إياد علاوي: المالكي يقود البلاد بأسلوب فردي ولم يبق لنا أي موظف في الحكومة بسبب الفصل

كشف في حوار مع «الشرق الأوسط» عن محاولة جديدة لاغتياله في بغداد بتخطيط من مخابرات دولة مجاورة

TT

كشف الدكتور اياد علاوي، رئيس اول حكومة عراقية بعد تغيير النظام العراقي السابق، والامين العام لحركة الوفاق الوطني العراقي، عن اكتشاف محاولة جادة لاغتياله في بغداد دبرت من قبل «مخابرات دولة مجاورة للعراق»، من غير ان يسميها وان كان مصدر امني عراقي قد اشار الى ايران باعتبارها من كانت وراء هذه المحاولة.

وتحدث علاوي في حوار اجرته معه «الشرق الأوسط» في بغداد عن قيام الحكومة العراقية بسحب الحراسة والحماية عنه، وتجريدها لعربات مدرعة اميركية خصصت لعدد من المسؤولين، هو بضمنهم، من الاسلحة «لتغدو بلا فائدة» على حد وصفه.

واتهم رئيس القائمة العراقية التي لها 25 مقعدا في البرلمان العراقي بانتهاج حكومة نوري المالكي سياسة الحزب الواحد وقيادة البلد باسلوب فردي، مشيرا الى ان «رئيس الوزراء امر بمنع تعيين أي موظف مرشح من قبل القوائم او التيارات او الاحزاب السياسية غير المشاركة في الحكومة». وفي ما يلي نص الحوار:

> هل انتم متفائلون بالاوضاع الراهنة في العراق؟

ـ هناك مسألتان تحصلان في آن واحد، الاولى تبعث على التفاؤل وهي وجود نوع من الهدوء النسبي والمؤقت باعتقادي، واذا استثمر استثمارا جيدا من قبل الحاكمية في العراق نحو توسيع هذا الوضع والانتقال الى الوضع الدائم،هذا فيما يتعلق بالجانب الايجابي، اما الجانب السلبي فانا ارى ان هناك ابتعادا مبرمجا ويوميا عن موضوع المصالحة الوطنية، بحيث ان الدليل على ما اقوله لم يعد فقط حزب البعث والمثلث السني والمربع الشيعي وغيرهم ممن تعتبرهم الحكومة معادين لها، الان اصبح شركاء العملية السياسية هم الاعداء للاسف من منظار الحكومة التي بلغت مدايات غير واقعية بتصديها لهذه القوى ومنهم نحن في القائمة العراقية، واستطيع القول، كدليل على ما اذهب اليه هو ان الحكومة تقول ان من لا يشارك في الوزارة ليس من حقه ان يطالب بتعيين مديرين عامين او سفراء او وكلاء وزارات او اية وظيفة اخرى، يعني حصر الوظائف فقط للمساهمين في الحكومة، هذا اسلوب مرفوض جدا لان الوظائف في الدولة العراقية للعراقيين وليس حكرا لحزب الدعوة ولا للوفاق الوطني ولا للديمقراطي الكردستاني، ولا للمالكي ولا لاياد علاوي، وظائف الدولة لكل عراقي كفوء وقادر على ان يخدم العراق، لكن هذا التوجه لا يبعث على التفاؤل بل العكس يبعث على التشاؤم، كذلك المواقف من الصحوات لا تبعث على التفاؤل، هناك من يرى ان الصحوات اصبحت تشكل خطرا على الوضع السياسي العراقي، بينما كان يجب ان تكون هناك استراتيجية لضم الصحوات الى العملية السياسية، وزج رجالها في مؤسسات الدولة سواء كانت مدنية او عسكرية، وقد تحدثت مع الادارة الاميركية بهذا الشان، لهذا لا نعرف فيما اذا سيستمر التحسن الامني ليؤدي بنا الى تطور الاوضاع ايجابيا اما اذا اخفق فانه سيؤدي الى نكسات كبيرة. وفي المقابل هناك علامات واضحة على تجاوز الحكومة على كل المشاركين في العملية السياسية وتهميشها وعزلها وعدم فسح المجال امامها لكي تلعب دورا في العملية السياسية، وبدأت العقلية الحزبية وليست فقط الجهوية والطائفية تتغلب على الوضع السياسي العراقي للاسف، واصبحت قضية الحزب الواحد تطغي على السطح.

