تركيا: آلاف يتظاهرون دعما للقوميين المتهمين في محاولة انقلاب

حالة استقطاب تسود الوسط السياسي قبل قرار المحكمة الدستورية بشأن الحزب الحاكم

مظاهرة في اسطنبول تاييدا للدستور العلماني التركي أمس (أ. ب. أ)
TT

تظاهر آلاف في اسطنبول أمس، للتنديد بمحاكمة شبكة «ارغنيكون» القومية المتهمة بالسعي الى إطاحة الحكومة التركية. ونظم التجمع بناء على دعوة من «جمعية فكر اتاتورك»، وقد تم من دون أي حادث يذكر في ساحة كاديكوي في القسم الآسيوي من المدينة.

ورفع المتظاهرون العلم التركي، واطلقوا هتافات ضد حزب العدالة والتنمية الحاكم.

ونقلت وكالة انباء الاناضول، عن نائب رئيس الجمعية سينا اكسين قوله «مع التحقيق في قضية «ارغنيكون»، هناك محاولة للضغط على مؤيدي الطريقة الكمالية»، نسبة الى مصطفى كمال اتاتورك، مؤسس تركيا الحديثة والعلمانية.

ورئيس الجمعية شينير ارويغور، وهو جنرال متقاعد، مسجون حاليا ومتهم مع 85 مشتبها بهم آخرين، بالسعي الى زرع الفوضى، وايجاد مناخ ملائم لانقلاب عسكري.

ووجه كبير ممثلي الادعاء الاربعاء الماضي، اتهامات لستة وثمانين شخصا، من بينهم ضباط متقاعدون بالجيش، وساسة ومحامون وصحافيون. كما ألقي القبض على جنرالين متقاعدين بارزين، وهما أول ضابطين كبيرين يتم اعتقالهما في تاريخ البلاد، على الرغم من أنه لم يتم توجيه اتهامات لهما بعد.

وشهدت تركيا أربعة انقلابات عسكرية في الأعوام الخمسين الأخيرة، لم تشارك القوات المسلحة الا في اثنين منها، وكان آخرها عام 1997 حين أطاح الجنرالات حكومة اعتبروها اسلامية، باستخدام توليفة من الضغوط الجماهيرية وضغوط وراء الكواليس.

واتهم عدد من المحللين حزب العدالة والتنمية، المهدد بدوره بالحظر في قضية محالة ضده امام المحكمة الدستورية، باستخدام «ارغنيكون» من اجل الضغط على منافسيه.

فحزب العدالة والتنمية يواجه الآن محاكمة بتهم تتصل بالسعي الى تطبيق حكم اسلامي في تركيا، ويريد كبير ممثلي الادعاء، إغلاق الحزب ومنع أعضاء بارزين، من بينهم رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان، من ممارسة العمل السياسي الحزبي خمسة أعوام.

وعمق الاغلاق المحتمل لحزب منتخب ديمقراطيا، من الشكوك السياسية والاقتصادية وتسبب في خسائر بمليارات الدولارات للاسهم التركية، وأثار تساؤلات بشأن مستقبل مفاوضات انضمام تركيا لعضوية الاتحاد الاوروبي.

وأوصى عثمان كان، مقرر المحكمة الدستورية يوم الاربعاء، بعدم اغلاق حزب العدالة والتنمية، الذي له جذور في الاسلام السياسي، وصاحب جدول الأعمال الاصلاحي والمشجع للتجارة منذ توليه الحكم عام 2002. ومن المنتظر اصدار حكم أوائل اغسطس (آب). ويقول حزب العدالة والتنمية، ان الاتهامات ذات دوافع سياسية، وتفتقر الى الأهلية القانونية، وان القضية اهانة للديمقراطية.

وطالما تكهن مسؤولون بارزون بالحزب، ومحللون سياسيون ودبلوماسيون بإغلاق الحزب في ما يراها كثير من الاتراك قضية سياسية، وليست قانونية بين المؤسسة القديمة في البلاد وقاعدة قوة صاعدة ذات توجه ديني، يمثلها حزب العدالة والتنمية.

ونقلت رويترز عن مسؤول بارز بالحزب، أن المخاطر الآن كبيرة للغاية بالنسبة لتركيا، في اشارة الى استبعاده اتخاذ قرار بحظر الحزب، لكن مسؤولا آخر بالحزب ظل متشائما، قائلا انه سيكون من الصعوبة بمكان، الحصول على دعم القضاة المعروفين بآرائهم العلمانية المتشددة.

ويتوقع محللون، أنه اذا تم اغلاق الحزب واقصاؤه عن السلطة، فسوف يعقب ذلك انتخابات برلمانية مبكرة.

وقال جنكيز اكتر المتخصص في العلوم السياسية في جامعة باهجشير في اسطنبول، لدينا قطبية مفرطة في هذه البلاد. حين تتحدث الى الناس في الشارع، أو على مقهى اذا كنت ضد حزب العدالة والتنمية، فأنت شخص سيئ، واذا تحدثت ضد «ارغنيكون» فأنت مع نظام يطبق الشريعة الاسلامية والعكس صحيح، وتوقع أن يتم اغلاق الحزب. وتأتي قضية الاغلاق، بعد قرار اتخذته الحكومة برفع الحظر عن ارتداء الطالبات الحجاب في الجامعات. ومنذ ذلك الحين قضت المحكمة الدستورية، بأن التعديل غير دستوري ويتعارض مع العلمانية.

وبعيدا عن قضية الحجاب، يتهم العلمانيون حزب العدالة والتنمية، بتكديس الحلفاء من أصحاب التوجه الديني في النظام البيروقراطي للدولة.

وكانت المحكمة الدستورية التركية، قد فاجأت خبراء قانونيين فيما سبق بأحكامها. وثمانية من قضاتها البالغ عددهم 11 معينون من قبل الرئيس السابق احمد نجدت سيزر، أحد أشد المعارضين لحزب العدالة والتنمية.

لكن اغلاق الحزب، ربما يعزز الدعم الشعبي له. ويقول بعض المحللين، انه اذا أجريت انتخابات حينذاك، فربما يفوز خليفته بمقاعد تكفي لتغيير الدستور. وذكر محمد علي بيراند الكاتب التركي البارز، أنه اذا استمر حزب العدالة والتنمية على قيد الحياة، فلن يحاول تجاوز أية خطوط حمراء بعد ذلك، مثل رفع الحظر عن ارتداء الحجاب، وبالتالي لن يستطيع الاستمرار في بعض سياساته السابقة، التي عارضها المتشددون، لكن اغلاق الحزب قد يعطي أعضاءه مزيدا من القوة.