الناطق باسم بترايوس لـالشرق الأوسط» : سحب القوات بحلول 2010 أقرب إلى طموحات

قائد القوات الأميركية يقدم مقترحاته حول الوضع الأمني بنهاية الصيف.. وبراون يؤكد بقاء جنود بلاده بعد 2008

TT

حذر الكولونيل ستيف بويلان، الناطق باسم قائد القوات الاميركية في العراق ديفيد بترايوس، من انه «من المبكر الحديث عن سحب القوات (الاميركية) من العراق». واضاف بويلان لـ«الشرق الاوسط» أن تصريحات رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي والناطق باسم حكومته علي الدباغ حول امكانية سحب القوات الاميركية من العراق بحلول 2010 «اقرب الى الطموحات»، مؤكداً: «ما زلنا نعمل على جدول مبني على الظروف على واقع الارض بدلا من جداول زمنية عشوائية». وصرح بويلان أن القيادة العسكرية الاميركية «لا تخطط لانسحاب كامل للقوات في الوقت الراهن»، لكنه اقر بأن «الحديث حول هذه المسألة بات اكثر اثارة بسبب التطورات السياسية» في واشنطن؛ في إشارة الى حملة انتخابات الرئاسة الاميركية. فشهدت زيارة المرشح الديمقراطي للانتخابات الرئاسية الاميركية باراك اوباما الى العراق امس وأول من امس نقاشات حول امكانية سحب القوات الاميركية من العراق بحلول 2010، وهو الجدول الزمني الذي تعهد به أوباما في حال انتخب لرئاسة الولايات المتحدة.

وكان أوباما قد اعلن في بيان نشره مكتبه في مجلس الشيوخ في واشنطن ان رئيس الوزراء العراقي أيد انسحابا للقوات الاميركية من العراق بحلول عام 2010. وقال اوباما في بيان مشترك مع زميليه جاك ريد وشاك هاغل لمناسبة زيارتهم للعراق في اطار جولة في الشرق الاوسط واوروبا، ان «رئيس الوزراء قال انه حان الوقت للبدء بإعادة تنظيم قواتنا في العراق، بما في ذلك عددها ومهماتها». وأضاف اوباما ان المالكي «اعرب عن امله في رؤية القوات الاميركية قد انسحبت من العراق عام 2010». وتابع بيان اعضاء مجلس الشيوخ ان «العراقيين يريدون (...) موعدا واضحا لاعادة انتشار القوات الاميركية».

وعلق بويلان بأن القيادة العسكرية الاميركية «لا يمكنها العمل بأوامر اكثر من قائد عام في وقت واحد»؛ في اشارة الى تضارب بين موقف الرئيس الحالي جورج بوش الرافض لتحديد جدول زمني وموقف اوباما الذي يطالب بسحب لواء أو لواءين كل شهر من العراق فور توليه الرئاسة، في حال كسب الانتخابات، في بداية عام 2009. واضاف بويلان ان القوات المتعددة الجنسية ستواصل عملها في العراق بينما تقيم القيادة العسكرية الوضع الامني فيه، مؤكداً: «مهمتنا في العراق لم تغير ولا نخطط لسحب كلي للقوات». وأوضح انه «كلما تستقر منطقة معينة في العراق وتتغير مهمة القوات من (المهمة) القتالية الى دور اقرب الى بناء البلاد ومساعدة المدن لتقديم الخدمات للمواطنين». وشدد على ان «نراقب بحذر الوضع الامني وامكانية حدوث مشاكل جديدة ولكن نركز ايضاً على بناء القدرات العراقية».

وأوضح بويلان ان بترايوس سيقدم «تقييماً حول الوضع في العراق في نهاية اغسطس (آب) او بداية سبتمبر (ايلول) المقبل، حين سيقدم مقترحاته للقيادة العسكرية والرئيس الاميركي». ولفت الى ان بترايوس سيقدم مقترحاته الى الإدارة الاميركية وليس الكونغرس، مما يعني انها لن تكون فرصة للمرشحين للرئاسة الديمقراطي اوباما ومنافسه الجمهوري جون ماكين العضوين في مجلس الشيوخ الاميركي لطرح افكارهما حول العراق مثلما حصل في شهادة بترايوس امام الكونغرس في سبتمبر 2007 وابريل (نيسان) الماضي. واختتم بويلان حديثه حول موقف المرشحين للرئاسة حول العراق بالقول: «عندما تأتي ادارة (اميركية) جديدة يمكنها اعادة النظر في مهمتنا ولكن في الوقت الحالي لم تتغير». واكد ناطق باسم القوات المتعددة الجنسية أن «عدد القوات القتالية مقابل قوات الدعم (للقوات العراقية) ستقيم حسب الحاجة لهم»، موضحاً لـ«الشرق الاوسط»: «أي قرار حول عدد القوات في العراق سيقرر بعد المقترحات» التي سيقدمها بترايوس الى الادارة الاميركية نهاية الصيف.

