بكين: الشرطة تتصدى للجماعات الإسلامية المتطرفة وتطبق إجراءات جديدة

100 ألف عنصر في فرقة مكافحة الإرهاب و300 ألف كاميرا مراقبة و39 سيناريو لضمان أولمبياد آمن

ضباط شرطة صينيون في مناورة على مكافحة الحرب البيولوجية ضمن الإجراءات الأمنية المشددة قبل افتتاح الاولمبياد الشهر المقبل (إ.ب.أ)
TT

بعد فجر يوم التاسع من يوليو (تموز) بقليل، نقلت الحكومة المحلية عدة آلاف من الطلبة والموظفين بالحافلات إلى أحد الميادين العامة وأوقفوهم في صفوف أمام مدرسة مهنية. وبينما وقف الجمهور مشاهدا، كما يروي الشهود، أحضر ثلاثة مساجين، ثم أطلقت فرقة إعدام الرصاص عليهم مباشرة، فقتلوا في الحال. وقد أدين الشبان الثلاثة بإجراء اتصالات من أجل مخططات إرهابية، وصرحت السلطات بأنها كانت جزءا من حملة تستهدف التشويش على أولمبياد بكين تشنها حركة شرق تركستان الإسلامية، وهي منظمة انفصالية سرية متطرفة في إقليم شينجيانغ غرب الصين. وتكافح هذه الحركة من أجل الحصول على استقلالها لصالح سكانها من اليغور المسلمين.

وكان الإعدام العلني للرجال نموذجا للعمليات الأمنية واسعة النطاق التي تتصاعد في الصين لحماية الألعاب الأولمبية المقامة في بكين، مما تصفه سلطات الحزب الشيوعي بتهديدات ملحة من العنف ومظاهرات ضد الحكومة.

يقول يانغ هوانينغ نائب وزير الأمن العام، وهو متخصص في مكافحة الإرهاب في تصريح لجريدة مكتب الأمن العام: «مع اقتراب موعد دورة الألعاب الأولمبية في بكين، تحاول مجموعة من القوات المضادة للصين وقوات معادية بشتى الطرق وبمضاعفة الجهود التسبب في اضطرابات وأعمال تخريب».

ومع بقاء ثلاثة أسابيع على حلول موعد إقامة الأولمبياد، تندفع هذه الاحتياطات بقوة لدرجة تثير تساؤل بعض المحللين عما إذا كان من الممكن أن يستمر الشعور بالتبعية والمرح الذي من المفترض أن يصاحب الأولمبياد. وإلى جانب الإجراءات الصارمة المتخذة ضد المتطرفين المسلمين في تشينجيانغ، على سبيل المثال وضعت قيود جديدة متضاربة على التأشيرات، ونقاط تفتيش متعددة على الطرق، وإجراءات تفتيش مكثفة في المطارات ومحطات قطارات الأنفاق، وحملات على البارات التي يرتادها الأجانب. وكانت النتيجة هي أجواء من الإكراه، بدلا من الاحتفال.

وفي يوم الخميس، أصدرت الصين دليلا لإرشاد العامة إلى ما ينبغي فعله في حالة وقوع هجوم إرهابي، وفقا لما ذكرته وسائل الإعلام الحكومية. وتضمن الدليل كيفية التعامل مع 39 سيناريو من بينها التفجيرات والاختطاف وإطلاق النيران، والهجمات التي تستخدم فيها أسلحة كيميائية وبيولوجية ونووية.

وفي الوقت نفسه، اتسع نطاق مخاوف قادة الصين ليشمل المظاهرات السياسية السلمية. وفي تعليقات عامة وخاصة، بدا المسؤولون الصينيون مصممين على منع المتظاهرين المؤيدين للتبت من حمل لافتات أمام كاميرات التلفزيون، بينما كانوا في طريقهم لمنع تفجير متطرفين مسلمين لأحد الفنادق، وفقا لما ذكره متخصصون صينيون ودبلوماسيون أجانب.

وقد حذر مكتب الأمن العام في بكين أخيرا على موقعه الإلكتروني من أن أية مظاهرات يجب أن تحصل على موافقة مسبقة من السلطات، وذلك في الحقيقة لمنع أية مظاهرات مناهضة للحكومة.

وقد صرحت السلطات الصينية، لمعرفتها بالشكوك المثارة حول المبالغة في الأمر، أنها تعطي الأولوية القصوى لضمان أمن الرياضيين والجمهور المشاركين في الأولمبياد، ولمنع المظاهرات السياسية من تدمير الانسجام الدولي الذي طالما انتظره الشعب الصيني. وإذا بدت الإجراءات الأمنية الناتجة عن ذلك مبالغا فيها في نظر بعض الأجانب، كما تقول السلطات، فهذا فقط بسبب عدم استيعاب جميع جوانب الأمر.

«إن عقد أولمبياد آمنة أكبر مؤشر على نجاح الدورة»، هذا ما قاله تشي جينبينغ، وهو عضو في لجنة الدائمة للمكتب السياسي في الحزب وهو مسؤول رفيع المستوى يشرف على عمليات الإعداد، في خطاب صرح به أخيرا. «إن عقد أولمبياد آمنة أكبر مؤشر على صورة بلادنا الإيجابية».

