أوساط إعلامية في إسرائيل ترفض دعوة باراك للتعتيم الإعلامي على صفقة شليط

TT

رفضت اوساط اعلامية وقضائية وسياسية في اسرائيل دعوة وزير الدفاع ايهود باراك، فرض تعتيم اعلامي بواسطة الرقابة العسكرية على المفاوضات مع حركة حماس بشأن صفقة اطلاق سراح الجندي الأسير جلعاد شليط مقابل الافراج عن أسرى فلسطينيين. واعتبرت هذه الاوساط هذه الخطوة دكتاتورية خطيرة هدفها منع الجمهور الاسرائيلي من التأثير على قرارات القيادة السياسية.

وكان باراك قد أعلن في جلسة الحكومة، اول من أمس، ان المفاوضات يجب أن تجري بسرية وأن لا تفاوض اسرائيل أعداءها بأوراق مكشوفة لكي لا يستفيد العدو من النقاش الداخلي في اسرائيل. واتضح ان باراك ينوي فرض رقابة عسكرية تمنع بموجبها وسائل الاعلام الاسرائيلية من تناول الموضوع بالمعلومات عن المفاوضات والنقاش حولها.

وهبت وسائل الاعلام ترفض توجه باراك وتحذر مما يخبئه من نوايا لا تلائم النظام الديمقراطي. وقال معلق الشؤون القضائية في الاذاعة الاسرائيلية الرسمية، موشيه هنغبي، من ان مثل هذا القرار لن يمر لأن «وسائل الاعلام الاسرائيلية نضجت وأصبحت أكثر اصرارا على اداء دورها الجماهيري في مواجهة النزعات العسكرية للقيادة». وقال ان ما كان ممكنا قبل عشرين وثلاثين سنة، لم يعد صالحا لأيامنا هذه.

وقصد هنغبي بذلك صفقة تبادل الأسرى مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة بزعامة أحمد جبريل، التي تمت في سنة 1985 وأطلقت اسرائيل بموجبها سراح 1150 أسيرا فلسطينيا، مقابل ثلاثة جنود اسرائيليين كانوا في الأسر. ففي حينه توجه رئيس الحكومة، شيمعون بيريس، ووزير الدفاع، اسحق رابين، الى رؤساء تحرير الصحف طالبين الامتناع عن نشر الأنباء حول المفاوضات. فالتزموا فعلا ولم ينشروا ليس فقط المعلومات، بل التصريحات التي أطلقها جبريل وغيره في مؤتمرات صحافية. وكانت النتيجة ان 15 وزيرا من مجموع 22 وزيرا في حينه، لم يعلموا بأمر الصفقة إلا في صباح اليوم الذي نفذت فيه. وعندئذ بدأ نقاش صاخب حول الصفقة، وما زال الاسرائيليون مقتنعين بأن شروط تلك الصفقة هي التي خلقت «لائحة الأسعار» للصفقات التالية.

وقال هنغبي انه يعتقد بأن النقاش الجماهيري الحر حول صفقة حزب الله الأخيرة، لاطلاق سراح الداد ريجف وايهود غولدفاسر، هو الذي أدى الى أن تنتهي بما يقول في اسرائيل انه «سعر معقول»، حيث ان حزب الله كان قد طلب في بداية المفاوضات اطلاق سراح جميع الأسرى اللبنانيين والعرب اضافة الى 3000 أسير فلسطيني. وانتهت الصفقة كما هو معروف باطلاق سراح الأسرى اللبنانيين، وفي مقدمتهم سمير القنطار، ورفات 199 شهيدا فلسطينيا وعربيا كانت اسرائيل قد قتلتهم ودفنتهم في مقابر الارقام. لذلك، فإن وسائل الاعلام لن ترضخ للرقابة في حال أصر باراك على فرضها.

ورأى نائب في الكنيست من المعارضين لباراك في حزب العمل ان هدفه الحقيقي من فرض الرقابة ليس التعتيم على المفاوضات وليس تخفيض سعر اطلاق الجندي الأسير جلعاد شليط، بل حسابات شخصية وحزبية ضد رئيس الحكومة ايهود أولمرت. وقال هذا النائب ان «اسرائيل مبتلية اليوم بقائدين يسخر كل منهما كل شيء لمصلحته الشخصية وحساباته الحزبية الضيقة، أولمرت وباراك. فأولمرت يستفيد جدا من النقاش في الشارع الاسرائيلي، لأن الجمهور بغالبيته يؤيد تنفيذ الصفقة في أقرب وقت ودفع ثمن باهظ فيها. وهذا التأييد يشكل عنصر ضغط لتنفيذ الصفقة في أقرب وقت.