وزراء الخارجية العرب يؤكدون مساندتهم «المطلقة» للسودان في مواجهة المحكمة الجنائية الدولية

كلفوا موسى عرض القرار العربي على البشير اليوم.. والاتصال مع الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لإنهاء الأزمة

TT

أكد المجلس الوزاري لجامعة الدول العربية، مساندته المطلقة للسودان، في أزمته مع المحكمة الجنائية الدولية، مشددا على تضامنه مع الخرطوم في مواجهة طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، بتوقيف الرئيس السوداني عمر البشير، بدعوى ارتكابه جرائم حرب في إقليم دارفور.

وشدد المجلس في ختام اجتماعه الاستثنائي أمس، بمقر الجامعة العربية في القاهرة، على رفضه أية محاولات لتسييس العدالة الدولية، واستخدامها في الانتقاص من سيادة الدول ووحدتها، وأمنها واستقرارها ورموزها الوطنية، مؤكداً أهلية القضاء السوداني واستقلاليته، باعتباره صاحب الولاية الأصلية في إحقاق العدالة، وفي ضوء المحاكمات التي جرت يدعو المجلس إلى استكمال المحاكمات وتحقيق العدالة الناجزة.

وأكد وزراء الخارجية العرب في قرار لهم، بعد اجتماعات دامت نحو سبع ساعات من يوم أمس، احترام سيادة السودان ووحدة أراضيه واستقلاله، فيما طالب المجلس جميع الدول تأكيد هذا الالتزام عملياً، ودعم المساعي الرامية على تحقيق السلام والوفاق الوطني بين أبنائه.

وقرر المجلس الوزاري للجامعة العربية، الذي أبقى اجتماعه مفتوحاً لمتابعة تطورات الموضوع، «التضامن مع جمهورية السودان في مواجهة أية مخططات تستهدف النيل من سيادته ووحدته واستقراره، وعدم قبول الموقف غير المتوازن وغير الموضوعي للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، في الطلب الوارد في مذكرته المرفوعة إلى المحكمة الجنائية الدولية».

وطالب الوزراء في قرارهم، مجلس الأمن بتحمل مسؤوليته في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وتوخي الحذر الشديد في التعامل مع الأوضاع في السودان، خلال المرحلة القادمة، وعدم إتاحة الفرصة لأي طرف، أو عمل أو إجراء يؤدي إلى تقويض جهود التسوية السياسية لأزمة دارفور، أو خلق مناخ من عدم الاستقرار في البلاد، يهدد مستقبل جهود حفظ السلام في دارفور وأزو في جنوب السودان.

ودعا القرار العربي إلى «إعطاء أولوية لانجاز التسوية السياسية، وضرورة تفعيلها والدعوة إلى عقد اجتماع دولي رفيع المستوى لدفع العملية السياسية في دارفور، ووضع خريطة طريق، وإطار زمني لتنفيذها، وكذلك دعوة الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي بالمشاركة مع جامعة الدول العربية، إلى اتخاذ الإجراءات العملية، نحو عقد هذا الاجتماع».

وتضمن القرار قيام الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، بعرض خطة التحرك التي تم الاتفاق عليها على الحكومة السودانية، خلال زيارته للسودان (اليوم ـ 20 يوليو (تموز) الحالي، كما كلفوا موسى مواصلة الاتصالات مع الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي لتأمين تحرك مشترك، يستهدف التعامل مع الوضع في ما بين السودان والمحكمة الجنائية الدولية، والعمل على تحقيق المصالحة الأهلية، واستعادة السلام الاجتماعي في دارفور، ومواجهة ما قد ينشأ من تداعيات تؤثر سليباً على الاستقرار في السودان والعملية السياسية في دارفور وجهود حفظ السلام.

كما كلف المجلس ـ وفقاً للقرار ـ موسى واللجنة الوزارية الخاصة بالسودان، بالاستمرار في متابعة الموضوع وتقديم تقرير إلى المجلس في هذا الشأن.

