رايس: إذا لم يتوافر جواب جدي من إيران خلال أسبوعين سيكون لدينا «طريق نيويورك»

قالت إن حضور بيرنز اجتماع جنيف «فاجأ» الإيرانيين وإن ثمة حيوية جديدة في المسار الدبلوماسي

ايرانيون يتظاهرون بمانسبة الذكرى السنوية للثورة الاسلامية («الشرق الأوسط»)
TT

قال مصدر خليجي مسؤول لـ«الشرق الأوسط» إن دول مجلس التعاون الخليجي تخشى المفاجآت في التعاطي الغربي مع ملف إيران النووي. ويأتي ذلك فيما التقت وزيرة الخارجية الأميركية كوندليزا رايس مسؤولين من دول 6+3+1 (دول الخليج الست، ومصر والأردن والعراق، بالاضافة الى رايس ممثلة لاميركا) في وقت متأخر من مساء أمس في العاصمة الإماراتية ابوظبي، على مائدة العشاء قبل أن تستكمل جولتها الآسيوية.

وقال لـ«الشرق الأوسط» مصدر خليجي مسؤول تعليقا على مباحثات وزيرة الخارجية الأميركية مع مسؤولين من دول 6+3+1 ان «دول المنطقة تخشى المفاجآت في التعاطي الغربي مع الملف الإيراني». وأكد المصدر الخليجي في الوقت ذاته أن دول الخليج تصر على معارضتها لأي استخدام للقوى ضد طهران، وأن الحل الدبلوماسي «هو الملاذ الآمن في كل الأحوال» مضيفا «غير أن ذلك ينبغي أن لا يكون على حساب دول المنطقة».

وأختتمت محادثات جنيف التي شاركت فيها الولايات المتحدة بتمثيل دبلوماسي رفيع عبر مساعد وزيرة الخارجية ويليام بيرنز لاول مرة من دون تحقيقها تقدم حقيقي، ولم يبق امام ايران سوى أسبوعين للرد على عرض ممثلي مجموعة 5+1 (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا والمانيا) الذي ينص على «التجميد مقابل التجمي»، ويتضمن موافقة الإيرانيين في مرحلة أولى على إبقاء التخصيب عند مستواه الحالي مقابل تخلي الدول الست عن تشديد العقوبات القائمة.

  وبحثت رايس مع المسؤولين العرب في أبوظبي الملف النووي الإيراني والعراق وملف سلام الشرق الأوسط بحسب مصادر عربية واميركية. وشارك في اجتماع أمس، الذي دعا إليه الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة، مسؤولون من دول 6+3+1؛ بينهم أحمد أبو الغيط وزير الخارجية المصري، وهوشيار زيباري وزير الخارجية العراقي، وصلاح الدين البشير وزير خارجية الأردن، وفيصل الحجي نائب رئيس الوزراء الكويتي وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير الخارجية بالوكالة، والأمير تركي بن محمد بن سعود الكبير، وكيل وزارة الخارجية السعودي، والدكتور نزار البحارنة وزير الدولة البحريني للشؤون الخارجية، ومحمد عبد الله الرمحي مساعد وزير الخارجية القطري، والشيخ محمد بن عبد الله القتبي السفير العماني لدى الامارات، وعبد الرحمن العطية، الامين العام لمجلس التعاون الخليجي. ويأتي ذلك فيما توقع البيت الابيض امس أن ترفض ايران عرض التعاون الدولي الذي قدمته اليها القوى الكبرى مقابل تعليق نشاطاتها في مجال تخصيب اليورانيوم. وقالت المتحدثة باسم البيت الابيض، دانا بيرينو، ان الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن، اضافة الى ألمانيا تعتبر «ان على ايران تعليق تخصيب اليورانيوم». وأضافت «قدمنا مجموعة من الإجراءات عبارة عن حوافز سخية جدا يبدو انهم سيفوِّتونَهَا». وتابعت المتحدثة الاميركية أن الوزيرة رايس «متفقة مع الأعضاء الآخرين على إعطاء طهران أسبوعين إضافيين، ولكن بعد ذلك اعتقد انه سيكون على ايران ان تتوقع عقوبات إضافية».

