عملية القدس وقعت على بعد مئات الأمتار من اجتماع بيريس مع أبو مازن وفندق أوباما

في الشارع نفسه كانوا يستعدون لاستقبال مرشح الرئاسة الأميركية

ابو مازن يوقع في مقر الرئيس الاسرائيلي شيمعون بيريس في القدس الغربية دفتر كبار الزوار امس (ا ب)
TT

مئات الأمتار فقط فصلت، أمس، بين المكان الذي نفذت فيه عملية الجرافة الثانية في القدس وبين مقر رؤساء إسرائيل، الذي حل الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، فيه امس ضيفا على الرئيس شيمعون بيريس. وفي وسط المسافة بين المكانين، كان رجال الأمن الإسرائيليون منهمكين بالإعداد لاستقبال المرشح الديمقراطي للرئاسة الأميركية، باراك أوباما، في فندق الملك داوود في المدينة، اليوم.

وبناء عليه، اعتبرت المخابرات الإسرائيلية هذه العملية التي اسفرت عن جرح حوالي 19 شخصا قبل مقتل سائقها على أيدي الشرطة الإسرائيلية، وفي مكان وقوعها هذا بالذات، «تصعيدا خطيرا لا يمكن التعامل معه بسهولة ولا يمكن تمريره من دون اجراءات أمنية عميقة تحد من تحرك سكان القدس العرب في الشق الغربي من المدنية».

وأدانت السلطة الفلسطينية العملية، وقال ابو مازن: «نحن دائما ندين أي عمل إرهابي، وندين أي اعتداء على المدنيين مهما كانت صفته». وأضاف: «فهمت اليوم أن هناك اعتداء مقصودا، نحن بالتأكيد ندينه ولا نقبل به، لأن هذا يسيء إلى سمعتنا ويسيء إلى السلام بشكل عام». وتابع القول: «من حيث المبدأ هذه الأعمال لا نقبلها ونتمنى لمن أصيبوا أن يشفوا من جراحهم بأقصى سرعة ممكنة».

في المقابل باركت حماس العملية. وقال الدكتور سامي أبو زهري المتحدث باسم الحركة في تصريح لـ«المركز الفلسطيني للإعلام» إن عملية الجرافة هي «نتيجة طبيعية لجرائم الاحتلال وإصراره على الاستمرار في هذه الجرائم». وشدد على أن العملية هي أيضاً «نتيجة طبيعية لرفض الاحتلال الالتزام بوقف العدوان على شعبنا خاصة في الضفة الغربية والقدس المحتلة». وأعلنت كتائب أحرار الجليل وهي نفس المجموعة التي اعلنت مسؤوليتها عن عملية الجرافة الاولى في يونيو (حزيران) الماضي، مسؤوليتها عن هذه العملية. وقالت في بيان: «تمكنت كتائب أحرار الجليل مجموعات الشهيد القائد عماد مغنية من تنفيذ سلسلة عمليات نوعية، واليوم يشهد عملية جديدة نفذت في مدينة القدس العاصمة الأبدية لفلسطين».

وأشار البيان إلى أن تلك العملية تأتي «ردا على زيارة (المرشح الرئاسي الأمريكي) باراك أوباما لفندق الملك داوود في القدس».

ونفذ سائق جرافة، 21 عاما من سكان القدس الشرقية المحتلة، عمليته تماما كما حصل في العملية الأولى، مع فارق واحد وهو أن جرافته كانت أصغر من سابقتها. فقد ركبها وراح يهاجم كل ما يجده في طريقه. فضرب حافلة ركاب ثم قلب سيارة خصوصية وضرب سيارة ثالثة ورابعة، الى ان قتل برصاص احد المارة وضابط في قوات الحراسة الإضافية استعدادا لاستقبال أوباما. واستغرقت العملية كلها أقل من دقيقتين، لكنها كلفت ثمنا باهظا، حيث قتل الشاب وأصيب 19 مواطنا في اسرائيل بجراح، أحدهم جراحه بليغة وبينهم أم وطفلتها.

وسيطرت أحداث هذه العملية على زيارتي أبو مازن وأوباما. وفي حين كان الرئيس الفلسطيني يطالب بيريس بالتدخل لإزالة مئات الحواجز العسكرية التي تخنق الفلسطينيين في الضفة الغربية ووقف الاستيطان الذي يهدد بنسف العملية السلمية برمتها، راح السياسيون الإسرائيليون يتحدثون عن «أخطار الارهاب الفلسطيني على اسرائيل». وقال زعيم الجناح المتطرف في حزب الليكود اليميني المعارض، موشيه فاغلين، الذي كان شاهدا على الحادث، انه يأمل الآن أن تدرك الحكومة أخطار العملية السلمية مع الفلسطينيين. وقال ان الخطوة الأولى التي يجب القيام بها بعد هذه العملية هي: زيادة الحواجز العسكرية وتعزيز الاستيطان وتوسيعه ومنع سكان القدس الشرقية من دخول القدس الغربية وحثهم على الرحيل الى الضفة الغربية. يذكر ان زيارة أبو مازن الى بيرس كانت أول زيارة لرئيس فلسطيني الى مقر رؤساء إسرائيل الرسمي في القدس الغربية. وقصد بها بيريس أن تكون علامة ايجابية لتثبيت مكانة رئيس السلطة الفلسطينية كرئيس دولة. وجاءت قبل يومين من لقاء قمة مقرر غدا بين أبو مازن ورئيس الوزراء، ايهود أولمرت، لدفع المفاوضات والإفراج عن دفعة جديدة من الأسرى. ونقل عن مكتب بيريس ان ابو مازن قال له «مرت ستون عاما على النكبة والصراع الدامي المرافق لها، وهذا يكفي. وحان الوقت لوضع حد للصراع. ونحن بدأنا معك مسيرة التسوية بين الشعبين قبل 15 سنة (اتفاقات أوسلو)، فدعنا نكمل معك وفي عهدك نهاية الصراع وتحقيق السلام».