ساركوزي يحقق نصراً برلمانياً بغالبية صوت واحد.. معارض

الحزب الحاكم يحتفل بإدخال تعديلات على نصف الدستور الفرنسي

TT

«إنه انتصار للديموقراطية الفرنسية وانتصار لمعسكر الحركة والتغيير والتحديث على معسكر الجمود والتشدد والفئوية». هكذا علق الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي على إقرار البرلمان الفرنسي بمجلسيه (الشيوخ والنواب) أول من أمس التعديلات الدستورية في المؤتمر الذي انعقد في قصر فرساي بأغلبية صوت واحد.

وما قاله ساركوزي ردده قادة الأكثرية البرلمانية والحزب اليميني الرئيسي «الاتحاد من أجل حركة شعبية» ولخصه رئيس الحكومة فرنسوا فيون عندما وصف التعديلات بأنها «انتصار جميل» يستحق أن يحتفل بها. وهذا ما سيفعله نواب اليمين اليوم في قصر الأليزيه الذي دعاهم اليه ساركوزي. ولقطع الطريق على الحزب الاشتراكي واليسار بشكل عام الذي سارع الى توجيه سهام النقد للتعديلات الدستورية التي أقرت بغالبية صوت واحد، سارع جان فرنسوا كوبيه، رئيس مجموعة النواب اليمينيين في الجمعية الوطنية الى التذكير بأن «الإصلاحات الكبيرة في فرنسا غالبا ما تم تبنيها بأكثرية الصوت الواحد» مضيفا أن هذه هي «أصول اللعبة الديموقراطية».

غير أن تقويم المعسكر المقابل مختلف تماما. فالمرشحة الاشتراكية السابقة لرئاسة الجمهورية سيغولين رويال رأت أن ما حصل ليس انتصارا للديموقراطية وإنما «تعزيز للحكم الشخصي» و«للسلطة الفردية» التي يمارسها الرئيس ساركوزي. ونددت رويال بـ«الضغوط البشعة» التي مارستها السلطة ضد عدد من النواب لحملهم على التصويت لصالح التعديلات الدستورية. وتعطي التعديلان الدستورية رئيس الجمهورية حق التحدث مباشرة الى البرلمان الفرنسي مجتمعا بمجلسيه (من غير تحديد عدد المناسبات التي يستطيع القيام بها في عام واحد). ولكن خطاب الرئيس لا تتبعه مناقشة عامة بحضوره ولا تصويت بالثقة. ويحدد الدستور الجديد ولايات الرئيس باثنتين على غرار ما هو معمول به في الولايات المتحدة الأميركية. كما يفرض عليه بعض القيود مثل ضرورة إعلام البرلمان حلال ثلاثة أيام بالعمليات العسكرية الخارجية وإعطائه حق التصويت عليها إذا استمرت اكثر من أربعة اشهر. وتقر التعديلات حق المواطنين بطلب إجراء استفتاء بمبادرة شعبية وإمكانية التوجه مباشرة الى المجلس الدستوري.

ولعل خيبة اليسار مردها الأول الى أن صوت النائب الاشتراكي جاك لانغ الذي صوت لصالح التعديلات هو الذي «أنقذ» ساركوزي ومكنه من الانتصار. لذا، كثرت اتهامات الخيانة التي وجهت الى لانغ وهو وزير سابق وشارك في غالبية الوزارات التي شكلها الحزب الاشتراكي منذ العام 1982. ويتوقع المراقبون أن «يكافئ» ساركوزي جاك لانغ في التعديل الوزاري القادم. وسبق للرئيس الفرنسي أن انتزع من الاشتراكيين وزير الخارجية برنار كوشنير ووزير الدولة للشؤون الأوروبية جان بيار جوييه ورئيس صندوق النقد الدولي جان فرنسوا خان وآخرين في إطار سياسة «الانفتاح» على القوى السياسية الأخرى التي طبقها منذ وصوله الى قصر الأليزيه.

وبعيدا عن المهاترات واللعبة السياسية التقليدية ما بين اليمين واليسار والسلطة والمعارضة، فلأن نجاح ساركوزي والحكومة في تمرير الإصلاحات الدستورية التي طالت حوالي نصف مواد الدستور هو نجاح وفشل في وقت واحد. وبالمقابل، فإن ساركوزي فشل في تحقيق إجماع وطني وسياسي حول مشروع إصلاح الدستور وتحديث مؤسساتها الرئيسية لأن اليسار رأى أن غرضها تقوية صلاحيات الرئيس على حساب المؤسسات الأخرى والانتقال الى نظام رئاسي.