وفي الجلسة الافتتاحية أكد عمرو موسى الذي يغادر القاهرة عقب الاجتماع متوجهاً إلى السودان للقاء الرئيس عمر البشير «أن موضوع طلب من المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بشأن توقيف عدد من المسؤولين السودانيين يتعلق بعدد من الاعتبارات منها الحصانة المفروضة لرؤساء الدول وفي نفس الوقت كيفية التعامل مع الوضع في إقليم دارفور»، مشددا على «ضرورة الأخذ في الاعتبار التداعيات السياسية الخطيرة لهذا الإجراء والمحاولات الجارية للمصالحة الدارفورية وتحقيق الاستقرار في السودان، واستبعاد كافة العناصر التي يمكن أن تؤدي إلى قلاقل».

وأوضح موسي «أن موقف الجامعة العربية سوف يتحدد بناء على هذه الاعتبارات الكثيرة، وخاصة فيما يتعلق بموقف الحكومة السودانية التي ليست عضوا في نظام المحكمة الجنائية الدولية».

واعتبر وزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف، الذي ترأس بلاده الدورة الحالية لمجلس الجامعة العربية «أن توجيه المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، الاتهام إلى الرئيس السوداني عمر البشير سابقة خطيرة في تاريخ التعامل مع الدول ذات السيادة»، وقال «إن هذا القرار لا يخدم الاستقرار في السودان وستكون له تداعيات خطيرة على الاستقرار هناك».

وقال مصدر دبلوماسي سوداني «إن الاجتماع يناقش مشروع قرار يشدد على رفض المساس بحصانة رؤساء الدول ويدعم موقف السودان الرافض للتعامل مع المحكمة الجنائية الدولية». وذكر المصدر «أن المشروع يحذر من أي قرار يتجاوز نظام روما الأساسي الذي نص على التكامل بين دور المحكمة والنظام القضائي الوطني، وأنها (أي المحكمة)، ليست بديلا للقضاء الوطني»، ولفت إلى «أن مشروع القرار يتضمن أيضاً تشكيل لجنة وزارية عربية لمتابعة الموضوع».

ويطالب المشروع المجتمع الدولي ومنظماته بمناهضة القرار، ويؤكد رفض المجلس لأي محاولة لتسييس المحكمة الجنائية الدولية. ووفقاً لمصادر دبلوماسية عربية، فإن اللقاءات السابقة على الاجتماع الرسمي، والمداولات بالجلسة المغلقة كشفت عن اتجاهين لدى المجلس الوزاري للجامعة العربية، الأول يتجه للتصعيد ضد المحكمة الجنائية الدولية، وإدانة قرارها، واعتبارها جهة معادية للعرب.. لا داعي للتفاوض معها، والاتجاه الآخر الذي ساد في الاجتماع المغلق ركز على رفض التصعيد ورفض القرار والمطالبة بتعليق القرار وطلب تأجيله وفقا للمادة 16 من نظام المحكمة والتحرك باتجاه مجلس الأمن لإبطال القرار وتحريك القضاء السوداني باعتباره فاعلا ويرفض أي انتهاك في دارفور ويقوم بمعاقبة الجناة.

وأفادت مصادر شاركت في الاجتماع بـ«أن التحرك لحل الأزمة وسبل الخروج منها هيمن على تعليقات وزراء الخارجية العرب وكذلك رفض كل ما يمس بسيادة الدول العربية والأفريقية، والتذكير بأن السودان لم يصادق على نظام روما حتى يلتزم بما تقره، إضافة لعدم وجود اتهام واضح ضد الرئيس البشير بالنظر لما يحدث من إبادة في العراق وفلسطين، وقد علق البعض قائلا نريد من المحكمة الدولية أن تعاقب الذين قتلوا مليون عراقي قبل أن تنظر في مقتل 250 سودانيا».

إلى ذلك، شارك في الاجتماع 18 وزيراً للخارجية من بينهم وزراء خارجية مصر والسعودية واليمن وسورية والكويت واليمن وتغيب وزراء العراق ولبنان والصومال الذين شاركوا على مستوى المندوبين. ومن المتوقع أن يواصل موسى جهوده بتحرك سريع مع مجلس الأمن والسلم الأفريقي، حيث يشارك في اجتماعاته التي ستعقد في أديس أبابا غدا الاثنين.