موسى يعرض على البشير خطة عمل قانونية وسياسية للتعامل مع قرار «الجنائية الدولية»

تشمل محاكمة المتهمين بارتكاب جرائم حرب بدارفور وفقاً للقانون السوداني * فتح حوار مع «الجنائية الدولية» لتعطيل تفعيل قرار توقيف البشير لإعطاء فرصة لإنهاء المحاكمات

الرئيس السوداني عمر البشير لدى استقباله الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى أمس (إ ف ب)
TT

حصلت «الشرق الأوسط» على الملامح الأساسية لخطة العمل السياسية والقانونية التي حملها الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى معه إلى السودان لعرضها على الرئيس عمر البشير الذي قبلها، وتتعلق الخطة بكيفية التعاطي مع قرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بتوقيف الرئيس عمر البشير بدعوى ارتكابه جرائم حرب في دارفور.

وأوضحت مصادر دبلوماسية عربية تحدثت لـ«الشرق الأوسط» أن الخطة القانونية والسياسية للجامعة العربية تتضمن في بندها الأول «محاكمة كل من ثبت اتهامه بارتكاب جرائم في دارفور، وفقاً للقانون الوطني السوداني». كما تتضمن الخطة مشاركة قانونيين وقضاة من قبل الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي مع القضاء السوداني لتفعيل المحكمات وإعطائها دفعة قوية وعدم الإبطاء فيها، على أن يتم إنجاز المحاكمات في وقت مناسب.

وتشمل الخطة قيام الجامعة العربية بالدعوة لعقد اجتماع دولي لدفع عملية السلام في دارفور، ووضع خريطة طريق يتم تنفيذها في إطار زمني محدد لتنفيذها.

وبالتوازي مع التحرك القانوني والسياسي تفتح الجامعة العربية حواراً مع المحكمة الجنائية الدولية لتعطيل القرار من ناحية، وإعطاء فرصة لإنجاز الجانب القانوني (المحاكمات وفقاً للقانون الوطني السوداني)، وكذلك إنجاز التسوية السياسية من ناحية أخرى.

وأوضحت المصادر «أن الحوار بين الجامعة العربية والمحكمة الجنائية الدولية سيركز على أن السودان ليس عضوا في نظام روما الأساسي، ومدى قانونية تطبيق قرارات المحكمة على دولة ليست عضواً في نظام روما، والشروط الواجب توافرها في هذه الحالة». وأمسكت المصادر الدبلوماسية العربية في تصريحاتها لـ«الشرق الأوسط» عصر أمس، عن إعطاء مزيد من التفاصيل قائلة إن الأمين العام للجامعة العربية لم يلتق بعد والرئيس عمر البشير وأنه سيلتقيه بعد نحو ساعة تقريباً، ليعرض عليه الخطة، وربما يحدث تعديل عليها، في ضوء المشاورات بين موسى والبشير.

وفور وصوله إلى الخرطوم صباح أمس عقد موسى عدة لقاءات مع مختلف الأطراف المعنية بالأزمة في السودان، وشملت تلك اللقاءات كلا من جبريل باسولي الوسيط الدولي الجديد لدفع السلام فى دارفور، وردولف ادادة رئيس البعثة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة. كما تشمل لقاءات موسى، خلال زيارته التي تختتم اليوم (الاثنين)، أشرف قاضى رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان والصادق المهدي رئيس حزب الأمة السوداني. وتأتي زيارة موسى الحالية للخرطوم في إطار تكليفات الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب الذي عقد بالقاهرة أول من أمس، والذي طالب بإعطاء أولوية لإنجاز التسوية السياسية والدعوة إلى عقد اجتماع دولي رفيع المستوى لدفع عملية السلام في دارفور، ووضع خريطة طريق وإطار زمني لتنفيذها ودعوة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي بالمشاركة مع الجامعة العربية لاتخاذ الإجراءات العملية نحو عقد هذا الاجتماع.

وعلى صعيد متصل، أكد جون أنقول وزير الدولة بوزارة الحكم الاتحادي السوداني وماثيو مايور ايونق القيادي بحزب المؤتمر الوطني (أحد شريكي الحكم بالسودان) أن قرار المحكمة الجنائية بتوقيف الرئيس السوداني عمر البشير باطل ولا يستند إلى أي اتهام. وقال المسؤولان لـ«الشرق الأوسط» «إن الحل يكمن في الضغط الدبلوماسي على مستوى دولي وخاصة الدول العربية باعتبار أن القرار سابقة ضد الدول العربية كلها وليس السودان فقط»، مطالبين بالتصدي لقرار المحكمة الجنائية الدولية بالمنطق الحقيقي استنادا إلى أن السودان ليس عضوا في نظام هذه المحكمة.

واعتبر المسؤولان السودانيان أن قرار المحكمة الدولية يعد انتهاكا لاتفاقيات السلام في الجنوب ودارفور، مشيرين إلى أن قضية دارفور في حاجة إلى حل وليس التعقيد.

من جانبه، أوضح وزير الدولة بالحكومة الاتحادية السودانية جون أنقول أن قرار المحكمة الجنائية الدولية أدى إلى وحدة وطنية لكل السودان في الجنوب وفي دارفور لمساندة الرئيس البشير الذي صنع السلام، وقال «المساس به (الرئيس السوداني) يعد انتهاكا للسلام في السودان، فيما لم يستبعد ماثيو مايور ايونق القيادي بحزب المؤتمر الوطني وجود أجندة خفية لتصفية خلافات دولية على أرض السودان بين الصين وأميركا».

وقال ايونق «ما يحدث يعبر عن أجندة الرئيس الأميركي جورج بوش الذي سيغادر البيت الأبيض قريبا، وعليه فهو يحاول إزعاج رؤساء الدول باستهداف الحكم في السودان، إضافة لأن السودان يفتح صفحة جديدة لمستقبل أكثر استقرارا بعد وضوح خريطة عملية السلام».

وعما إذا كان يتوقع تجاوبا دوليا بسبب الضغوط الدبلوماسية العربية والأفريقية ضد القرار، قال ايونق «عدم التجاوب يعني عدم احترام الشعوب والدول، وهو ما يتعارض مع شرعية هذه المؤسسات الدولية»، فيما استبعد القيادي بحزب المؤتمر الوطني السوداني أن يسلم الرئيس البشير أي مواطن سوداني للمحكمة الجنائية الدولية في إطار أي صفقة، معتبرا أن ذلك سيكون بمثابة «اعتراف ضمني من السودان بالمحكمة التي لم يصادق على نظامها»، مشددا على أن «التسليم غير وارد في قاموس أهل السودان».