> هناك حديث عن قيامكم بتشكيل كتلة سياسية جديدة لمواجهة الازمات السياسية، ما مدى صحة ذلك؟

ـ نحن شكلنا على صعيد المجلس النيابي مجموعة تنسيقية على نقاط معينة تتعلق بالحفاظ على وحدة العراق وسلامته، جزء من هذا التنسيق هو لحماية انفسنا لاننا اصبحنا اما مفصولين او مهمشين او معتدى علينا، او متآمرين، مثلما تم اتهامنا بدعم ما يسمى بجند السماء ماديا، والى آخر ذلك من تهم باطلة تعلن من خلال شاشات التلفزيون والحكومة، ومثلما قلت ان جزءا من اهداف هذا التنسيق هو لحماية انفسنا، سواء كنا نحن او الفضيلة او الحوار او الصدريين، وقلت للاخوان في الائتلاف (العراقي الموحد بزعامة عبد العزيز الحكيم) حيث تربطنا بالبعض منهم علاقات تاريخية منها سياسية ومنها شخصية مبنية على الاحترام والمحبة والاعتزاز وعلى رأسهم المجلس الاسلامي الاعلى ولنا معهم علاقات قديمة، تحدثنا معهم عن الخروقات الخطيرة التي تحدث اليوم في العملية السياسية، ومنها حرمان بقية الكتل السياسية والنيابية من حق التعيين بسبب عدم اشتراكها بالحكومة، الذي لا يشترك بالحكومة يعاقب ويقطع راتبه التقاعدي، هل هذا معقول؟ الى اي مستوى وصلت الامور، ونحن نعرف ان العراقيين لا يركعون امام هذه الاساليب، هناك الكثير من الانظمة حاولت تركيع العراقيين ولم تتمكن، لهذا نجد اليوم ان طلبات اللجوء السياسي تزداد، حتى ان اميركا وهي، ان صح التعبير، الراعية والداعمة للوضع السياسي في العراق فتحت ابوابها امام مواطنينا لمنحهم حق اللجوء، وكذلك في سورية والاردن وفي بلدان اخرى ازداد عدد المهاجرين العراقيين وبدأوا يشكلون حالة انسانية مزرية، هذا كله تأكيد ان الشعب العراقي لا يقبل بحالات التهميش والاكراه القسري. نحن جزء من العملية السياسية ولنا مشاركة في البرلمان وكنا في الحكومة وابدينا وجهات نظر والحكومة لم تستمع لنا لهذا اضطررنا للانسحاب. هناك مشكلة في الحكومة وعلى اعضاء الحكومة، وعلى رأسهم رئيسها، ان يحقق انفتاحا حقيقيا باعتباره هو الراعي لكل العراقيين وان يمنح الفرصة حتى لمعارضيه، لكننا نرى ان ما يحصل هو العكس من هذا. اعود لأجيب عن سؤالكم، نعم هناك تنسيق مع بعض التيارات داخل البرلمان يتعلق بنقاط تهم العراق وليست جبهة سياسية ذلك لان هناك خلافات جوهرية في التوجهات.

> قلتم إن جزءا من التنسيق مع بقية الاحزاب والكتل هو لحماية انفسكم، ماذا تعنون بالضبط؟

ـ دعني اكشف لكم عن تقرير مخابراتي وصلني من قيادة القوات المتعددة الجنسيات فاجأني الاسبوع الماضي يتعلق بكشفهم لمحاولة محكمة جدا وللغاية لاغتيالي، وهذه هي المحاولة الثامنة او التاسعة، لكن يبدو ان هذه الاخيرة كانت مدروسة ومهيأ لها بعناية.

> هل من تفاصيل ؟

ـ لا استطيع ان اتحدث عن المزيد من التفاصيل كون القضية قيد التحقيقات، لكن كل ما استطيع الكشف عنه هو ان مخابرات دولة مجاورة هي التي دبرت مع جهة عراقية في الداخل هذه المحاولة، حيث استأجروا ثلاثة منازل حول مقر اقامتي وعملي في بغداد ووضعوا اجهزة تنصت واسلحة، وقد داهمت القوات الاميركية هذه المنازل والقت القبض على عدد من الذين تورطوا في هذه المحاولة، مع ما معهم من اجهزة واسلحة، ويتم حاليا التحقيق معهم.