ونقل عن رايس قولها للصحافيين الذين يرافقونها في الطائرة التي أقلتها إلى أبوظبي «اذا لم يتوافر جواب جدي خلال أسبوعين سيكون لدينا دائما امكانية سلوك طريق نيويورك»، في اشارة الى مجلس الامن الدولي، مهددة ايران بتدابير «عقابية لاحقة». وتسعى رايس الى تشديد الطوق حول إيران بعد اتخاذ قرار غير مسبوق بإيفاد دبلوماسي رفيع المستوى الى جنيف السبت الماضي للمشاركة في اللقاء بين كبير المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي سعيد جليلي والممثل الاعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا.

وكانت واشنطن ترفض الجلوس مع ايران حول طاولة واحدة قبل ان تقرر الاخيرة وقف عملية تخصيب اليورانيوم، لكنها غيرت رأيها بغية تأكيد انها تفضل الحلول الدبلوماسية. واضافت رايس خلال رحلتها الى ابوظبي ان لقاء السبت في جنيف «وجه رسالة قوية جدا الى الايرانيين بانهم لا يستطيعون التقدم والتراجع، اى خطوة للأمام وخطوة للخلف، في آن واحد يجب عليهم اتخاذ قرار».

وتابعت «ان ذلك يوضح خيارات ايران وسنرى ما ستفعله في غضون الاسبوعين. لكني اعتقد ان ثمة حيوية جديدة في المسار الدبلوماسي الان». وأعترفت رايس ان حضور بيرنز محادثات جنيف «كان مفاجئا نوعا ما للإيرانيين» الذين غالبا ما يرددون ان الغياب الاميركي عن المحادثات يؤكد عدم اهتمام واشنطن في التوصل الى حل دبلوماسي.

 ولم تكشف الوزيرة الأميركية عن الافاق المحتملة لوجود دبلوماسي أميركي في إيران للمرة الأولى منذ قطع العلاقات بين البلدين اثر قيام إيران في عام 1979 باحتجاز رهائن اميركيين هناك. لكنها اوضحت ان افتتاح قسم لرعاية المصالح سيكون محوره تحسين العلاقات الاميركية بالشعب الايراني. وقالت في هذا الصدد «لدينا قسم لرعاية المصالح في كوبا وبالتالي، لا ارى في ذلك عودة الدفء الى العلاقات».

وأكدت ان بيرنز لن يشارك في اي محادثات مع الايرانيين خلال الاسبوعين المقبلين.

وقالت «لقد بذلنا كل ما في وسعنا لاثبات جدية الولايات المتحدة والتاكيد لشركائنا مدى جديتنا والتأكيد للايرانيين كذلك مدى جديتنا». وقد وصف سولانا وجليلي المحادثات بانها «بناءة» لكن سولانا انتقد عدم تقديم طهران ردا نهائيا على الحوافز الغربية للتخلي عن برنامجها النووي.

واثر اجتماع جنيف، اكد سولانا ان القوى الكبرى تنتظر رد ايران على فكرة «التجميد مقابل التجميد» التي تتضمن موافقة الايرانيين في مرحلة اولى على ابقاء التخصيب عند مستواه الحالي مقابل تخلي الدول الست عن تشديد العقوبات القائمة.

ورأت رايس ان العملية الدبلوماسية تتضمن المفاوضات واضافت «نحن في أقوى موقع ممكن للتأكيد بأنه إن لم تتحرك إيران فسيكون الوقت قد حان للعودة إلى هذا المسار» في اشارة الى مجلس الامن الدولي الذي اصدر حتى الان ثلاثة قرارات تفرض عقوبات على طهران.

 ولم تتوقع رايس «تحركا فوريا» في مجلس الامن خصوصا في شهر اغسطس (آب) المقبل، فواشنطن «ستبحث عن إجراءات لاحقة أخرى أحادية الجانب من شأنها ان تضغط على المؤسسات المالية الايرانية».

 وقد واجهت واشنطن في السابق معارضة فرض عقوبات قاسية على طهران من جانب الصين وروسيا اللتين تقيمان علاقات اقتصادية قوية معها. ووصفت ايران محادثات جنيف بانها «خطوة الى الامام»، فيما طلبت وزارة الخارجية الاميركية من طهران ان تختار بين «التعاون والمواجهة».

ومن المقرر أن تغادر رايس أبوظبي الى سنغافورة لحضور اجتماع مجموعة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) والذي يبدأ أعماله غدا ويستمر لمدة يومين.