الأمير محمد بن نواف لـ«الشرق الأوسط»: فرص كبيرة لتطوير العلاقات السعودية ـ الأوروبية

افتتح الاجتماع الإقليمي الأول للسفراء السعوديين في أوروبا

الامير محمد بن نواف يتوسط المشاركين في الاجتماع الاقليمي الاول للسفراء السعوديين في اوروبا أمس (تصوير: حاتم عويضة)
TT

انطلق الاجتماع الاقليمي الاول للسفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية السعودية في اوروبا بحضور رؤساء البعثات ومسؤولين كبار من وزارة الخارجية السعودية. وافتتح الاجتماع امس الامير محمد بن نواف بن عبد العزيز، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى المملكة المتحدة وايرلندا، بمشاركة وكيل وزارة الخارجية الامير خالد بن سعود. وشدد الامير محمد بن نواف على ان عقد الاجتماعات الاقليمية لسفراء السعودية «مثال واضح من امثلة الاهتمام الكبير والمتواصل الذي يوليه خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز، وولي عهده الامين الامير سلطان بن عبد العزيز لتعزيز وترسيخ علاقات المملكة الدولية على الاصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها».

وشرح الامير محمد بن نواف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» خلفية الاجتماع الذي بدأ امس ويستمر حتى يوم غد، قائلاً: في الواقع، كانت وزارة الخارجية السعودية قد دعت، في شهر ذي القعدة من عام 1427هجري، أي شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2006، إلى اجتماع عام في الرياض لجميع سفراء المملكة. وتمخضت عن ذلك الاجتماع توصيات عديدة كان من بينها التوصية بعقد الاجتماع العام لسفراء المملكة مرة كل ثلاث سنوات، مع عقد اجتماع لسفراء المملكة في كل إقليم كل سنة. وقد صدرت، بحمد الله، موافقة المقام السامي على هذه التوصيات. وهذا هو الاجتماع الأول لسفراء المملكة في أوروبا، وستتبعه، بإذن الله، اجتماعات أخرى حسب التوصية». وأضاف: «بالنسبة للاجتماع الذي عقد في الرياض؛ كان الهدف منه هو تبادل الآراء وجمع الأفكار والاقتراحات حول خطط تطويرية تشمل جميع جوانب العمل في وزارة الخارجية وفي سفارات المملكة. وقد شملت مداولات ذلك الاجتماع الجوانب السياسية والدبلوماسية والإعلامية والثقافية والإدارية والإجرائية وغيرها، وكما ذكرت لك؛ تمخضت عن ذلك الاجتماع قائمة طويلة من التوصيات شملت كل هذه الجوانب». واوضح: «أما بالنسبة للاجتماع الإقليمي؛ فالهدف الأساسي منه يتركز في متابعة ودعم استمرارية خطط التطوير في هياكل ونظم وإجراءات وزارة الخارجية وسفارات المملكة، لتعزيز قدراتها على النهوض بالمهمات الموكلة إليها. وكذلك ترسيخ مبدأ التواصل وتبادل الآراء والمعلومات والخبرات بين العاملين في السفارات بهدف تحسين الأداء ورفع الكفاءة».

ورداً على سؤال حول مجريات الاجتماع، قال الامير محمد بن نواف لـ«الشرق الأوسط»: «في هذا الاجتماع ستتم مناقشة التوصيات التي تخص سفارات المملكة في أوروبا مما أوصى به الاجتماع العام، ومتابعة ما أنجز منها والاستماع إلى أية أفكار أو توصيات جديدة لمناقشتها، ومن ثم الرفع بها لأخذ الموافقة عليها، إذا كان هناك حاجة لذلك، أو البدء بتطبيقها». وحول تبعات عقد هذا الاجتماع على الدبلوماسية السعودية، قال الامير محمد بن نواف: «يعلم الجميع أن سياسات المملكة الخارجية وعلاقاتها الدولية قائمة على أسس ثابتة وعلى مبادئ تعتمد على بعد النظر واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية من جهة، مع الحرص، من جهة أخرى على تعزيز العلاقات القائمة وتطويرها باستمرار». وأضاف: «أدت هذه الأسس والمبادئ إلى تعزيز العلاقات السعودية مع مختلف دول العالم وإبقائها راسخة وثابتة رغم ما قد يحدث من تغيرات. ولكن، مع هذا فالحياة في جميع جوانبها، الثقافية والاقتصادية والتعليمية وغيرها، تتغير ولا بد لنا من أن نواكب هذا التغيير والتطور ونستفيد منه ونتجاوب معه، وهذا هو، باختصار، ما سعت إليه وزارة الخارجية من خطتها التطويرية، وما يرمي إليه هذا الاجتماع والاجتماعات المماثلة».

ولفت الامير محمد بن نواف الى ان عند النظر الى العلاقات السعودية – الاوروبية، «لا بد لنا من أن ننظر إلى العلاقات السعودية الدولية بشكل عام، لأن العلاقات السعودية الأوروبية جزء لا يتجزأ منها. والحقيقة أن العلاقات الدولية للمملكة شهدت خلال السنوات الأخيرة، وما تزال، تشهد قفزات نوعية يقودها خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين». واضاف: «الواقع أن جهودهما في هذا المجال أكثر وأكبر من أن أسردها هنا. وأوروبا، بلا شك، جزء مهم من هذه التطورات والقفزات، لعراقة ورسوخ العلاقة بين المملكة وكثير من دول أوروبا، من جهة، وللتغيرات والتطورات الواعدة التي شهدتها القارة من جهة أخرى».