> ألا تتمتعون بحماية أو حراسات كافية؟

ـ الحكومة سحبت الحراسات والحمايات عنا، انا بالذات، والامر المضحك، او كما يقال ان شر البلية ما يضحك، هو ان القوات المتعددة الجنسيات خصصت وعن طريق القيادة العامة للقوات المسلحة،( يعتبر نوري المالكي رئيس الحكومة، القائد العام للقوات المسلحة) خمس عربات مدرعة لعدد من المسؤولين، وانا بضمنهم، والغريب ان القيادة العامة للقوات المسلحة العراقية، ولنقل الحكومة، سحبت الاسلحة من المدرعات المخصصة لي فقط، وغدت هذه العربات بلا اية فائدة، فماذا افعل بعربة مدرعة بلا اسلحة، هل اضع فيها حراسا يستخدمون الحجارة للدفاع عنا، ام ماذا؟ وقد رفضت الحكومة اعادة او تجهيز هذه المدرعات بالاسلحة، كما اننا لا نستطيع وحسب القوانين شراء الاسلحة من الخارج لتزويد المدرعات بها. لقد تعرضنا الى المزيد من التهميش والاقصاء والايذاء ولم يبق لنا اي موظف في الحكومة جراء الفصل والطرد التعسفي، وهذا يسري ايضا على قوى سياسية اخرى مشاركة في العملية السياسية وهم في الفضيلة والحوار والصدريين وجزء من التوافق، ولا اعني هنا عندما اتحدث عن الصدريين جيش المهدي، جيش المهدي موضوع آخر.

> تحدثتم عن الحزب الواحد، هل هناك توجه لأن ينفرد حزب في حكم العراق، مع ان التحالف الكردستاني يشارك في الحكم؟

ـ الان لو ننظر الى المشهد السياسي، فحزب الدعوة مثلا هو عبارة عن احزاب دعوة، هناك جناح يقوده ابراهيم الجعفري، وآخر دعوة العراق وهم ناس افاضل ومنفتحون منهم وزير الدولة لشؤون الامن الوطني شيروان الوائلي والعنزي، وتربطنا معهم علاقات طيبة، وهناك حزب الدعوة الذي يترأسه المالكي، ولا ادري كم يمثل هذا الجناح(المالكي) من حزب الدعوة ولكن هؤلاء هم مستلمون الحكم في العراق ويقودون الامور، وبالتالي هم من يسير بمقدرات البلد. انا تكلمت مع الاخوة الاكراد في الحزبين الديمقراطي والاتحاد الوطني ومع الاخوة في المجلس الاسلامي حول موضوع منع تعيين اعضاء وانصار الاحزاب والحركات غير المشاركة في الحكومة واستغربوا ذلك، لنفترض ان الحزب الديمقراطي الكردستاني قرر غدا الخروج من الحكومة فهل هذا يعني ان هؤلاء لم يعودوا عراقيين ويحرمون من التعيين في دوائر الدولة؟ هذا نهج غير سليم لا يوحي بالثقة ولا يبني مصالحة حقيقية في العراق، واذا استمرت الامور بهذا الشكل ستكون النتيجة ان جزءا من حزب يسيطر على مقدرات البلد، وحتى الدعم الدولي والاقليمي سيتراجع ولن يبق هكذا، الان هناك شعور بالندم ونوع من خيبة الامل في مواقع دولية واقليمية كثيرة بسبب عدم تحقيق المصالحة الوطنية وان الاوضاع ما زالت هشة في العراق، واذا اخذنا موضوع الاستقرار الامني النسبي فان جزءا كبيرا منه تحقق بسبب دعم القوات المتعددة الجنسيات ووجودها في الشارع.

