بعد عام.. حكومة المالكي تملأ الشواغر.. و«جبهة التوافق» تعود مجددا

البرلمان أجرى التصويت وسط اعتراضات كتل سياسية.. وأكثر من 100 نائب أرادوا كسر النصاب القانوني

TT

شهدت حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، امس، انفراجا سياسيا كبيرا اثر تصويت البرلمان العراقي على أسماء الوزراء المرشحين لشغل الحقائب الوزارية العشر الشاغرة، منها ستة لصالح جبهة التوافق العراقية، أكبر الكتل السنية في البرلمان. وتشكل عودة جبهة التوافق الى الحكومة بعد نحو عام على انسحابها خطوة ايجابية تجاه المصالحة الوطنية في البلاد.

غير ان عملية التصويت شهدت انتقادات واسعة من قبل نواب القائمة العراقية والتيار الصدري.

وكانت الخلافات بين الكتل السياسية قد ألقت بظلالها على الحكومة، مما أسفر عن استقالات متلاحقة لوزراء من حكومة المالكي.

وقدم وزراء جبهة التوافق العراقية، اكبر كتلة سنية تشغل 44 مقعدا من مقاعد مجلس النواب البالغة 275، استقالاتهم الى رئيس الوزراء في الاول من اغسطس (آب) الماضي. وتقدمت الجبهة آنذاك بمجموعة من المطالب في مقدمتها المشاركة بشكل اوسع في القرار الأمني، وإطلاق سراح المعتقلين.

واكد سليم عبد الله الناطق باسم الجبهة أن «الجبهة قدمت قائمة المرشحين من الوزراء ونائب رئيس الوزراء الى رئيس الوزراء»، مضيفا ان «المالكي وافق على أسماء المرشحين».

ووزراء جبهة التوافق الجدد، وضمنهم نائب رئيس للوزراء، هم: رافع العيساوي، لمنصب نائب رئيس الوزراء بدلا عن سلام الزوبعي وعبد ذياب العجيلي، لمنصب وزير التعليم العالي والبحث العلمي وماهر ابراهيم الحديثي، وزيرا للثقافة، وفاروق عبد القادر عبد الرحمن، وزيرا للاتصالات، ومحمد مناجد الدليمي، منصب وزير الدولة لشؤون الخارجية، ونوال مجيد حميد منصب، وزيرة دولة لشؤون المرأة، حسبما اوردته وكالة الصحافة الفرنسية.

و«جبهة التوافق» هي تحالف لثلاثة أحزاب سنية: «الحزب الاسلامي العراقي» وهو اكبر الاحزاب السنية بزعامة طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية، و«مجلس الحوار الوطني» بزعامة خلف العليان، و«مؤتمر اهل العراق» بزعامة عدنان الدليمي.

وتكرس عودة وزراء جبهة التوافق الى الحكومة زوال التشنجات بين الجبهة ورئيس الوزراء الذي اعتبر أن انسحابهم من الحكومة «يدل على عدم تحمل المسؤولية». وأكدت مصادر برلمانية أن الوزراء الاربعة من المستقلين الذين سيشغلون مناصب وزارية كانت للتيار الصدري هم: خلود سامي عزارة وزيرة دولة لشؤون المحافظات، وعامر عبد الجبار اسماعيل وزيرا للنقل، وقحطان عباس نعمان وزيرا للسياحة والآثار، وثامر جعفر الزبيدي وزير دولة لمنظمات المجتمع المدني.