ويركز القادة العسكريون الاميركيون، والبريطانيون في الجنوب، على تدريب القوات العراقية وجعلها قادرة على تحمل المهام القتالية من اجل سحب الوجود العسكري الاجنبي في المدن العراقية. وتأتي هذه التطورات العسكرية فيما تستمر المفاوضات العراقية ـ الاميركية حول الاتفاقية الامنية التي ستحل محل تفويض الامم المتحدة للقوات المتعددة الجنسية في العراق بحلول نهاية العام الحالي، مما يدفع تساؤلات حول طبيعة بقاء القوات الاجنبية في العراق والاطار الزمني لبقائها. ورداً على سؤال لـ«الشرق الاوسط» حول تصريحات اوباما ازاء وضع جدول زمني لسحب القوات وتأثير ذلك على المفاوضات العراقية – الاميركية الحالية، صرح حسن السنيد القيادي في الائتلاف العراقي الموحد وأحد المقربين من رئيس الوزراء نوري المالكي بأن «زيارة اوباما للعراق لا تعد زيارة رسمية وهو ليس جزءا من الوفد المفاوض مع العراق لابرام الاتفاقية بين العراق والولايات المتحدة». وأكد ان «المباحثات بين العراق والولايات المتحدة مستمرة»، مشيراً الى ان «الاتفاقية ستكون بثلاثة ابواب، أولها التعاون الفني والثقافي والثاني الأفق الزمني لجلاء القوات والثالث هو الاذونات للعمليات العسكرية وأطر التنسيق في التفاصيل». وقد اتفق المالكي مع بوش يوم الجمعة الماضي حول وضع «أفق زمني» لسحب القوات، بدلا من جدول زمني محدد وهذا ما يعمل عليه المفاوضون في الوقت الراهن.

وامام الحكومة البريطانية مهمة التفاوض مع العراقيين ايضاً حول بقاء قواتهم في العراق بعد انتهاء تفويض الامم المتحدة بعدما اكد رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون أمس بقاء قوات بلاده بعد عام 2009. وصرح براون امام مجلس النواب بأن عام 2009 سيشهد «تحولا جديداً اساسياً في مهمة» الجنود البريطانيين المنتشرين في العراق، مشدداً على انه سيواصل سحبا تدريجيا للقوات من العراق. واكدت ناطقة باسم وزارة الدفاع البريطانية لـ«الشرق الاوسط»: «رئيس الوزراء كان واضحاً بأننا سنواصل عملنا من حيث تدريب القوات وتطوير مطار البصرة ومواصلة عملية التقييم هناك». وأضافت: «ليس من الواضح بعد ما سيحصل بعد عام 2009»، ولكنها أقرت بأن الحكومة البريطانية ستفاوض الحكومة العراقية للتوصل الى اتفاقية تبقي قواتها في العراق بإطار قانوني. وأضافت: «نعمل على تطبيع العلاقات مع العراق وستكون الاتفاقية مع العراق مثل أية اتفاقية لدينا مع بلد متطور».

وقال براون بعد ثلاثة ايام على زيارته القصيرة للعراق السبت الماضي: «كما في العام الماضي انتقلنا من مهمة قتالية الى مهمة اشراف، وأتوقع تحولا جديدا أساسيا في المهمة في الأشهر الاولى من عام 2009». وأشاد براون بتحسن الوضع الامني في البصرة، حيث تنتشر الكتيبة البريطانية في العراق، مؤكدا ان حكومته «ستواصل خفض عديد الجنود البريطانيين» المنتشرين في هذا البلد والبالغ حاليا 4100 جندي. وأفاد براون بأن القادة العسكريين على الارض يتوقعون تسليم العراقيين الاشراف على مطار البصرة بشكل كامل «بحلول نهاية السنة» الحالية.