> دعنا نتحدث عن موضوع المصالحة الوطنية، فقد انعقدت مؤتمرات كثيرة حولها داخل وخارج العراق ولم تتحقق، ترى ما هي العقبات الرئيسية التي تقف بوجه هذه المصالحة؟

ـ المصالحة الوطنية لا علاقة لها بالمؤتمرات وانما تتحقق من خلال سلسلة اجراءات، يعني يقيمون مؤتمرا للمصالحة في العراق ويدعوني، مثلا، انا والاخ مسعود بارزاني، او مع الاخ رئيس الجمهورية جلال طالباني، او مع عبد العزيز الحكيم، هؤلاء هم اخوتي واصدقائي ولا مشكلة لي معهم فلماذا نجتمع سوية تحت خيمة المصالحة الوطنية ونحن رفاق طريق نضالي طويل ونرتبط بعلاقات صداقة شخصية، ونحن متصالحون اساسا. يجب ان تتخذ اجراءات للمصالحة مع من هم يجب ان نتصالح معهم، تحديدا وهم القوى التي تسمي نفسها مقاومة او المنتمين لحزب البعث او الجيش العراقي السابق او مع قوى الشرطة السابقة او مع مؤسسات الحكومة المنحلة او مع ملايين اللاجئين العراقيين في الخارج، هؤلاء يجب ان يكونوا هدف المصالحة الوطنية وليس اياد علاوي والاخوة طالباني وبرزاني والحكيم، او الاخ المالكي نفسه، ولو اني لا اعرفه جيدا حيث كانت علاقاتنا في المعارضة مع الاخ الجعفري كونه رئيس حزب الدعوة ولم تكن هناك اية لقاءات شخصية تجمعني به(المالكي). يجب ان تكون هناك اجراءات تتعلق بعودة اللاجئين والمهاجرين، واجراءات تتعلق بالدستور والاصلاحات الدستورية، واجراءات تتعلق بمعالجة مسائل الجيش والشرطة والمخابرات العراقية السابقة وايجاد وظائف بديلة لهم، واجراءات تتعلق بالبعثيين السابقين، هل نعدمهم كلهم؟ ام نعدم جزءا منهم، ام ان هؤلاء مع اسرهم اصبحوا خارج الحسابات العراقية كما يرى البعض في الحكومة الحالية، ونفس الشيء يسري على المقاومة، هل ننظر اليها كمجاميع ارهابية؟ وهل القاعدة هي المقاومة؟ يجب ان نجد اجابات عن هذه الاسئلة وغيرها، اما اذا سنستمر بسياسة المحاصصة الطائفية، والحزبية الضيقة، الان وليست الطائفية فقط، اليوم صار ينظر حتى الى الشيعي الذي ينتمي الى القائمة العراقية مثلا او حركة الوفاق فهو مرفوض، اذا لم نتخلص من هذه الكارثة فسيؤدي هذا الى الخراب. اذن المصالحة الوطنية فيها مفردات كثيرة، ومتى ما ناقشت الحكومة هذه المفردات ووجدت حلولا لها عند ذاك تتحقق المصالحة الوطنية وبدون مؤتمرات. المؤتمر الاكثر نجاحا والوحيد الذي صار لتحقيق المصالحة الوطنية هو الذي عقد في القاهرة عام 2005 برعاية جامعة الدول العربية مشكورة، وهذا المؤتمر بنى مفرداته على قرارات مؤتمر شرم الشيخ عام 2004، وسر نجاح هذا المؤتمر هو ان جميع الاطراف التي كان يجب ان تتصالح حضرته، لكن مؤتمر القاهرة اجهض، وسمعت قبل فترة ان الفنلنديين عقدوا مؤتمرا للمصالحة الوطنية، وهو الاخر قد اجهض، وقد وجهت لي الدعوة ولم احضر هذا المؤتمر لانني قلت ان المصالحة لا تتحقق بالمؤتمرات وانما ان تفتح ابواب العراق لكل العراقيين باستثناء القتلة والارهابيين. كيف تتحقق المصالحة الوطنية والحكومة تهمش وتحجب عنا الوظائف والحراسات، لهذا اصبحت المصالحة الوطنية شعارا عائما لن يتحقق في العراق.

