أمين «العدالة والتنمية» المغربي: الوضع السياسي الحالي «بائس».. والحكومة فاقدة للغالبية

قال إن حزبه يسعى لإحداث تغيير دستوري بالوسائل القانونية المتاحة

مؤتمرون يرفعون شعارات «العدالة والتنمية» (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

قال سعد الدين العثماني، الامين العام لحزب العدالة والتنمية المغربي الإسلامي المعارض، إن حزبه سيقوم بواجبه السياسي بكل مصداقية، من أجل إحداث تغيير دستوري ومؤسساتي في المغرب، عبر جميع الوسائل القانونية المتاحة، وفي ظل احترام تام للتعددية الحزبية، والممارسة الديمقراطية. وأكد العثماني، الذي كان يتحدث أمس، في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العام السادس لحزبه، على ضرورة مواجهة خصومه السياسيين، بكل هدوء ورزانة، مشيرا الى أن التهجمات والتهم الرخيصة، التي توجه لحزبه بدون سبب، لن تثني منتسبيه عن التصدي للفساد والمفسدين في جميع الميادين، وذلك قصد تطبيق التنمية المستدامة، ورفع من منسوب الحياة السياسية، الى مستوى المنافسة الشريفة، القائمة على البرامج وليس الصراعات الشخصية، ومواجهة اقتصاد الريع.

وأوضح العثماني، أن حزبه لن يحيد عن المرجعية الاسلامية، والملكية الدستورية، والخيار الديمقراطي لبناء المغرب على قواعد صلبة، تكفل لكل أبنائه حياة كريمة ومواطنة فاعلة، باعتبار أن هذه المنطلقات شكلت باستمرار لحمة الشعب المغربي، وأرضية انطلاقة ومحط إجماع لصيانة ماضيه وبناء حاضره، وصياغة مستقبله، مشيرا الى ان حزبه يتمسك بإسلامية الدولة التي يرأسها الملك محمد السادس، أمير المؤمنين.

وأضاف العثماني «إذ يجدد حزب العدالة والتنمية اعتزازه بالانطلاق من المرجعية الاسلامية التي هي المرجعية الرسمية للدولة المغربية، فإنه يؤكد على حق جميع المواطنين في التمتع بحقوق المواطنة كاملة بدون ميز على أساس الدين أو الجنس، أو العرق، أو المجال الجغرافي، أو أي عنصر آخر».

وانتقد العثماني الطريقة التي جرت بها الانتخابات التشريعية الاخيرة، مبرزا أن استعمال المال، وتواطؤ بعض رجال السلطة مع بعض المنتخبين، واعتماد نمط انتخابي باللوائح، بكيفية غير واضحة، تشبه الى حد ما الانتخاب الفردي، وصولا الى اختلالات فنية، من قبيل اعتماد تقطيع انتخابي غير عادل لا يتطابق مع التقسيم الاداري، مما أدى الى بلقنة الخريطة السياسية.

وأوضح العثماني أن العودة القوية لبلقنة وتشتت الخريطة النيابية، يرجع الى ما وصفه «تواطؤ الغالبية الكمية السابقة على رفض اعتماد عتبة وطنية للتمثيل النسبي من حيث عدد الأصوات الواجب تحصيلها للحصول على مقاعد»، في إشارة الى اقتراح حزبه تحصيل نسبة 10 في المائة من الاصوات المعبر عنها على الصعيد الوطني، كي تعتبر لوائح الحزب فائزة، بدلا من اعتماد نسبة 5 في المائة، كعتبة على مستوى الدوائر.

وقال العثماني إن الطريقة التقنية التي اعتمدت في الانتخابات، أدت الى تشكيل فرق نيابية هجينة، وارتهان الحكومة، الفاقدة للغالبية، على توازنات خارجة عن منطق الوضوح والمسؤولية الحزبية والسياسية، في إشارة الى اعتماد الحكومة على مساندة فريق الأصالة والمعاصرة، المشكل من 7 أحزاب، والذي يتزعمه البرلماني فؤاد عالي الهمة، الوزير السابق المنتدب في الداخلية.

