البصرة: من 13 مليون نخلة إلى بضعة آلاف

الفلاحون يشكون من تخلي الدولة.. ورئيس مجلس محلي: فسائل «البرحي» تهرب إلى إيران

فلاح يتسلق نخلة لجني التمر في البصرة («الشرق الأوسط»)
TT

قبل طلوع الفجر يستيقظ سعد المنصوري مبكرا حاملا أسلال الرطب (التمر) من الذي جناه مع أفراد عائلته عصر اليوم الماضي من بستانه في قرية بمنطقة البحار جنوب البصرة قاصدا تسويقه في المدينة بعد ان حان الان قطف ثمار النخيل.

ويقول المنصوري ان «سيارة الباص الخشبي تكون بانتظاره مع مجموعة من فلاحي المنطقة، وهي سيارة تراثية لا زالت تعمل مع مجموعة من السيارات (الشوفروليه) القديمة التي من أحدثها موديل 55 وهي أشبة بغرفة في بيت شناشيلي بإطارات ومقود».

ويضيف المنصوري في حديثه ل »الشرق الاوسط» ان «الفلاحين وبمعاونة بعضهم يرصفون السلال وصناديق الرطب على سطح السيارة وتغادر بهم على عجالة الى سوق الجملة وهو عبارة عن ساحة فارغة قبالة مبنى مصرف السيف بالبصرة القديمة حيث يكون بانتظارهم قبل بزوغ الشمس الدلالون بموازينهم الثقيلة وباعة المفرد».

واكد حميد صالح حمود، رئيس المجلس البلدي لناحية البحار «على الرغم من عودة بعض الفلاحين إلى المنطقة، إلا أن ما يزرع اليوم لا يتناسب مع المساحة الكبيرة الخالية، والمشكلة الأكبر أن المنطقة ما زالت تعاني وجود مئات الآلاف من الألغام التي لم تُنزع والتي تتسبب بإعاقات للناس فضلاً عن تحولها إلى صحراء بعد أن كانت واحة من نخل وفاكهة».

وأضاف حمود ان «هناك مشكلة أخرى تقف وراء انخفاض عدد أشجار النخيل في البصرة وهي تهريب الفسائل من النوع الجيد المسمى محلياً بالبرحي إلى إيران ودول أخرى عبر شط العرب، على رغم ندرة هذا النوع، فضلاً عن ارتفاع نسبة الملوحة في الأراضي بسبب شح المياه وعدم قيام الدولة بكري الأنهار الكبيرة، ما أدى إلى انخفاض مستوى المد والجزر وذلك بسبب الطمي والغوارق الكثيرة التي سدت مجرى الشط الكبير».

ويرى جمعة خضير عيسى، معاون مدير زراعة البصرة ان دائرته استحدثت آلية جديدة لإكثار عدد الفسائل وذلك بإقامة 4 محطات لأمهات النخيل في مناطق من البصرة، هي: القرنة، والبرجسية، والفاو والهارثة، وهي مشاريع حديثة تعتمد على زراعة الفسائل والعناية بها بمساعدة كلية الزراعة والجمعيات الفلاحية من أجل تزويد المزارعين بالفسائل وبعد أربع سنوات تؤخذ الفسائل الناشئة منها على أن تهدى الأم الى المزارعين.

ويحدد مدير زراعة أبي الخصيب، احمد شهاب، عدد نخيل البصرة بعد عام من توقف الحرب العراقية ـ الإيرانية، وفي ضوء إحصائية عام 1989 بمليون وتسعمائة ألف نخلة بعد أن كانت تقدر عام 1977 بأكثر من 13 مليون نخلة.

ويقول عبد الحسن الحساوي، فلاح، «كنا نأمل من بالنظام الجديد ان ينصف سكان المنطقة الذين ذبحت الحروب نخيل بساتينهم ولم يبق في البصرة غير آلاف المعدودة بعد إن كانت بالملايين وهدت بيوتهم وطمرت جداول ريهم وتعرضوا الى التهجير هربا من ويلات الحروب التي قتلت أعدادا منهم، إلا إنهم يحصدوا غير الوعود، فلا تعويض ولا قروض زراعية ولا مشاريع إروائية ولا اعمار ولا مكافحة للآفات الزراعية التي عادة ما ترشها الطائرات الزراعية ولا رفع لسواتر الحرب الترابية ولا إبدال لأعجاز النخل الخاوية التي تشغل مساحات واسعة ولا معالجات لتآكل ضفاف شط العرب».

وكشف زامل سعدون ( فلاح ) عن أشهر أنواع الارطاب فقال ان «البرحي»، سمي نسبة إلى ارض براح أي خالية، فهو يدخل عزيزا إلى الأسواق إذ يصل سعر الكيلوغرام الواحد منه ثلاثة آلاف دينار عراقي ما يعادل دولارين ونصف الدولار تقريبا تأتي بعده أنواع البريم والقنطار والشكر والساير والخضراوي والختساوي وعشرات الأنواع الأخرى.