محادثات جنيف: إيران لم تعط ردا واضحا.. وسولانا يمهلها أسبوعين

جليلي يؤكد رفض بلاده تجميد تخصيب اليورانيوم وواشنطن تخيرها بين المواجهة والتعاون

بيرنز متوجها الى الاجتماع أمس في جنيف (أ.ف.ب)
TT

انتهى لقاء جنيف الذي عقد أمس ليوم واحد فقط، من دون ان تعطي ايران اجابة واضحة على عرض الدول الكبرى المقدم لها مقابل تجميد تخصيب اليورانيوم، ما دفع منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الاوروبي خافيير سولانا الى امهاله طهران اسبوعين اضافيين لاعطاء اجابة واضحة على سلة الحوافز.

وفور انتهاء المحادثات، خيرت واشنطن طهران بين التعاون أو المواجهة، وقال الناطق الرسمي باسم الخارجية الاميركية شون ماكورماك: «نأمل في ان يدرك الشعب الايراني ان قادته يحتاجون للاختيار بين التعاون الذي سيجلب فوائد للجميع، والمواجهة التي لن تؤدي سوى الى مزيد من العزلة». وشدد ماكورماك على ان المندوب الاميركي وليام بيرنز، الذي شارك في المحادثات، وهي المرة الاولى التي يشارك فيها ممثل أميركي في المحادثات، ان بيرنز لم يلتق بصورة منفصلة بأي فرد في الوفد الايراني وان سولانا أبلغ ايران بأنه يتعين عليها ان تقدم «اجابة واضحة» على العرض الذي قدمته القوى العالمية خلال اسبوعين.

الا ان جليلي استبعد ان ترضخ ايران لطلب اللجنة السداسية، وقال ان بلاده غير مستعدة لبحث تجميد تخصيب اليورانيوم مقابل امتناع مجلس الامن الدولي عن فرض مزيد من العقوبات. وقال دبلوماسي ايراني كبير شارك في محادثات جنيف: «بالطبع لن نبحث موضوع التجميد مقابل التجميد في الاجتماع القادم مع سولانا. أولا نود ان نبحث النقاط المشتركة واذا تم التوصل الى اتفاق عندها يمكننا ان نبحث خلافاتنا». وأضاف: «مسألة التجميد مقابل التجميد لا يمكن قبولها لان هذا التخصيب هو حقنا ولن نتنازل أبدا عن حقنا النووي».

وأكد السفير الايراني لدى سويسرا كيوان ايماني ان ايران لن تقبل تجميد التخصيب، وقال ان «مناقشة هذا الامر ليس واردا في جدول أعمال ايران»، وأضاف: «كما قال زعيمنا الاعلى اية الله علي خامنئي بوضوح: طريقنا واضح للغاية ولن نتخلى عن حقوقنا».

من جهته، قال سولانا في المؤتمر الصحافي المشترك، إن ايران لم تقدم اجابة واضحة على مقترحات الحوافز، لكنه يأمل في ان يتلقى ردا شاملا في غضون اسبوعين. وقال: «لقد قدمنا عرضا. لم نحصل على اجابة واضحة قبولا او رفضا». واضاف: «هذا اللقاء كان بناء، لكننا لم نتلق ردا على اسئلتنا. وأود ان نتلقى اجابة على هذا الامر وعلى تساؤلات اخرى في غضون اسبوعين»، مشيرا الى ان «هناك دائما تقدما في هذه المشاورات، لكن هذا الامر غير كاف».

وقال دبلوماسي غربي شارك في المحادثات، انه لا توجد اجتماعات اخرى مقررة على مستوى عال، وأكد الدبلوماسي أن هذا هو الاجتماع الاخير على هذا المستوى. وانتهى يوم جنيف من دون ثمار، على الرغم من التفاؤل الذي ساد أجواء طهران قبل بدء اللقاء، والحديث عن امكانية قبول طهران بتجميد تخصيب اليورانيوم مقابل بدء محادثات تامة. وقد عززت مشاركة بيرنز في الاجتماع، اضافة الى تصريحات ايرانية تقلل من احتمال شن الولايات المتحدة واسرائيل لهجوم، الآمال باحراز تقدم وساعدت في تهدئة اسعار النفط القياسية.

لكن التفاؤل حد منه اصرار اميركي على انه على الرغم من مشاركة مبعوث لها في المحادثات، فان المفاوضات الحقيقية لا يمكن ان تبدأ قبل ان تجمد ايران انشطتها النووية. وانطلقت المحادثات صباحا بعد مصافحة بين سولانا وجليلي في باحة مقر بلدية جنيف، واستمرت حتى بعد الظهر وشارك فيها الممثل الاميركي اضافة الى ممثلين من الدول الست (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين والمانيا) المعنية بالملف النووي الايراني. واعتبرت ايران ان مشاركة بيرنز في المحادثات هو أمر ايجابي، وقد يمهد الطريق لاطلاق مفاوضات واستعادة العلاقات الدبلوماسية المقطوعة بين البلدين منذ عام 1980 على أثر أزمة الرهائن الاميركيين.