واعتبر الامير محمد بن نواف ان الوقت الراهن يتيح فرصاً مهمة، قائلاً «إنني أرى أن هناك فرصاً كبيرة، على أصعدة متعددة، لتطوير وتعزيز العلاقات السعودية الأوروبية، غير أن النهوض بهذه المهمة ومواكبة الخطوات الجبارة التي قطعتها قيادتنا الرشيدة، تحتاج منا إلى التطوير المستمر وتعزيز الأداء ورفع الكفاءة في جميع قطاعات الدولة، ومنها قطاعات وزارة الخارجية والسفارات السعودية، وهذا هو الدور الذي نأمل أن يسهم به هذا الاجتماع وأمثاله».

وذكر الامير محمد بن نواف في خطابه امس بالاجتماع الاول لسفراء خادم الحرمين في الرياض عندما تحدث وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل عن ان الدور المأمول من سفارات المملكة في كل انحاء العالم في تحقيق رسالة المملكة، وترسيخ مكانتها المتميزة من خلال ترجمة سياساتها الخارجية المعتدلة المتزنة باداء دبلوماسي مهني فاعل، اشار الى جهود التحديث والتطوير التي تجرى على الهياكل التنظيمية والاجراءات الادارية، مؤكداً ان اهداف هذه البرامج والخطوات التطويرية تتركز في تحقيق استخدام الامثل للموارد المختلفة التي هي، كما ذكر الامير سعود، اقل من الحد المأمول». وركز الامير محمد بن نواف في خطابه لافتتاح المؤتمر على ثلاث نقاط، اعتبرها «حيوية جداً» وبحاجة الى اهتمام سفراء ورؤساء البعثات السعودية في اوروبا. وقال ان اول هذه النقاط «اعادة الهيكلة ومراجعة التنظيمات الادارية واساليب تنفيذ الاعمال»، معتبراً انها «لن تكون مفيدة لجهاز وزارة الخارجية فحسب، بل للسفارات ايضاً». واقترح الامير محمد بن نواف «ان نمعن في اعمالنا من هذا المنطلق لنرى ما الذي يمكن ان نوصي به من تطويرات وصلاحيات تكون متممة لما يتم تطبيقه في الوزارة».

ولفت الامير محمد بن نواف الى ان النقطة الثانية «تتعلق بالكفاءات البشرية العاملة في ممثليات المملكة في اوروبا على وجه الخصوص»، معتبراً انه «كلما احسنا تدريب وتأهيل العاملين في ممثلياتنا كلما تعززت قدراتهم على مواكبة التطورات التي تحيط بهم وكان نجاحهم في انجاز اعمالهم اكبر وايسر». وصرح الامير محمد بن نواف بأن «النقطة الثالثة تتعلق بجمع المعلومات وتحليلها وبنقل الخبرات»، مشيراً الى انتقال العالم من «عصر ثورة المعلومات الى عصر المعرفة والاقتصاد المعرفي». ودعا الامير محمد بن نواف المشاركين في الاجتماع الاقليمي الى التفكير «جدياً وبعمق فيما يمكن ان نوصي به او نتخذه من اجراءات تعين على خلق بيئة تتيح تبادل المعرفة والمعلومات بين جميع اجهزة الوزارة وبين السفارات بشكل سريع ويسير ومتجدد ومستمر». وفي ختام كلمته، قال الامير محمد بن نواف ان الاجتماع في لندن هو «خطوة اولى لنا، جاءت بعد خطوة تأسيسية مهمة»، متمنياً العمل على خطوات مقبلة تعزز ما حقق سابقاً. وأضاف ان ذلك ضروري «لأن المسؤولية الملقاة على عواتقنا جسيمة وهي تحتاج للنهوض لها الى تضافر الجهود وتواصلها وتحتاج كذلك الى التفكير الابتكاري الايجابي الذي لا يقف». وبينما كانت الجلسة الاولى مفتوحة صباح امس، لحقتها جلسات مغلقة بحث خلالها المشتركون القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تخص السعودية بالاضافة الى الامور الادارية التي تخص اداء البعثات. وتشمل مواضيع النقاش في الاجتماع سبل رعاية المواطنين السعوديين في اوروبا بالاضافة الى منح التأشيرات للزائرين. وقال الامير محمد بن نواف: «في هذا الاجتماع يلتقي ثلاثة وعشرون رئيس بعثة، بالإضافة إلى عدد من رؤساء أقسام القنصلية والمسؤولين الإداريين في السفارات السعودية في أوروبا».

ومن جهة اخرى، كرم الامير محمد بن نواف اللواء الطيار ركن عبد الحميد بن سليمان القاضي، الملحق العسكري السعودي في بريطانيا، بمناسبة انتهاء فترة علمه. وفي كلمة القاها الامير محمد بن نواف بحضور سفراء خادم الحرمين الشريفين ورؤساء البعثات السعودية في اوروبا وعدد من كبار المسؤولين في وزارة الخارجية السعودية، ان تعيين اللواء عبد الحميد ملحقاً عسكرياً في لندن كان دليلاً بحد ذاته على كفاءة اللواء، ويذكر ان اللواء الركن طيار عبد الحميد خريج كلية الملك فيصل الجوية ويحمل شهادة ماجستير في العلوم العسكرية، ونقل اللواء عبد الحميد من لندن ليتولى منصبه مساعداً لقائد كلية الملك فيصل الجوية.