> هل تعتقدون انه ما يزال هناك امل للتصالح مع البعثيين السابقين او المقاومة؟

ـ الموضوع ليس البعثيين السابقين فقط، وانما الجيش والشرطة العراقية السابقة والخمسة ملايين عراقي الذين هم في الخارج، ماذا يريد هؤلاء؟ يريدون ان يأخذ القضاء مجراه ويحاكم المجرم على ما ارتكبه من جرائم بحق الشعب وليأخذ العدل مجراه فيما يتخذه القضاء من اجراءات، وهذا ما سمعته منهم، والا ماذا ارتكب مثلا ضابط سابق في الجيش العراقي برتبة عقيد، والا ماذا ارتكب مثلا سلطان هاشم وزير الدفاع الاسبق؟ هذا كان ضابطا عراقيا محترما ورمزا عراقيا والجيش والشعب العراقي كله يحترمه، ما ذنبه ليساق الى المحكمة وكل يوم يهدد بالاعدام. يجب حل المشكلة مع هذه الشريحة، ليس فقط مع سلطان هاشم، وانما هذا الضابط كمثل على ما يجري، والمشكلة لا تخص فقط الجيش العراقي السابق ولا البعثيين فحسب، والقضية لا تتعلق باعادة حزب البعث، لكن علينا ان نفهم ان هذا الحزب حكم العراق 35 عاما، وقبلها كان مؤثرا بالحياة السياسية لأكثر من عشرين عاما، تسلم الحكم في العراق مرتين، وتسلم الحكم في سورية واليمن وليبيا وترشح عنه نواب في برلمانات شمال افريقيا والسودان، وكل ما نريد قوله هو ان يكون القضاء هو الحد الفاصل ما بين المسيء وغير المسيء، وغير المسيء يعود الى حياته الطبيعية كمعلم في المدرسة او مهندس او طبيب او موظف في الدولة، يعود كعراقي من حقه ان يعيش في بلده ويعطي تصوره ورأيه بما يحدث لا ان يعود كعضو قيادة قطرية او غيرها، وكذلك هذا يشمل المقاومة وضباط الجيش العراقي السابق. انا اتسلم رسائل من المئات من ضباط الجيش العراقي السابق المقيمين في الخارج يريدون العودة الى بلدهم والعيش فيه كمواطنين. وقد فوجئت خلال زيارتي الاخيرة الى بريطانيا، برسائل جاءتني من ضباط عراقيين في الجيش الحالي وبحدود 20 ضابطا، ارسلوا الى هناك لاغراض التدريب والتطوير لكنهم طلبوا حق اللجوء هناك بينما هنا تهدد الحكومة باعتقالهم ومعاقبتهم. المسألة هي ان بناء الثقة مهمة واذا تم الاستمرار بمسلسل التهديد والثأر والانتقام فاننا لن نستطيع بناء البلد، ذلك لان الاحقاد ستتوارث مثلما يحدث اليوم بحيث ما كنا نتخيل في يوم ما ان تطوق احياء بغداد بكتل الكونكريت المسلح، لكن هذا حدث ويحدث، لو قلت لي قبل ست سنوات ان بغداد مقسمة بجدران عازلة لقلت لك انك تتحدث عن كابوس ووهم، لكن الواقع المحزن والمرير للاسف حقق ذلك، وصار الحديث علنا عن هذا سني وذاك شيعي، علما ان المجتمع العراقي لم يكن يعرف التفرقة بين سني وشيعي، بل ان عشائرنا قسم منها سنية واخرى شيعية، حتى اني لا اعرف الكثير من اصدقائي ان كانوا سنة او شيعة، نعم كانت هناك بؤر طائفية ضيقة ومحدودة، وهذا موجود في كل مكان، حتى في بريطانيا هناك بؤر تقول نحن انجليز واخرى تقول نحن اسكتلنديون، لكن ان تتحول هذه البؤر الى نهج وسلوك ويعزل المواطن على هذا الاساس فهذا موضوع صعب جدا.

> لمسنا ان هناك تحسسا من قبل مسؤولين عراقيين من مواقف بعض الدول العربية، وبرز ذلك عندما تم تأجيل زيارة العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني الى العراق، وثمة من تحدث عن تأثيرات خليجية على العاهل الاردني؟