ووصف العثماني الوضع السياسي المغربي الحالي بـ«البائس»، كون مؤطريه والفاعلين فيه، صاغوا شعارات من قبيل النزاهة والشفافية والديمقراطية، وعزلوها عن عمقها الحقيقي، مشيرا الى أن ذلك يتطلب إرادة وطنية جماعية لإقرار إصلاحات سياسية ودستورية، تضمن فصلا حقيقيا بين السلط التشريعية والتنفيذية، وترتكز على قضاء نزيه، يحقق العدل والكرامة، وعلى أحزاب سياسية مسؤولة ومستعدة للادماج الفعلي للطاقات والكفاءات، ومواجهة عوامل الفساد الذاتي، ومكرسة للديمقراطية الداخلية، وغير مستعدة للتفريط في كوادرها، وتزكية مفسدي الانتخابات، ومواطنين واعين بحقوقهم وواجباتهم، ويتحملون مسؤوليتهم الكاملة في المشاركة الايجابية في اختيار من يستحق التكليف، وتمثيل المواطنين في المؤسسات المنتخبة.

وبخصوص وضع حقوق الإنسان، قال العثماني «لا ينكر أحد أن المغرب شهد تطورا نسبيا في مجال احترام حقوق الإنسان خلال العقدين الاخيرين، مما ساعد على تحسن صورة البلاد على المستوى الخارجي، لكن تقديرنا للمجهود الأمني في مجال مكافحة الارهاب، لم يمنع من القول، إن تفعيل توصيات هيئة الانصاف والمصالحة لا تسير بالسرعة التي تقتضيها أهميتها، ورمزيتها، لحدوث تجاوزات وتعسفات وانتهاكات في حق مواطنين، وفي حق حرية الصحافة والتعبير»، مشيرا الى وضع العبادلة ماء العينين، عضو حزبه، والمعتقل رفقة ستة متحزبين في ملف خلية «بلعيرج»، المشتبه في تورطها بالإرهاب، داعيا السلطات الى الافراج عنهم.

ودعا العثماني الى تأهيل الاقتصاد المغربي، حتى يلج «موعد المنافسة القوية، والانفتاح التام مع الاتحاد الاوروبي بحلول عام 2012، يضاف اليه دخول اتفاقيات التبادل الحر مع دول عديدة، على رأسها أميركا»، موضحا أن السياسات العمومية المتبعة لن تمكن المغرب من تحقيق النمو المنشود، وتنمية مستدامة. وسجل العثماني أن ضعف الاقتصاد المغربي، وفشل الحكومة في تدبير أهم القطاعات الحيوية، أدى الى اتساع دائرة الاحتقان الاجتماعي جراء موجهة الزيادات المتتالية في أسعار العديد من المواد الغذائية الاساسية، مما أثر على القدرة الشرائية للمواطنين وللفئات الاكثر فقرا، مشيرا الى الاحداث الاخيرة التي وقعت في مدينة سيدي افني (جنوب المغرب). وبخصوص وحدة المغرب الترابية، دعا العثماني الحكومة الجزائرية الى تغليب منطق رعاية المصالح العليا لشعوب الدول المغاربية، وتجاوز واقع التجزئة والتشرذم، والتجاوب بشكل إيجابي مع الموقف الاممي من قضية الصحراء، واصفا التقرير الاخير للأمين العام للأمم المتحدة، بالايجابي والبناء والرشيد.

ودعا العثماني ايضا مسؤولي الدول المغاربية الى بعث الحياة من جديد في مؤسسات الاتحاد المغاربي، باعتباره خيارا استراتيجيا اقتصاديا لا محيد عنه لمواجهة العولمة والتكتلات الاقتصادية القوية، معبرا عن رفضه لاستمرار احتلال اسبانيا لمدينتي سبتة ومليلية، وباقي الجزر المتوسطية.

وفي سياق متصل، قال العثماني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن بعض الاوساط تعتبر جمعية «الحركة من أجل كل الديمقراطيين»، التي يتزعمها النائب فؤاد عالي الهمة، خصما شرسا لحزبه، وأن إنشاءها تم من اجل إرباك عمل حزبه، مشيرا الى انه لا يؤمن بهذه الفكرة، ولا يدري إن كانت ذات الجمعية خصما شرسا، ام ستصبح كذلك.

وبشأن إمكانية عقد حزبه تحالف مع حزب الاتحاد الاشتراكي، قال العثماني إن حزبه متحالف مع حزب «القوات المواطنة»، لكنه لا يستبعد عقد تنسيق مع أي حزب سياسي، يهدف الى الدفاع عن العمل الحزبي، والرقي بالممارسة السياسية، من قبيل حزب الاتحاد الاشتراكي، رغم اختلاف المنطلقات، مبرزا أن ذات الحزب متحالف ضمن تجمع الكتلة الديمقراطية، وبالتالي لا يمكنه في الظرف الراهن المراهنة على أي تحالف سياسي ممكن.