بديل الاتفاقية الأمنية بين العراق وأميركا يلقى استحسان الكتل السياسية العراقية

سياسيون أفادوا بأن البروتوكول يضمن السيادة.. وتوقعات بتمريره قبل نهاية يوليو

ديفيد بترايوس قائد القوات الاميركية ببغداد يتحدث الى أحد ضباطه في مقر إقامته بالسفارة الاميركية ببغداد امس (أ.ب)
TT

اكد عدد من الشخصيات السياسية والبرلمانية العراقية ان البروتوكول الامني المزمع توقيعه مع الولايات المتحدة الاميركية هو البديل الافضل للاتفاقية الامنية بعيدة المدى التي يبدو انها تآكلت مع اصرار الجانب العراقي على تحقيق عدة شروط تضمن «سيادة» العراق. واكد علي الاديب، القيادي في حزب الدعوة الحاكم والمقرب من رئيس الوزراء نوري المالكي، ان «المباحثات التي تجري الان حول البروتوكول الامني تشكل موافقة على الشروط العراقية، واخراج القوات الاميركية من حالة القتال الى المشاورة والتدريب، وتحديد افق زمني لخروج القوات الاجنبية من العراق، وهذا ما يتم التباحث فيه الان بشكل معمق مع الجانب الاميركي».

وأشار الاديب لـ«الشرق الاوسط» الى ان «مذكرة التفاهم مع الولايات المتحدة الاميركية قد تؤدي الى تفاهمات وبروتوكولات مع دول اخرى ايضا». مؤكدا ان مذكرة التفاهم تلك ستمنح العراق تغطية قانونية للخروج من البند السابع، وستكون ملحقة باتفاقية الاطار العام في المجال الاقتصادي والصحي والثقافي. وتوقع ان «تحظى هذه المذكرة بموافقة الكتل السياسية، بعد ان يتم الاتفاق حول جدولة الانسحاب وتحديد الحصانة للجنود الاميركان ضمن مواقع وجودهم، وان تكون المهمات الامنية والسيادية بيد الحكومة العراقية».

واتفق الرئيس الأميركي جورج بوش ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة الخميس الى وضع أفق زمني لانسحاب القوات الأميركية من العراق كجزء من اتفاقية يسعى الطرفان إلى إبرامها بنهاية الشهر الحالي.

وتجري حاليا مفاوضات بين العراق والولايات المتحدة لتحويل «إعلان المبادئ» إلى اتفاقية يمكن التوقيع عليها في 31 يوليو (تموز) المقبل، لتدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني).

ورغم ان الاديب قال ان الوصول الى اتفاق نهائي بين الطرفين امر ليس بـ«الوشيك»، غير ان مساعدين في البيت الابيض قالوا إنهم واثقون بأنه سيتم التوصل الى اتفاق قبيل نهاية الشهر الحالي، حسبما أوردته صحيفة «نيويورك تايمز». وقال مسؤول أميركي «نحن نقترب من اتفاقية»، مشيرا الى ان المفاوضين مستمرون في بحث القضايا المتعلقة بالأمن والتي تتضمن العمليات العسكرية وحصانة المتعاقدين المدنيين وصلاحيات الاعتقال.

على الصعيد نفسه، استبعد سليم عبد الله المتحدث باسم جبهة التوافق العراقية ان يكون يوليو (تموز) الحالي موعدا لتوقيع الاتفاقية، وقال «لا اعتقد ذلك لان جملة من المباحثات تجري الان حول جملة امور لم يتفق عليها بعد، وان عرض مذكرة التفاهم او الاتفاقية الامنية على مجلس النواب لها وقت ايضا».

وقال عبد الله لـ«الشرق الاوسط»، ان بنود الاتفاقية الامنية هي «نفس بنود البروتوكول لكن بشكل اقل، حيث وضعت بنود لجدولة الانسحاب والحصانة للجنود الاميركيين»، مؤكدا «انها نسخة معدلة من الاتفاقية الامنية، غير ان البروتوكول سيكون بصالح العراق، اذ تمت مراعاة عدة مسائل في ان يكون القرار الامني والعسكري للحكومة العراقية، وكذلك التحركات للقوات الاميركية والحصانة الممنوحة لهم»، وأضاف ان «الجانب الاميركي وصل الى الحد الادنى من بنود الاتفاقية من اجل توقيعها مع العراق».

من جانب اخر اكد عباس البياتي عضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب العراقي، ان برمجة انسحاب القوات ومن ثم خروجها من العراق قد وصل الى طريق التفاهم بين العراق والولايات المتحدة، خصوصا بعد اعلان المحادثات بين رئيس الوزراء نوري المالكي والرئيس الاميركي وان البروتوكول الامني سيحقق هذا الامر بسقف زمني لم يتم الاتفاق عليه بعد، ولكن المباحثات تشير الى انه بين 3-5 سنوات. ويعد التوصل الى الاتفاق الجديد مؤشرا على تحول تدريجي، انما كبير، بالنسبة للرئيس الاميركي.

وتعد الاتفاقية أو مذكرة التفاهم التي يتفاوض بشأنها العراقيون والاميركيون الان «اكثر اعتدالا» من الاتفاقية الاستراتيجية طويلة الامد التي التزمها كل من الرئيس الاميركي جورج بوش ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، كبديل لاخراج العراق من وصاية الامم المتحدة. ويقول المسؤولون الاميركيون انهم يتفاوضون الآن بشأن اتفاقية من شأنها منح سلطة قانونية للقوات الاميركية لتنفيذ عمليات قتالية في العراق والسيطرة على الاجواء واعتقال عراقيين، فيما يتم تأجيل قضايا أكثر تعقيدا مثل «اتفاقية وضع القوات» للادارة الاميركية المقبلة.

ويرى مراقبون ان الاتفاق الجديد كان ضروريا للحكومة العراقية التي تريد ان تبين للعراقيين ان القوات الأميركية في طريقها إلى الخروج من البلد في وقت تحجّم فيه المخاطر الناجمة عن خفض حجم القوات.

وقالت صحيفة «واشنطن بوست» الاميركية إن المتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ قال في تصريح له ان «العراق والولايات المتحدة اتفقا على تحديد أفق زمني لإتمام نقل كامل للمسؤولية الأمنية إلى القوات العراقية بهدف تقليل حجم القوات الأميركية بما يسمح انسحابها من العراق».

ولكن صادق الركابي، وهو مستشار سياسي بارز لدى المالكي، قال إن «المفاوضين ما زالوا خارج دائرة تفاصيل خفض القوات، فالحكومة العراقية تريد وضع جداول زمنية محددة تدير مراحل مختلفة لما يحتمل ان يكون انسحابا تاما للقوات الأميركية المقاتلة من العراق».

وأضاف الركابي انه هناك «مبدأين يحددان العلاقة العسكرية مع أميركا، لا قواعد دائمة ولا وجود دائم، فعليه في كل الاحوال لا بد من وضع جدول زمني للانسحاب».