أوساط حكومية تؤكد التزام المبادرة العربية وتصر على تنفيذ إسرائيل القرارات الدولية

TT

أكدت أوساط رئاسة مجلس الوزراء أن «الموقف اللبناني الثابت من مفاوضات السلام بين لبنان واسرائيل لم يتغير. وهو التزام مبادرة السلام العربية التي تدعو الى السلام العادل والشامل والسير بعملية السلام على المسارات كافة. اما في ما يتعلق بالمواضيع الثنائية العالقة بين لبنان وإسرائيل فهي محكومة بقرارات دولية ملزمة لإسرائيل، خصوصا القرارين 425 و1701. وهي غير خاضعة للتفاوض السياسي. ولبنان يسعى الى تنفيذ هذين القرارين بكاملهما، وتحديدا في ما يتعلق بإنهاء احتلال اسرائيل لمزارع شبعا وعبر اعتماد الحل المنصوص عليه في النقاط السبع والداعي الى انسحاب اسرائيل من هذه الأرض ووضعها تحت السلطة المؤقته للأمم المتحدة بانتظار الترسيم النهائي للحدود بين سورية ولبنان».

هذا التوضيح يدحض تقريرا للاستخبارات الغربية كانت نشرته وكالة الأنباء الالمانية وجاء فيه ان الاجواء الدولية والاقليمية باتت مناسبة لمباشرة مفاوضات سلام بين لبنان وإسرائيل، على ان تبدأ ثنائية بخطوات سرية في احدى العواصم الاوروبية، ثم تتحول ثلاثية خلال ثلاثة أشهر بعد انضمام سورية اليها.

واشارت اوساط رئاسة الوزراء الى ان «لبنان ليس معنيا بمبدأ الارض مقابل السلام. وأن انسحاب اسرائيل من الاراضي اللبنانية التي لا تزال تحتلها هو لزام عليها، فضلا عن احترام سيادة لبنان على ارضه ومياهه واستعادة اسراه وتسلم كامل خرائط الألغام والقنابل العنقودية، وذلك وفقا للقرارات الدولية، ليعود بعدها سريان اتفاقية الهدنة بين لبنان واسرائيل. أما بقية المسائل المتصلة بالحل الشامل والدائم، وأهمها ما يختص بحقوق الشعب الفلسطيني، لا سيما حق العودة، فهي شأن عربي يعني لبنان في المقام الاول وهو موضوع تفاوض حسب مندرجات مبادرة السلام العربية».

وكان تقرير الاستخبارات الغربية قد اعتمد على «الاجواء الايجابية المخيمة على المنطقة برمتها، انطلاقا من غزة، مرورا بالعراق ولبنان وانتهاء بتبريد الملف النووي الايراني». واعتبر ان هذه المعطيات تؤكد ان المنطقة تتجه الى الاستقرار.

أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية، الدكتورعدنان السيد حسين، قال لـ«الشرق الأوسط»: «التقرير متفائل ويختصر الزمن ويربط النتائج في فترة زمنية قصيرة لا تتجاوز الأشهر. والأمر غير متوقع وغير مؤكد. والسبب الرئيسي ان المفاوضات السورية ـ الاسرائيلية غير مباشرة ومسارها غير متوقع». وأضاف: «المهم ان تلتزم اسرائيل الحدود المعترف بها دوليا. والصحيح ان سقف لبنان هو اتفاقية الهدنة مع اسرائيل. ومصلحته تقضي بذلك، مع التذكير بأن اسرائيل هي من خرق اتفاقية الهدنة». لكن ما يجري على هذا الصعيد يدل على ان المفاوضات السورية ـ الاسرائيلية لها مساران. يتعلق المسار الاول بالجولان الذي يبدو ان هناك شبه اتفاق بشأنه بين الطرفين الاسرائيلي والسوري. اما المسار الثاني فيتعلق بالرعاية الاميركية للمفاوضات. وكان الرئيس السوري بشار الأسد طالب برعاية الولايات المتحدة. وقال من باريس لدى لقائه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إن المفاوضات المرتبطة بالرعاية الاميركية لن تكون قبل ستة اشهر. وبالتالي ربطها بالانتخابات الاميركية والمرحلة الجديدة التي ستبدأ مع الرئيس الأميركي الجديد. كما ان الاسد كان السباق في الاشارة الى مفاوضات لبنانية ـ اسرائيلية. وهو لم يلمح الى هذا الامر، بل قاله مباشرة وفي تصريحين خلال فترة زمنية قصيرة. ما يعني ان ما بقي من مزارع شبعا سيعود بمفاوضات ربما مباشرة بين لبنان واسرائيل، وربما غير مباشرة وبرعاية الأمم المتحدة.

