وثيقة إيرانية لمفاوضات من 7 جولات تشمل قضايا دفاعية وإقليمية ونووية

الخارجية البريطانية لـ «الشرق الأوسط» لم نعرف بالوثيقة الجديدة ولم نطلبها.. ولا نريد وقف التخصيب بل تجميده

إيراني يتظاهر أمام السفارة المصرية في طهران أمس وهو يحمل نسخة من فيلم «اعدام فرعون» الذي اثار توترا في العلاقات المصرية ـ الإيرانية (رويترز)
TT

في خطوة وصفتها مصادر دبلوماسية غربية بأنها «نموذج للتفاوض على الطريقة الإيرانية»، قدمت إيران وثيقة جديدة للدول الغربية خلال مؤتمر جنيف الماضي، تتضمن برنامج محادثات مطولا بين طهران والغرب من اجل التوصل لاتفاق شامل وليس لاتفاق نووي فقط. فتحت عنوان «حيثيات اجراء مفاوضات كاملة» قدمت طهران تصوراتها الجديدة، التي فاجأت المشاركين من دول 5 +1، بخصوص حل الخلاف النووي بينها وبين الغرب خلال اجتماع جنيف الأسبوع الماضي الذي شاركت فيه واشنطن بشكل رفيع لاول مرة.

وتضمن المقترح الإيراني أفكارا عديدة لبدء مفاوضات من 3 مراحل، على سبع جولات من التفاوض. كما تضمنت الوثيقة الإيرانية خطأين لغويين. ويأتي ذلك فيما قال المتحدث باسم الخارجية البريطانية ان دول 5 زائد 1 لم تعرف مسبقا بالوثيقة الإيرانية الجديدة، وأنها لم تطلبها من طهران، كما لم تطلب من إيران ان تقوم بوقف التخصيب، بل طلبت منها ان تجمده. وأوضح المسؤول البريطاني لـ«الشرق الأوسط» ان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الاوروبي خافيير سولانا اوضح خلال مباحثاته مع الإيرانيين في جنيف ان المقترح الغربي «التجميد مقابل التجميد»، اي تجميد التخصيب عند مستواه الحالي في إيران، مقابل تجميد العقوبات التي فرضت على إيران حتى الان، مطروح على الإيرانيين وعليهم ان يقدموا ردا سريعا عليه. موضحا ان «الضغوط اذت نظام الحكم في إيران.. الوقت امام طهران يتضاءل». ووفقا لنسخة من الوثيقة التي أطلعت عليها «الشرق الأوسط» والمقدمة من إيران للمشاركين في اجتماع جنيف، وهي وثيقة اخرى غير رد إيران على صفقة الحوافز الغربية، فإن طهران تريد مفاوضات على 3 مراحل، الاولى سمتها طهران «المباحثات الأولية»، والمرحلة الثانية سمتها «بدء المفاوضات«، اما المرحلة الثالثة فقد سمتها إيران «التفاوض». والوثيقة التى تقع في صفحتين تعرض موقف طهران من المفاوضات وأهدافها بشكل مفصل. ووفقا للوثيقة، فإن المرحلة الاولى من المفاوضات وهي «المفاوضات التمهيدية» تتضمن 3 جولات من الحوار بين سولانا وجليلي وممثلين من دول 5 + 1. وتابعت الوثيقة: «بنهاية هذه المرحلة، فإن كل الأطراف ستكون قد اتفقت على حيثيات تحكم التفاوض. وسوف تكون الأطراف قد اتفقت على المراحل اللاحقة للتفاوض، والتي سوف تتضمن التالي. 1 ـ وضع جدول زمني وجدول أعمال للمفاوضات التي ستعقد لاحقا. هذه المفاوضات ستقام على أساس المشتركات بين سلة الحوافز الغربية والمقترحات الإيرانية. 2 ـ تحديد متى موعد بدء المرحلة الثانية من المباحثات». اما المرحلة الثانية من المفاوضات والتي اقترحتها إيران تحت عنوان «بدء المفاوضات»، فتشمل كما جاء في الوثيقة: «مع اكتمال المرحلة الاولى وتنفيذ ما اتفق عليه من متطلبات الحوار. تبدأ المفاوضات على المستوى الوزاري». لكن ولكي تبدأ هذه المرحلة من الحوار، فإن على إيران ودول 5 +1 ان تكف عن اية اجراءات تصعيدية، احادية الجانب او جماعية، من شأنها ان تعيق مسار التفاوض». وفي الوقت نفسه «فإن إيران ستواصل التعاون مع وكالة الطاقة الذرية»، و«خلال هذه المرحلة من المفاوضات، فإن 4 جولات من المباحثات يجب ان تعقد بين إيران وسولانا ووزراء خارجية دول مجلس الامن والمانيا وممثل عن وكالة الطاقة الذرية». وتشترط إيران أن تبدأ المفاوضات من القضايا التي تشكل ارضية مشتركة بين طهران والغرب، بدون توضيح لماهية هذه القضايا. على ان يتبع ذلك اتفاق بين المتفاوضين حول جدول زمني وجدول أعمال للمفاوضات. وتنتهي هذه المرحلة الثانية من المفاوضات بإصدار بيان مشترك بين ايران ودول مجلس الامن والمانيا حول ما تم الاتفاق عليه. ووفقا للوثيقة، فإن هذه المرحلة الثانية تنتهي بالبيان المشترك، لتبدأ المرحلة الثالثة والأخيرة من التفاوض بتشكيل لجان متخصصة أقل عددا تتفاوض من أجل الاتفاق على «تعاون شامل». أما المرحلة الثالثة، فإنها تبدأ بالتفاوض بين إيران ودول 5+1 من أجل التوصل لاتفاق شامل يشمل قضايا اقتصادية وسياسية واقليمية وامنية ونووية وفاعية. على ان تستكمل هذه المفاوضات خلال شهرين. لكن الوثيقة توضح ايضا ان جدول المفاوضات يمكن ان يمدد لحل اية خلافات تطرأ، مشيرة الى ان هدف الاتفاق هو اتفاق طويل المدى يتضمن التزامات جماعية. وتشدد الوثيقة الإيرانية على ان طهران تتفاوض من اجل «حل شامل» لكل القضايا، وليس فقط «حل نووي». كما تطلب الورقة سحب ملف إيران النووي من مجلس الامن ومجلس حكماء وكالة الطاقة الذرية، على ان تكون وكالة الطاقة الذرية هي الجهة الوحيدة المخولة التعامل مع تطورات ملف إيران النووي. واضافت الوثيقة ان القوى الكبرى الست «تلغي العقوبات وقرارات مجلس الامن الدولي. في المقابل تنفذ ايران الاجراءات التي يكون تم التوصل الى اتفاق بشأنها»، ولم توضح ماهية تلك الاجراءات.