ـ انا مؤمن ان تأجيل زيارة الملك عبد الله الثاني جاءت نتيجة تأثيرات خارجية، والعاهل الاردني ليس ممن يخضعون لأي نوع من التأثيرات، ثم ان مواقف الدول الخليجية ممتازة ازاء العراق وكان اخرها موقف دولة الامارات العربية المتحدة المشرف باطفاء ديونها على العراق، اما العاهل السعودي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله فتربطنا به علاقات اخوية عميقة، وانا لمست ، وما زلت، من الاخوة في السعودية حرصا كبيرا على العراق ومستقبل العراق والعراقيين، ولمست نفس المواقف من قبل الاردنيين والاماراتيين وبقية الدول العربية الاخرى لدى لقاءاتي بقادتها او باصحاب الرأي في هذه الدول، من المعروف انه كانت هناك مواقف سلبية من قبل الحكومة العراقية خلال حكومة الجعفري تجاه السفارات العربية في العراق ومن العرب، وحدث ما هو اكثر من التجاوزات على السفارات العربية، وتحولت الى اعتداءات من غير ان تقول الحكومة اي شيء بل ولم تدافع عن هذه السفارات، صارت اعتداءات على السفارات الاردنية والاماراتية والجزائرية، بل ان السفير المصري قتل ونفاجأ بشخص من حكومة الجعفري يقول ان السفير كان قد قتل خلال اتصاله بالارهابيين.

لكن الادارة الاميركية، وبالذات وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس تطمئن العرب وتحثهم على فتح سفاراتهم في بغداد خوفا من النفوذ الايراني المتزايد، اذن الجهد الاعظم والرئيسي بذله الاصدقاء الاميركان مع الدول العربية وليست الحكومة العراقية من سعت الى عودة السفارات العربية. انا اعتقد ان هذه هي فرصة جديدة وفرتها الادارة الاميركية للحكومة العراقية وللعراق وللمنطقة حتى يبدأ العراق بتفاهم ايجابي مبني على الثقة وعلى الاحترام من دون الهجمات على السفارات او ان الارهابيين هم من العرب غير العراقيين وان يعيش العراق بمستوى التزاماته مع الدول العربية، سواء اردنا ام لا فان هوية العراق تبقى بصورة عامة عربية، وتبقى علاقاتنا مع الدول العربية مصيرية لا يجب ان نتخلى عنها، والانسان اذا فقد هويته يضيع، ونحن لا نريد ان ينفتح العراق على العرب من اجل انحسار النفوذ الايراني في البلد، هذا ليس هدفنا، هذا الهدف في رؤوس الاميركان، وفي السياسة الاميركية، نحن هدفنا ان يعيش العراق في مناخه العربي الطبيعي، ولنتذكر من الذي وقف مع العراق وفتح حدوده خلال الحرب العراقية الايرانية، بغض النظر عن موقفنا من هذه الحرب، انا شخصيا كنت ضد الحرب، وكل العراقيين نشأوا على تواصل حقيقي مع العرب ووفق روابط العروبة والاسلام.

> هل ستخوض القائمة العراقية انتخابات مجالس المحافظات، والانتخابات النيابية القادمة؟

ـ اذا اتسمت الانتخابات بالنزاهة وعدم التزوير، مثلما حدث في الانتخابات السابقة، بالتأكيد سنخوضها، ولو نحن نشك في ان تكون الانتخابات نزيهة اعتمادا على ما حدث في الانتخابات النيابية السابقة حيث فقدنا ما يقرب من عشرين شهيدا، واستعانت قوى اخرى بجهات خارجية قامت بطبع ملصقات تحمل نصف وجهي والنصف الاخر لصدام حسين، كما هاجموا عضو القائمة اياد جمال الدين بالصواريخ في منزله بسوق الشيوخ في الناصرية واحرقوا مكاتبنا ومقراتنا في عدد من المحافظات، ووثقنا كل هذه الممارسات وكتبنا فيها تقريرا الى المفوضية العليا للانتخابات، لكن لم يحدث أي شيء ولم يتخذ أي اجراء.

> هناك تساؤل عما يفعله علاوي سواء في بغداد او خارج العراق؟

ـ انا اعمل للعراق ومن اجل العراق، سواء كنت في بغداد او خارج العراق، كل جولاتنا ولقاءاتنا مع الاخوة العرب او مع الاصدقاء في اميركا او اوروبا تصب في مصلحة شعبنا. وفي بغداد نبذل جهدنا مع بقية الاحزاب والتيارات السياسية لحماية مصالح العراقيين، كما ان تغيير مقرات اقامتنا تفرضها علينا الاوضاع الامنية، ومثلما تحدثت لكم عن محاولة الاغتيال الاخيرة والتي سبقتها ما يقرب من ثماني محاولات، ونحن هنا بلا حماية وبلا حراسات.