جندي إسرائيلي: أطلقت الرصاص بناءً على أوامر عليا

إثر نشر فيلم يوثق جريمة إطلاق النار على معتقل مكبل

الجندي الاسرائيلي وهو يطلق النار على ساق الشاب الفلسطيني بعد اعتقاله وتكبيله بالاغلال (ا ب)
TT

اعتقلت الشرطة العسكرية الاسرائيلية جنديا للتحقيق معه بتهمة اطلاق الرصاص على الشاب الفلسطيني، أشرف أبو رحمة، 18 عاما، من قرية نعلين، واصابته بجراح، بعد اعتقاله ووضع الأغلال في يديه. وفاجأ الجندي المحققين بالإعلان انه فعل ذلك تنفيذا لأمر من قائده، الذي ألح عليه وصرخ في وجهه لكي يطلق الرصاص. ووقعت الجريمة في 7 يوليو (تموز) الجاري، ولكن الشرطة العسكرية لم تفعل شيئا لمعالجته. وقد اعتقل الجندي فقط مساء أول من أمس، اثر قيام منظمة «بتسيلم» الاسرائيلية للدفاع عن حقوق الانسان في الأراضي الفلسطينية، بنشر فيلم يوثق الاعتداء. وحسب مصدر في هذه المنظمة، فإن جنود فرقة في الجيش الاسرائيلي هاجموا في ذلك اليوم المتظاهرين اليهود والعرب ضد بناء جدار الفصل العنصري قرب قرية نعلين شمال رام الله. وكان أبو رحمة بين المتظاهرين، يحمل العلم الفلسطيني. فأمر الجيش المتظاهرين بالتفرق، ثم راح يقمعهم بالقوة. وأقدمت فتاة فلسطينية من نعلين، 14 عاما، على تصوير مجريات الأحداث في هذه اللحظة، من غرفة بيتها المطل على ساحة الحدث. وفي مرحلة معينة، تم اعتقال أبو رحمة وتقييده بالأغلال ورميه على الأرض. وحسبما يظهر في الفيلم، فقد تناوله ضابط كبير برتبة مقدم وأوقفه بفظاظة وقاده الى سيارة عسكرية. ولكنه وبشكل مفاجئ دفعه الى يسار السيارة وأوقفه بالقرب من جندي كان يصوب بندقيته نحو القدمين. وأمام الكاميرا، أطلق الرصاص فسقط الشاب أبو رحمة على الأرض يتلوى من الاصابة. فراح الجنود يسعفونه ثم أطلقوا سراحه، ليتضح انه أصيب برصاصة مطاطية في ابهامه.

وسلمت منظمة «بتسيلم» هذا الفيلم للشرطة ولكنها لم تفعل شيئا طيلة أسبوعين. وفقط عندما وزعت المنظمة هذا الفيلم على الصحافة، تحركت الشرطة العسكرية وأعلنت عن اعتقال الجندي وعن التحقيق مع المقدم الذي قاد الشاب أبو رحمة الى مكان تلقيه الاصابة. وأصدر الناطق بلسان الجيش بيانا قال فيه ان هذا التصرف خطير، ولكنه شاذ وغير مقبول على الجيش، ودعا الى انتظار نتائج التحقيق.

وفي المقابل، أصدرت التنظيمات اليهودية اليسارية، التي تشارك في المظاهرات ضد الجدار في نعلين، في كل يوم جمعة، بشكل مثابر منذ ثلاث سنوات، بيانا أعلنت فيه ان بيان الجيش القائل إن هذا «حادث شاذ» هو غير صحيح، وان الجيش يتصرف دائما بهذه الفظاظة والعدوانية. وقال الناشط اليهودي يوناتان بولاغ، الذي يشارك كل أسبوع في هذه المظاهرات، ان «الجيش يتصرف بشكل شرس مع المتظاهرين اليهود والأجانب وبشكل وحشي مع الفلسطينيين في نعلين. والمعتدون منه يعملون وفقا للأوامر التي يطلقها الضباط، مما يعني انها سياسة رسمية». واضاف: «صحيح ان المتظاهرين يقذفون الجنود بالحجارة. ولكن في 90% من الحالات، يبادر الجنود الى التوتر ويطلقون الرصاص وقنابل الغاز ويكون رد المتظاهرين بقذف الحجارة».

وروى عاهد خواجة، رئيس اللجنة الشعبية للدفاع عن أراضي نعلين، ان الجنود لا يعرفون الرحمة، وانهم قذفوه بقنبلة غاز بشكل مباشر على صدره في ذات المظاهرة، رغم أنه كان يمسك بطفل عمره 9 سنوات، وانهم اعتدوا عليه بالضرب المبرح في مرة ثانية، بعدما أشار أحد الضباط اليه. وفي ساعة متأخرة من بعد ظهر أمس، كشف النقاب عن ان الجندي اعترف بالتهمة، لكنه قال انه فعل ذلك تنفيذا لأمر من قائد وحدته العسكرية. وقال: «أمرني الضابط ثلاث مرات بأن أطلق الرصاص وعندما رآني مترددا راح يصرخ في وجهي قائلا: أنا آمرك بإطلاق الرصاص عليه».

واعتبر الناطق الرسمي باسم الرئاسة، نبيل أبو ردينة، ما حدث جريمة تندرج في إطار الممارسات العنصرية المنظمة التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي تجاه الشعب الفلسطيني الأعزل. وقال أبو ردينة، «إن هذه الجريمة الوحشية تدلل على حقيقة النوايا الإسرائيلية تجاه أبناء شعبنا، وعلى  ثقافة العنف المتجذرة في الجيش الإسرائيلي».

وشدد على أن إسرائيل باستهدافها للإنسان الفلسطيني، تترجم على الأرض وبكل وضوح  استمرارها في سياسة الاستهتار واللامبالاة بكافة الأعراف والمواثيق الدولية والإنسانية، داعيا المؤسسات الإنسانية وحقوق الإنسان للتدخل العاجل من أجل إنقاذ الإنسان الفلسطيني من المحرقة الإسرائيلية المتواصلة بحقه.