الجامعات الأميركية تتبارى في اجتذاب المنح وتتهم بخدمة فئة قليلة من المترفين

كلّية جامعية للفقراء من دون أي رسوم نموذج يثير الإعجاب

TT

تأسست كلية بيريا منذ 150 عاما لتعليم العبيد المحررين و«الفقراء من البيض القرويين» وكانت تقبل المتقدمين من العائلات الفقيرة، ولم تكن تطالب بأي رسوم. يقول جوزيف بانغولي المسؤول في إدارة قبول الطلاب: «يمكنك المجيء إلى بيريا وليس معك مال، وأن تتخرج في الكلية دون أن يكون عليك ديون. ونحن نسمي خدماتنا بأفضل تعليم لا يمكن للمال الحصول عليه».

وفي حقيقة الأمر فإن المنحة المخصصة لكلية بيريا والبالغة نحو 1.1 مليار دولار، تضع هذه الكلية في مصاف أثرى الكليات في الولايات المتحدة. ولكن على خلاف معظم الكليات التي يتم تمويلها جيدا، فإن بيريا ليس لديها فريق لكرة القدم وليس لديها سكن للطلاب أو غير ذلك من الأمور الترفيهية التي توجد في الكليات الأخرى. وبدلا من ذلك، فإن الميزانية الخاصة بها تخصص للأمور الأساسية، ويتم الحصول على الطعام من المزرعة الخاصة بالكلية، كما يتم الحصول على الأثاث من الورش الصناعية بها، حيث يقوم الطلاب جميعهم بالعمل في وظائف لمدة 10 ساعات في الأسبوع.

وتوفر تجربة بيريا رؤية جديدة للجدل الدائر حول ما إذا كانت الجامعات التي تحصل على منح كبيرة تعمل بما فيه الكفاية لصالح الشعب الأميركي حتى يتم استثناؤها من الضرائب، أم انها تجمع المال من أجل خدمة فئة قليلة من المترفين. ومع أن العديد من الجامعات تحاول توظيف الطلاب ذوي الدخل المحدود، إلا أن توجه بيريا نحو عدم فرض رسوم تعليم على الطلاب، قد جذب المزيد من الانتباه. يقول أنطوني ماركس وهو رئيس كلية أمهرست: «إن السؤال حول ما إذا كانت قيمنا تقودنا إلى ذلك، يعتبر وسيلة مجدية للسؤال عن حقيقة قيمنا. إننا لسنا بيريا، رغم أننا نحترمها كثيرا». وأضاف ماركس إنه لن يكون من العدل الاجتماعي منح التعليم المجاني لطلاب يتحدرون من عائلات ثرية. وعلى الرغم من وصول الانخفاض في الأسواق إلى أدنى مستوياته، فإن النمو في تقديم المنح الجامعية خلال السنوات القليلة الماضية يثير الإعجاب. فقد وصلت المنح التي يتم تقديمها إلى جامعة هارفارد إلى نحو 35 مليار دولار وجامعة يال إلى 23 مليارا وستانفورد إلى 17 مليارا وبرينستون إلى 16 مليارا، مما يجعل من هذه الجامعات بين أكثر الجامعات ثراء على مستوى كافة جامعات العالم. وهذه المنح قد ساعدت على جعل التعليم العالي درة تفخر بها البلاد وكما قالت رئيسة جامعة هارفارد، درو غيلبين فوست، في خطابها ربيع العام الجاري، فإن المنح التي يتم تقديمها إلى هارفارد وغيرها من جامعات البحث، «تساعد على تحقيق الإنجازات العلمية ومساعدة الاقتصاد على النمو في الوقت العصيب الذي نمر به». وعلى الرغم من تواضع المنح المقدمة لمعظم الجامعات، إلا أن ثراء الجامعات الأخرى قد جعلها أكثر حساسية تجاه انتقاد الآباء لارتفاع تكاليف الدراسة، كما أن مشرعي القانون يحثون هذه الجماعات على زيادة الإنفاق، وكذلك يفيد خبراء السياسة بأن على هذه الجامعات مساعدة الطلاب الفقراء بصورة أكبر. وفي شهر يناير (كانون الثاني) طلبت اللجنة المالية في مجلس الشيوخ بيانات مفصلة حول المنح وإنفاقها من 136 كلية وجامعة يتم تقديم منح لها بما لا يقل عن 500 مليون دولار، حيث يمكن إجبارها على إنفاق 5 بالمائة على الأقل على الأصول الخاصة بها كل عام. ويقول السيناتور تشارلز غراسلي وهو جمهوري من أيوا يقوم بمراجعة تلك البيانات: «يجب تقديم تعليم مجاني للمزيد من الطلاب».

وقد أفاد مفوض قسم الاستثناء من ضرائب خدمات العوائد الداخلية، خلال هذا الربيع أنه يرغب من وكالته أن تكون أكثر حزما في التأكد من أن الجامعات قد قامت «بالاستخدام الأمثل» للمنح التي تقدم إليها. ويقوم المسؤولون في ماسوشيستس بدراسة عرض يقضي بفرض 2.5 بالمائة كضرائب على المنح التي تتجاوز 1 مليار دولار ـ وهو الحد الذي تتجاوزه تسع جامعات في هذه الولاية. وتقول إيفيلين برودي وهي أستاذة في كلية القانون بشيكاغو: «إن المنح قد وصلت إلى مستويات غير مسبوقة لدرجة أن الناس يتساءلون عما إذا كانت قيمة الاستثناء من الضرائب ترتفع وما إذا كان الجمهور يستفيد من هذه الزيادة أيضا؟».

وقد أتت الدراسات التي قام بها رجال القانون ببعض الثمار الفورية. فقد عمل العديد من الكليات الثرية على زيادة مساعداتها للطلاب ذوي الدخل المحدود والمتوسط والعديد منها يقدم المنح للطلاب كذلك. وقد أعلن العديد من هذه الكليات عن خطط للتوسع في الهيئات الخاصة بالطلاب ويعمل العديد منها مع المدارس الثانوية من أجل تطوير استعداد طلاب المدارس الثانوية للالتحاق بالجامعات. وفي كلية بيريا، فإن أكثر من 3 أرباع الطلاب يحصلون على إعانات فيدرالية.

ويقول كانديس روتس وهو أحد طلاب بيريا: «عندما سمعت عن بيريا لأول مرة، لم أعتقد أنني أرغب في المجيء إلى هنا. لكنني عندما زرت الكلية أدركت أن ذلك هو المكان الذي أرغب فيه. وكان الجميع مثلي. فليس عليك أن تكون ثريا لكي تلتحق بالكلية».

* (خدمة «نيويورك تايمز»)