وقال ما تشين، وهو خبير أمني في الحكومة ويعمل في فريق الاستشارات الأولمبية، إنه يجب أن يكون الأمن مشددا ليس فقط بسبب تهديدات العنف ولكن لحضور آلاف الشخصيات رفيعة المستوى، ومن بينهم الرئيس بوش، وهؤلاء من الممكن أن يكونوا هدفا لجماعات إرهابية دولية مثل القاعدة.

وأضاف ليو جيانغيونغ، وهو خبير في الأمن القومي في معهد جامعة كينغهوا للدراسات السياسية: «كلما أرادت الصين إظهار حسن الضيافة، اهتمت أكثر بالقضايا الأمنية».

في نقطة تفتيش في إقليم هيبي بالقرب من ضواحي بكين الجنوبية، اصطفت أكثر من 100 سيارة بعد ظهر يوم الأربعاء أمام مدخل الطريق السريع 107، في انتظار التفتيش الأمني. يعمل في نقطة التفتيش عشرات الرجال مرتدين زي الشرطة أو ملابس عادية، ويحمل العديد منهم أسلحة.

وطلب من السائقين والركاب إبراز بطاقات الهوية بينما فتش رجال الأمن أسفل السيارات وحقائب السيارات. وخضع حاملو جوازات السفر الأجنبية لمزيد من الفحص، وتمت مراجعة بطاقات هويتهم من خلال قاعدة بيانات قومية.

وكان هذا جزءا مما وصفه المسؤولون بحاجز أمني ثلاثي الدرجات حول بكين، وقد وضع حيز التنفيذ يوم الثلاثاء، ومن المقرر أن يستمر طوال فترة الأولمبياد، التي تستغرق من 8 إلى 24 أغسطس (آب). فتخضع كل السيارات التي تدخل العاصمة إلى التفتيش في أي من مئات نقاط التفتيش، وفقا لتصريحات مسؤولين.

وفي مطار بكين، التي سوف يغلق أثناء مراسم افتتاح الدورة، تم تحذير الركاب من أنهم سيخضعون للتفتيش عند بوابة الدخول، بالإضافة إلى تفتيش أمني دقيق ما بين مكاتب تسجيل الحقائب وبوابات الصعود إلى متن الطائرات، بدءا من يوم 20 يوليو (تموز).

وفي إقليم تشينجيانغ، كانت الاحتياطات أشد وطأة. فتطلب الصعود إلى متن الطائرة في مطار أورومتشي يوم الأربعاء الخضوع للتفتيش ست مرات.

وبعيدا عن 80.000 شرطي ونصف مليون متطوع من الإقليم تجمعوا من أجل فترة إقامة الأولمبياد في بكين، أعلن المسؤولين أنه تم وضع 100.000 فرد في قوات مكافحة الإرهاب تحت الاستعداد، وسوف تراقب تحركات العامة 300.000 كاميرا مراقبة وضعت في جميع أنحاء المدينة.

وذكرت وزارة الدفاع أنه صدرت أوامر للجنود بالتحسب لوقوع هجمات بيولوجية أو بطائرة مختطفة، بالإضافة إلى تفجيرات أو عمليات اختطاف. وقد وضعت مدافع صواريخ جو أرض هونغاكي 7 بالقرب من الملاعب الأولمبية. ويخطط جيش التحرير الشعبي أيضا الى أن يطلق طائرات بلا طيار لتعزيز المراقبة، وفقا لوكالة أنباء الصين الجديدة الرسمية.

وأظهر مسؤولون أمنيون حماسا مماثلا في السعي إلى منع قيام مظاهرات سلمية ولكنها تسبب الإحراج أثناء دورة الألعاب. وتحت القيود الصارمة على التأشيرات، صدرت أوامر لمسؤولي القنصليات الصينية في الخارج برفض دخول أي شخص «قد يقوم بأفعال تلحق أضرارا بالصين».

وما زالت الشبكات التلفزيونية التي تنفق الملايين من الدولارات على حقوق البث تتفاوض حول المدى المسموح لها بتصوير لقطات حية من ساحة تيانانمن. وكانت هذه الساحة في وسط بكين موقعا لإجراءات صارمة اتخذت ضد متظاهرين مؤيدين للديمقراطية في الرابع من يونيو (حزيران) عام 1989؛ وقد تكون موقعا مثاليا لمتظاهرين أجانب أو صينيين يرغبون في لفت انتباه العالم أثناء فترة انعقاد الدورة الأولمبية.

وقال المسؤولون في التاسع من يوليو أثناء مباحثات مع اللجنة الأولمبية الدولية إنه سيتم السماح بالبث المباشر من ساحة تيانانمن من الساعة 6 إلى 10 صباحا ومن 9 إلى 11 مساء بتوقيت بكين. وسيسمح للمراسلين فقط بالحديث ولن يسمح بذلك للضيوف الذين من الممكن أن يصدروا تعليقات سياسية. وتتخذ السلطات إجراءات مشددة تجاه حركة شرق تركستان الإسلامية، التي نفذت تفجيرات في تشينجيانغ أثناء التسعينات، وتقول إنها تمثل أكبر تهديد إرهابي أثناء فترة انعقاد الأولمبياد.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»