الى ذلك، اشارت مصادر مقربة من البرلمان لـ«الشرق الاوسط» الى ان 115 من النواب العراقيين لم يدخلوا قاعة المجلس بهدف كسر النصاب القانوني للتصويت، ولكن عندما شعر النواب المعترضون، وهم يمثلون كتل العراقية والتيار الصدري وحزب الفضيلة ومجلس الحوار الوطني وكتلة التضامن، ان التصويت سيتم بثلثي النصاب بحضور 142 نائبا، دخلوا الى القاعة لمراقبة ما سيحصل وتسجيل مداخلاتهم واعتراضاتهم. من جانبه، اكد النائب عزت الشابندر عضو مجلس النواب العراقي عن القائمة العراقية، ان «عملية التصويت غير مضبوطة لا حسابيا ولا فنيا»، وقال لـ«الشرق الاوسط» عقب الانتهاء من عملية التصويت ان «اطرافا من التحالف الكردستاني والائتلاف العراقي الموحد اتفقت على تمرير قائمة الاسماء المرشحة»، مؤكدا «ان الموقف الرافض للقائمة لا يتعلق بالوزراء انفسهم بل على الطريقة التي تكرس نفس المنهج الخاضع لأسلوب المحاصصة العرقية، وقد اكتملت الحكومة الآن بهذا المنهج»، وأشار الشابندر الى ان «الاعتراضات التي تسجل الآن لا تجدي نفعا لأن عملية التصويت قد تمت والحكومة قد شكلت»، معتبرا ان «لا تغييرات سياسية ستحصل بهذه التشكيلة، بل انها تكريس لمنهج قديم في عملية المحاصصة»، غير انه أقر بأن تغييرات عملية ستحصل داخل الوزارات التي بقيت شاغرة لفترة طويلة دون وزراء.

على الصعيد نفسه، اتهم النائب احمد المسعودي عن التيار الصدري جهات سياسية لم يسمها بتمرير قائمة الوزراء وإقرارها بالأغلبية البسيطة، وقال المسعودي لـ«الشرق الاوسط» انه «لقد لمسنا وخلال اليومين الماضيين تحركا سياسيا من قبل بعض الجهات التي أعدت خطة سياسية لغرض تمرير اسماء الوزراء بحجة انهم وزراء مستقلون وجميع الوزراء يمثلون جهات وتكتلات سياسية»، وأشار المسعودي الى ان «التصويت جرى بطريقة مريبة فلم يتم احتساب الأصوات التي وافقت على الوزراء، وقال رئيس الجلسة أن الأغلبية قد وافقت كما لم يتم الاستماع الى المداخلات داخل الجلسة».

وأكد المسعودي أن المتفق عليه هو التصويت على ست حقائب وزارية، وقد «فوجئ» الحضور بعرض عشر حقائب وزارية بينها وزارات كانت للتيار الصدري واصبحت من حصة الائتلاف العراقي الموحد، مشيرا الى ان الحكومة سبق لها وان مررت وزارتي الصحة والزراعة بنفس الطريقة وهي الآن تعيد نفس الكرة في تشكيلتها الجديدة.

واعلن التيار الصدري المناهض للولايات المتحدة في أبريل (نيسان) 2007، انسحاب وزرائه الستة من الحكومة العراقية احتجاجا على رفض رئيس الوزراء وضع جدول زمني لانسحاب القوات الاميركية. لكنه خوله اختيار وزراء تكنوقراط. وصوت أعضاء البرلمان بالاجماع على تعيين وزيرين مستقلين لشغل منصبي وزير للصحة وآخر للزراعة، بدلا عن وزيرين من التيار الصدري في الثلاثين من أكتوبر (تشرين الاول) 2007، وبقيت المناصب الاربعة الاخرى آنذاك شاغرة. وحضر جلسة السبت 190 نائبا من اصل اعضاء المجلس الـ275.

من جانبه، نفى النائب عباس البياتي عن الائتلاف العراقي الموحد الحاكم، ان تكون الجلسة غير مكتملة النصاب او ان هناك اتفاقا بين الكتل لتمرير قائمة الوزراء العشرة.

وقال البياتي لـ«الشرق الاوسط» إن «لا وجود لاتفاقات جانبية بين الكتل لتمرير قائمة الوزراء وان رئيس الوزراء اعتمد في اختياره على الكفاءة العالية؛ فمن بين الوزراء العشرة ثمانية او تسعة يحملون شهادة الدكتوراه كما اعتمد يضا التوزيع الجغرافي، فالوزراء من الموصل وديالى والانبار والحلة وغيرها من محافظات العراق لتحقيق حكومة الوحدة الوطنية»، مؤكدا ان الوزارات التي كان يشغلها التيار الصدري أصبحت الآن بيد مستقلين ليس لهم اية علاقة بأية جهة سياسية. وأشاد البياتي بموقف القائمة العراقية والتيار الصدري الذين حضروا جلسة التصويت لاستكمال النصاب مع الاحتفاظ بحقهم الدستوري والقانوني بعدم منح اصواتهم للموافقة على القائمة.