وتلمح الوثيقة الإيرانية الى أنه لا ينبغي اجراء اية مناقشات حول المسألة الخلافية الاساسية بين إيران والغرب، وهي تجميد تخصيب اليورانيوم. اذ ان الوثيقة تقول: تمتنع الاطراف عن الاشارة الى او مناقشة قضايا خلافية قد تعرقل مسار المحادثات». وكان سولانا قد قال بعد انتهاء مباحثات جنيـف إن دول 5 +1 تريد من إيران ان توافق على مبدأ «التجميد مقابل التجميد»، اي تجميد طهران لتوسيع أنشطة تخصيب اليورانيوم وابقائها عند المستوى الحالي، مقابل تجميد الدول الغربية عقوباتها على إيران، وذلك مقابل حوافز سياسية واقتصادية وتقنية لإيران. لكن على إيران ان «توقف» تخصيب اليورانيوم لا «تجميده» عندما تبدأ المفاوضات الرسمية، وذلك كشرط مبدئي لبدء المفاوضات. وكان البيت الابيض قد كرر هذا الشرط قبل يومين، معربا في الوقت ذاته ان طهران لن تقبل غالبا بالمقترح الغربي. وبعد جولات المحادثات السبع، تذكر الوثيقة اجراء مفاوضات في مهلة من شهرين قابلة للتمديد بـ«الاتفاق المتبادل». وتعد الوثيقة التي لم يكشف عنها علنا خلال مفاوضات جنيف «نموذجا» للطريقة التي تفاوض بها إيران، والتي تتضمن عددا كبيرا من مراحل التفاوض عند كل مرحلة، مع تحديد الاطر العامة التي تحكم كل مرحلة. ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز»، التي كشفت عن الوثيقة الإيرانية في جنيف، عن مسؤول اوروبي رفيع رفض الكشف عن اسمه ان «الوثيقة تستدعي كمية هائلة من النقاشات». واضاف «اذا حاولنا تطبيقها، سيستغرق الامر سبعة اعوام على الاقل». ولم تكشف الصحيفة عن كيفية حصولها على نسخة من الوثيقة المصوغة بالانكليزية. وشملت الوثيقة خطأين لغويين فبدلا من تعبير (Nonpaper) الذي يشير الى تقديم ورقة في المباحثات «ليس لها صفة رسمية» يمكن ان تكون أساسا للتفاوض، كتب على الورقة الإيرانية التي حصلت «نيويورك تايمز» على نسخة منها (None paper). واوضحت صحيفة «نيويورك تايمز» ان نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي كيسلياك «عجز عن حبس قهقهاته عندما قرأها»، بحسب احد المشاركين. الى ذلك، قال خافيير سولانا المنسق الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، إن الاتحاد يستعد لتطبيق عقوبات الأمم المتحدة الاكثر صرامة ضد إيران. وأوضح سولانا عقب محادثاته مع وزراء خارجية الإتحاد الأوروبي في بروكسل «لدى الاتحاد الأوروبي مسؤولية لتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1803». ودعا سولانا حكومة طهران مجددا إلى الرد «البناء» مع العرض الذي قدمته الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، إضافة إلى إلمانيا قبل أربعة أسابيع. وقال «أشعر بالتفاؤل بأنه ستكون هناك إجابة بناءة».