من أجل بريطانيا صديقة للبيئة: المنازل تتزود بأجهزة لقياس استهلاك الطاقة

تنافس على لقب المدينة «الخضراء»

TT

في كل مرة يقوم فيها جيفري مارتشانت وزوجته برندا بتشغيل جهاز الحاسب الآلي أو إضاءة المصابيح أو وضع إناء على الموقد، يصبح بإمكانهما مراقبة قيمة فاتورة الكهرباء وهي ترتفع أمام أعينهما، وذلك بفضل جهاز جديد في شكل صندوق صغير معلق على الحائط يقدم قراءة رقمية مستمرة لاستهلاك الكهرباء، ويوفر معلومات فورية حول قيمة الفاتورة، الأمر الذي يساعد على ترشيد استهلاك الطاقة. يذكر أن تشغيل جهاز الحاسب الآلي يرفع مؤشر الجهاز من 300 واط إلى 400 واط، بينما يؤدي إطفاء المصابيح إلى خفضه من 299 واط إلى 215 واط وعند مستوى 500 واط، يطلق الجهاز إشارات تحذير. ومن خلال الجهود المحدودة التي بذلها أفراد أمثال أفراد عائلة مارتشانت، نجحت مدينة هوف في تقليص حجم انبعاثاتها من ثاني أكسيد الكربون بمقدار النصف على امتداد السنوات الخمس الماضية، ما أدى إلى تحويل المدينة ـ علاوة على برايتون المجاورة ـ من واحدة من المدن البريطانية التقليدية إلى نموذج للمدينة «الخضراء» الصديقة للبيئة. وتتنامى هذه الجهود قوة في الوقت الحاضر، وتجتذب الإشادة من مختلف أنحاء بريطانيا، باعتبار المدينة نموذجاً لتطبيق أساليب سهلة لتقليص انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري. على الصعيد الرسمي، تدرس الحكومة البريطانية خطة لوضع أجهزة قياس ذكية لاستهلاك الغاز الطبيعي والكهرباء داخل جميع المنازل على مستوى البلاد، والبالغ إجمالي عددها 46 مليون منزل. وفي حقبة يعمد خلالها نجوم السينما الى بناء قصور ضخمة صديقة للبيئة تصل قيمتها إلى 5 ملايين دولار، حرصت الأسر هنا على اتباع السبيل ذاته. بيد أنهم نجحوا في تحقيق ذلك عبر وسائل منخفضة التكلفة، مثل تركيب طبقات عازلة تحت الأسقف والاستعانة بأجهزة تسخين للمياه تعمل بالطاقة الشمسية. من جانبها، أشارت ميسشا هيويت من منظمة «لو كاربون ترست» البريطانية، وهي منظمة غير ربحية إلى أنه «عندما يتحدث الناس عن منزل صديق للبيئة يتخيلون في ذهنهم صورة منزل مصقول الجدران في الريف مزود بألواح شمسية وتوربينات لتوليد الطاقة من الرياح. لكن الآن، أصبح هذا أسلوب حياة المواطن البريطاني العادي». يذكر أن المنظمة عملت على تنظيم ترتيبات لفتح عدد من المنازل بالمنطقة خلال عطلات نهاية الأسبوع وذلك للسماح لأبناء برايتون المجاورة التعرف على ما حققه سكان هوف. جدير بالذكر أن منظمة «فوروم فور فيوتشر» (منتدى المستقبل) البحثية البريطانية وقع اختيارها العام السابق على مدينة برايتون باعتبارها أفضل مدينة بريطانية بمجال الطاقة المستدامة. وخلال الفترة الأخيرة، أقر السياسيون داخل المدينة مسألة تقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون كأولوية على رأس أجنداتهم. ورغم أن غالبية هيئات الحكم المحلي ببريطانيا تستخدم مستويات مرتفعة نسبياً من الانبعاثات الكربونية والمرتبطة بالتسعينيات كأساس لقياس التقدم نحو تقليص هذه الانبعاثات، تحاول مدينة برايتون خفض المستويات الخاصة بعام 2006 بنسبة 20% بحلول عام 2012. وبالفعل، اتخذت سلطات المدينة عدداً من الإجراءات، مثل توسيع نطاق خدمة الحافلات العامة وتعزيز الجهود التنموية بمجال الإسكان التي لا تسمح باستخدام السيارات. إلا أنه نظراً لأن 20% من انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري تصدر عن المنازل الخاصة، يجري تشجيع أصحابها على بذل المزيد من الجهود لتحقيق الأهداف البيئية الطموحة التي تسعى وراءها المدينة. وهذا هو السبب وراء موافقة المسؤولين في برايتون على رعاية احتفالية بمنازل مفتوحة صديقة للبيئة خلال العام الجاري. وفي إطار برنامج المنازل المفتوحة الصديقة للبيئة المقرر إطلاقه، هناك منزل تم تحويله إلى مسكن صديق للبيئة، حيث تمت تغطيته بألواح شمسية. المنزل لصاحبه بيتر كوفمان ورفيقته سيغريد شتاغل، وهما ينتميان إلى منطقة في النمسا معروفة باهتمامها البالغ بالحفاظ على البيئة. وعندما انتقل الرفيقان إلى هنا منذ ثلاث سنوات ماضية للعمل بجامعة ساسكس راودهما الأمل في بناء منزل صديق للبيئة من الصفر. لكنهما اكتشفا أن بناء هذا المنزل ينطوي على تكلفة باهظة. جدير بالذكر أن عدداً ضئيلاً من الدول، مثل السويد، والولايات الاميركية مثل كاليفورنيا، إضافة إلى بعض الشركات بدأت في تركيب أجهزة قياس استهلاك الطاقة الذكية داخل المنازل على مدار السنوات القليلة الماضية، في تجربة أحرزت نجاحاً عاماً. من جانبها، من المقرر أن تفرض الحكومة البريطانية على الشركات المتوسطة وكبيرة الحجم تركيب أجهزة قياس الاستهلاك في غضون خمس سنوات، ولم تتخذ قراراً بعد بشأن ما إذا كانت ستفرض هذا الأمر على المنازل الخاصة. وبينما توفر أجهزة القياس البسيطة، كتلك المتوافرة هنا، مجرد قراءة لمستوى استهلاك الكهرباء، تشير الأنماط الأكثر تعقيداً منها إلى معدلات استهلاك الغاز الطبيعي، بل وتبعث بقراءاتها إلى شركات الطاقة المعنية.

* خدمة «نيويورك تايمز»