخرا في اليمن مفاوضات مكثفة مع الشيخ شريف شيخ أحمد لإقناعه بالعدول عن اتفاقه مع الحكومة الصومالية.

وأوضح المصدر الذي طلب عدم تعريفه، أن المفاوضات التي جرت بين وفد المحاكم ورئيس تحالف أسمرة أفضت إلى قبول المحاكم باتفاق جيبوتي شريطة إعادة النظر في بعض بنوده وطلب نشر قوات من دول إسلامية بدلا من الأمم المتحدة للمساعدة على استعادة الأمن والاستقرار المفقودين في الصومال منذ عام 1991.

وابلغ المصدر «الشرق الأوسط» أن الشيخ شريف رئيس التحالف أبرم صفقة مع تنظيم المحاكم لتعديل اتفاق جيبوتي مقابل احتفاظه برئاسته لتحالف المعارضة الذي تأسس العام الماضي، لكنه شدد في المقابل على أن هذه الصفقة مرفوضة من بقية أعضاء التحالف.

ورأى المصدر أنه في حالة تمسك قيادات المحاكم الإسلامية بالشيخ شريف رئيسا للتحالف فان بقية الأطراف الأعضاء في التحالف قد ينشقون ويشكلون جماعة معارضة جديدة.

وكشف النقاب عن أن معظم أعضاء التحالف طالبوا رئيسهم الشيخ شريف شيخ أحمد بتقديم استقالته طواعية من منصبه قبل أن يضطروا لإطاحته، وأضاف «حتى الآن لم يقدم هو استقالته ولم يقتنع التحالف بالمبررات التي طرحها لقبول اتفاق جيبوتي».

وتغيب الشيخ شريف الموجود حاليا في جيبوتي عن اجتماع التحالف الذي يقوده في أسمرة بعدما وجه انتقادات عنيفة إلى الرئيس الاريتري أسياس أفورقي واتهمه خلالها بمحاولة تكريس الانقسام داخل تحالف المعارضة واستخدامه لتنفيذ أجندته الخاصة في منطقة القرن الأفريقي.

من جهة أخرى، أعرب الرئيس الصومالي الانتقالي عبد الله يوسف عن أمله في أن يقرر مجلس الأمن الذي سيجتمع في مدينة نيويورك الأميركية بمقر الأمم المتحدة يوم الأربعاء المقبل بصورة نهائية نشر قوات حفظ سلام دولية في الصومال.

وقال نيكولاس باوكيرا مبعوث الاتحاد الأفريقي الخاص لدى الصومال الذي أنهى مؤخرا زيارة دامت يومين للعاصمة الصومالية مقديشيو في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أن الرئيس الصومالي دعا أيضا الاتحاد الأفريقي إلى المساعدة في نشر هذه القوات، مشيدا بالدور الحيوي الذي لعبته قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي في تحقيق قدر كبير من الاستقرار في الدولة التي دمرتها تماما الحرب الأهلية الطاحنة التي اندلعت منذ عام 1991.

ونقل نيكولاس عن الرئيس الصومالي الذي التقاه خلال زيارته للعاصمة مقديشيو التزامه وحكومته بتنفيذ اتفاق السلام مع تحالف المعارضة.

وشدد نيكولاس على الحاجة الماسة لدعم عمليات الإغاثة الإنسانية في الصومال في أسرع وقت وضمان أمن العاملين في معظم المنظمات الدولية ذات الصلة.

من جهته أعرب أحمد ولد عبد الله مبعوث الأمم المتحدة الخاص بالصومال عن ثقته في إمكانية بزوغ مرحلة جديدة من الأمل والاستقرار في الصومال، لافتا في بيان لـ«الشرق الأوسط» من مقره في العاصمة الكينية نيروبي إلى أن ما تحقق حتى الآن يكشف رغبة الصوماليين بمختلف طوائفهم واتجاهاتهم في دعم المصالحة والعملية السلمية.

واعتبر ولد عبد الله أن المرحلة الراهنة في مسيرة الأزمة الصومالية حساسة وحرجة للغاية، داعيا جميع الأطراف إلى توحيد الجهود ورص الصفوف لاستعادة المكانة الدولية والإقليمية لهذا البلد.

من جهة أخرى، أعربت الأمم المتحدة عن قلقها البالغ حيال التدهور السريع للأوضاع الأمنية لعمال الإغاثة في العاصمة الصومالية مقديشيو، حيث اعتبر مارك بودن، منسق الأمم المتحدة المقيم للشؤون الإنسانية في الصومال أن «استهداف واغتيال موظفي الإغاثة الذين يكافحون لإنقاذ الأرواح وتخفيف المعاناة الإنسانية في إحدى أصعب المناطق في العالم أمر غير معقول ولا يمكن تحمله». ووفقا لبودن فقد وصل عدد موظفي الإغاثة الذين تم اغتيالهم في البلاد حتى الآن إلى 19 موظفا، لافتا إلى أن العنف «شهد تزايدا مستمرا هذا العام وأسفر عن أعداد غير مقبولة من الضحايا المدنيين». وبعدما كشف النقاب عن أن الأمم المتحدة تتخذ إجراءات لحماية موظفيها «مع تمكينهم في نفس الوقت من القيام بأنشطتهم الإنسانية الحيوية»، طالب أيضا الصوماليين بالمساعدة في تقديم الدعم للمحتاجين إليه.

وتقول وكالة الشؤون الإنسانية التابعة لمكتب الإعلام الإقليمي للأمم المتحدة في نيروبي إن عوامل كالنزاع والجفاف والتضخم قد ساهمت في خلق أزمة إنسانية بالبلاد، حيث يقدر عمال الإغاثة أن هناك حوالي 2.6 مليون صومالي في حاجة للمساعدة، علما بأنه من المتوقع أن يرتفع هذا العدد ليصل إلى 3.5 مليون شخص في نهاية العام الحالي إذا لم تشهد الأوضاع الإنسانية تحسنا ملموسا، حسب الأمم المتحدة.