دبلوماسي عريق تحفظ على ذكر اسمه، قال لـ«الشرق الاوسط»: «إن سورية لا ترغب في ان تكون وحدها في المفاوضات مع اسرائيل، انما تريد ان تربط لبنان بها. بكلام ادق تريد استخدام ورقة لبنان، أي ورقة حزب الله، للضغط على اسرائيل والولايات المتحدة وتحسين شروطها، لا سيما ان موقفها بات ضعيفا نتيجة فك مسارات التفاوض مع اسرائيل من قبل كل من مصر والاردن ومنظمة التحرير الفلسطينية».

وأضاف: «يبدو ان لدى سورية تحفظات على وضع مزارع شبعا تحت وصاية الامم المتحدة». وبرر هذا الرأي بالعودة الى الموقف السوري عام 2000 من الانسحاب الاسرائيلي من لبنان. فقد حاول النظام السوري آنذاك تأجيل هذا الانسحاب، لأنه كان يرفض فصل المسارين بين لبنان وسورية. وغني عن التذكير ان الجملة التي كانت تتردد على ألسنة جميع السياسيين في ما يخص هذا الموضوع هي «تلازم المسارين». لكن ما يحصل حاليا يشير الى نوع من «الكباش» السري بين لبنان وسورية. ويوضح الدبلوماسي ان «الخارجية اللبنانية وخلال الفترة الفاصلة بين الادارة الاميركية الحالية والادارة الجديدة بعد الانتخابات، بدأت تحضر الملفات المتعلقة بالمفاوضات التي جرت بين لبنان واسرائيل بين العامين 1992 1994 في اطار مؤتمر مدريد. وهي تحدث هذه الملفات وتوثق التعديات الاسرائيلية والخروق التي لا تتوقف على السيادة اللبنانية. ولكن في غضون ذلك لبنان لا يزال مصرا على وضع تلال كفرشوبا ومزارع شبعا في مرحلة انتقالية تحت وصاية الامم المتحدة، ما يعني انسحابا اسرائيليا شاملا من الاراضي اللبنانية، وما يؤدي حكما الى ترسيم الحدود مع سورية عندما تنتقل المزارع الى الوصاية الدولية، ولا يبقى مبرر لعدم ترسيم الحدود بين الدولتين الجارتين».

وعن اتمام عملية التبادل الدبلوماسي بين لبنان وسورية واعتبار هذه الخطوة فصلا تلقائيا بين المسارين اللبناني والسوري ترغم الدولتين على اعادة النظر بالاتفاقيات المعقودة بينهما بما يسهل عمليات التواصل الثنائية ويؤسس لوضع لبنان على سكة المفاوضات، كما افاد تقرير الاستخبارات الغربية، يوضح حسين «ان الاتفاقات تتم بين الدول بعلاقات دبلوماسية او من دونها. والعلاقات الدبلوماسية بين سورية ولبنان نتيجتها معنوية فقط، لأنها تؤدي الى خلاصة واضحة وهي ان لبنان دولة ذات سيادة». ويشير في هذا الاطار الى فصل المسارين الفلسطيني والأردني بعد أشهر من مؤتمر مدريد من دون ان يكون للسلطة الفلسطينية دولة. وبالتالي الاهم بين سورية ولبنان هو استعادة الثقة على قاعدة التكامل والمصالح المشتركة وتحييد دور اجهزة الاستخبارات عن هذه العلاقة».

لكن المصدر الدبلوماسي يقرأ فصل المسارين اللبناني والسوري والتبادل الدبلوماسي بين البلدين من زاوية أخرى ويقول: «سورية لا تمانع بالمطلق بإقامة علاقات دبلوماسية مع لبنان، انما تطلب بقاء المجلس الاعلى اللبناني ـ السوري الذي جاء بديلا عن التمثيل الدبلوماسي بين البلدين في الفترة السابقة. وهنا لا بد من القول ان هذا المجلس لا مثيل له في العلاقات الدولية تاريخيا، بل هو بدعة فرضتها سورية وحظيت بموافقة لبنانية خجولة نظرا الى الواقع الذي كان سائدا بعد اتفاق الطائف.التمثيل بين الدول يجب ان يتم وفق اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية».