إسبانيا: القضايا الخلافية مع المغرب فرصة للحوار المعمق بين البلدين

مدريد تأمل المغادرة الطوعية لـ100 ألف مهاجر أغلبيتهم مغاربة

TT

قال برناردينو ليون، الأمين العام لرئاسة الحكومة الإسبانية، وكاتب الدولة السابق في الشؤون الخارجية، إن بلاده والمغرب نجحا في تحويل القضايا الخلافية والأزمات إلى فرص للتعاون بينهما، موضحا أن علاقات الجوار الجغرافي، معرضة في أي حين، لما أسماه «الخطر»، بالنظر إلى هيمنة سوء التفاهم، الناتج عن التباينات في وجهات النظر في ما يتعلق بالمسائل الثقافية والدينية والسياسية وحتى الاقتصادية، التي تتأثر جميعها، بنظرة البلد إلى الآخر. وأضاف المسؤول الإسباني، الذي كان يتحدث أول من أمس في مدينة مالقة (جنوب إسبانيا) في إطار لقاء دراسي نظمه «كرسي منظمة اليونسكو» في موضوع العلاقات المغربية الإسبانية، إن قضايا الإرهاب والهجرة السرية، لا تحظى دائما بنفس المقاربة في جميع الدول، ولكن التعاطي معهما أتاح للمغرب وإسبانيا فرصة للحوار المعمق، مبرزا أن القوارب التقليدية الصغيرة التي تقل أعدادا من المهاجرين الأفارقة السريين، نحو شواطئ الأندلس الجزر الخالدات، تسبب أضرارا لبلاده، لكن عندما تتحد إرادة البلدين في التصدي لظاهرة الهجرة السرية، ويتعاونان على ذلك، تكون النتيجة انخفاض معدلات القوارب البحرية الحاملة للمهاجرين.

وذكر برناردينو، في هذا السياق أن إسبانيا والمغرب، هما البلدان اللذان كانا وراء انعقاد مؤتمر الهجرة والتنمية في الرباط صيف 2006، الذي حضره الوزراء المعنيون بالهجرة من القارتين الأفريقية والأوروبية، إضافة إلى منظمات دولية وإقليمية مهتمة، كما ساندت الرباط ومدريد اجتماعا مماثلا عقد أخيرا في العاصمة البرتغالية (لشبونة) على الصعيد الأفريقي والأوروبي أيضا، خصص بدوره لاستكمال قضايا الهجرة السرية، مبرزا أن البلدين سيعرضان ضمن إطار مسار برشلونة، اقتراحات جديدة بخصوص نفس الموضوع.

وأكد برناردينو، أن التعاون بين الرباط ومدريد، جيد بشأن محاربة الإرهاب، على اعتبار أن البلدين عانيا منه، ودعا إلى إلغاء ما اسماه الحواجز، سواء كانت ذهنية أو جسدية، بين المنطقتين الجغرافيتين، مسجلا وجود مفارقة حينما يقع التأمل في واقع بلدان المغرب العربي وأوروبا، بخصوص مفاتيح الفشل أو النجاح. واعتبر برناردينو، بلاده والمغرب مسؤولين بدرجة كبيرة عن استمرار العلاقات بين أوروبا وأفريقيا، ولذلك فمن الواجب عليهما أن يحافظا على أفضل الصلات الممكنة بينهما.

وتطرق المسؤول الإسباني للجانب الثقافي، مسجلا وجود حضور ثقافي إسباني في المغرب، من خلال شبكة معاهد «ثرفانتيس» الثقافية و11 مؤسسة تعليمية إسبانية، فضلا عن احتضان خمس جامعات لأقسام اللغة الإسبانية في الكليات التابعة لها، غير أن كل ذلك ليس مهما إذا لم يؤد إلى مساواة في فرص الدخل بين سكان البلدين، ملاحظا أنه يوجد حاليا فرق كبير في الدخل الفردي بين جنوب إسبانيا وشمال أفريقيا، مقارنة بدول العالم، لكن ذلك التمايز السلبي، يقول برناردينو، لا يحول دون قيام عمل مشترك بين إسبانيا والمغرب، على اعتبار أن الأخير هو الشريك الاقتصادي الثاني للأول.

وعلى صعيد آخر، أعلنت الحكومة الإسبانية أنها ستتخذ في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل مجموعة إجراءات لتشجيع المهاجرين المقيمين بصورة شرعية في إسبانيا، على العودة إلى بلدانهم الأصلية، إذا كانوا عاطلين عن العمل، وذلك بصفة طوعية.

وقالت ماريا تريسا دي لافيغا، نائبة رئيس الحكومة، في أعقاب اجتماع مجلس الوزراء الأسبوعي، إن الإجراء سيعني حوالي 100 ألف مهاجر، ينتمي أغلبهم إلى المغرب وكولومبيا والإكوادور.

وأضافت دي لا فيغا، أن السياسة الجديدة في مجال الهجرة، ستتيح للبلدان الأصلية للمهاجرين العائدين الاستفادة من خبرتهم المهنية التي حصلوا عليها في إسبانيا، كما أن المبالغ المالية التي سيحملونها معهم، ستتيح لهم ممارسة أنشطة اقتصادية، ستساهم من وجهة نظرها في تقدم البلدان المصدرة للهجرة.

ولم يعلق المغرب على الإجراءات التي تنوي الحكومة الإسبانية اتخاذها، على اعتبار أنه سيكون أكبر المتضررين من ذلك، إذ يصل عدد المهاجرين المغاربة المقيمين بصفة قانونية في إسبانيا إلى حوالي 600 ألف، من دون إحصاء المقيمين بكيفية غير قانونية. ويخشى المغرب أن يتم إجبار نسبة مرتفعة من مواطنيه على العودة ، وأن يتم التمييز في تطبيق السياسة الجدية للهجرة، بين مواطني المغرب وأميركا اللاتينية التي تربطها بإسبانيا روابط اللغة والدين والثقافة والتاريخ الاستعماري المشترك.

وسيزور المغرب في غضون سبتمبر سيلستينو كاماشو، وزير الشغل الإسباني، للتشاور مع المسؤولين بخصوص التدابير التي يجري التفكير فيها.