وعلقت المتحدثة باسم سولانا كريستينا غالاش على حضور بيرنز، بالقول ان هذا الامر يشكل اشارة قوية لالتزام الولايات المتحدة بحل تفاوضي، كما اشارت الى ردود الفعل الايجابية للايرانيين. وكان وزير الخارجية الايراني منوشهر متقي قد أعرب عن امله قبل انعقاد مؤتمر جنيف في ان تؤدي المحادثات الى وضع اطار للمفاوضات، لانهاء ازمة الملف النووي. وقال من طهران صباح أمس قبل بدء المحادثات: «نقيم مفاوضات جنيف على أنها ايجابية وبناءة... اجتماع اليوم قد يستمر وتعقد اجتماعات أخرى حتى تطرح وجهات نظر كل الاطراف على المائدة لكي نتوصل... لاتفاق». وأكد متقي ان جولة المباحثات ستليها جولات اخرى مماثلة، وقال: «ان اجتماع اليوم سيؤدي على الارجح الى اجتماعات اخرى ما يتيح تجميع وجهات النظر في مكان ما لتكون اثر ذلك موضع اتفاق بشكل يرضي الطرفين». اما الصحافة الايرانية، فقد اعتبرت ان مشاركة بيرنز تشكل كسرا للمحرمات. واعتبرت صحيفة «اعتماد» الاصلاحية، «ان اجتماع جنيف مهم، اولا لان الولايات المتحدة تشارك في اجتماع مع ادراكها ان تعليق تخصيب اليورانيوم هو خط احمر لايران. وثانيا ان هذا اللقاء يعقد على اعلى مستوى بين واشنطن وطهران منذ 30 عاما». وقالت الصحيفة «ان كون ايران قبلت التحدث الى الولايات المتحدة يشكل كسرا لمحرمات التباحث مع الولايات المتحدة غير انه من المبكر جدا الحديث عن زوال الجليد بينهما».

الا ان الصحف المحافظة التي تعكس مواقف المرجعيات الدينية في ايران، قرأت في مشاركة المبعوث الاميركي ضعفا من واشنطن. وكتبت «كيهان» التي يعين رئيس تحريرها المرشد الاعلى للجمهورية آية الله علي خامنئي «ان حضور بيرنز مباحثات جنيف ناجم عن حاجة السياسة الخارجية الاميركية لذلك، ويظهر وجود خلافات بين القوى العالمية». من جانبها رأت «جمهوري اسلامي»، ان هذا التغيير السياسي يظهر ان الولايات المتحدة «لم تعد قوة عظمى وان نفوذها يضعف».

واعتبرت صحيفة «رسالات» المحافظة ان حضور بيرنز يبين ان الولايات المتحدة على استعداد للتعايش مع الجمهورية الاسلامية بعد 30 عاما من قيام الثورة التي انهت حكم الشاه في ايران، وكتبت: «لقد اكتشف الاميركيون انه ما من سبيل سوى التفاوض في اطار الاحترام المتبادل واخذ وجود الثورة الاسلامية في الاعتبار».

وكان الرئيسان الايراني والروسي محمود احمدي نجاد وديمتري مدفيديف قد أعربا صباح امس عن الامل بالتوصل الى حل سياسي لازمة الملف النووي الايراني، وذلك خلال اتصال هاتفي اجرياه قبيل انطلاق محادثات جنيف.

ونقل موقع التلفزيون الايراني الرسمي على الانترنت عن الرئيس الايراني قوله لنظيره الروسي خلال الاتصال الهاتفي بينهما، انه سيكون بالامكان من خلال جليلي وسولانا «بحث سبل اتخاذ قرارات في مجالات مختلفة وسبل المساعدة على حل المسائل» العالقة. كما اعرب الرئيس الايراني عن ارتياحه لطبيعة العلاقات بين ايران وروسيا التي لها مصالح اقتصادية مهمة في ايران.

من جهته اعلن الكرملين ان ميدفيديف حث ايران خلال الاتصال الهاتفي مع نظيره الايراني على «التعاون بشكل كامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لاستيضاح المسائل التي لا تزال عالقة في البرنامج النووي الايراني». وجاء ايضا في النص الذي وزعه الكرملين ان الرئيس الروسي كرر «موقفه الحازم برؤية هذه الازمة وهي تجد طريقها الى الحل عبر السبل الدبلوماسية والسياسية فقط». وقال الرئيس الروسي لنظيره الايراني انه يأمل بأن يكون الحوار بناء في محادثات جنيف.

وتأمل الدول الست في ان تقبل ايران في مرحلة تمهيدية لهذه المفاوضات، تعليق انشطة تخصيب اليورانيوم عند مستواها الحالي في مقابل امتناع الدول الست عن المضي ابعد من القرارات الدولية الثلاثة التي تنص على عقوبات على ايران.