الادعاء يتهم سائق بن لادن بمعرفة وجهة إحدى طائرات هجمات سبتمبر

أحد الشهود لا يمكنه التأكيد أن حمدان كان ينقل صواريخ في سيارته

رسم لليمني سالم حمدان خلال مثوله أمام المحكمة العسكرية في غوانتانامو أول من أمس (ا.ف.ب)
TT

قال مدعي عام محكمة معتقل غوانتانامو المخصص لكبار قادة تنظيم القاعدة وحركة طالبان والتي تنظر حالياً في قضية اليمني سالم حمدان، المعروف بـ«سائق بن لادن» أن الأخير كان على علم بالهدف المحدد لطائرة واحدة على الأقل من بين الطائرات التي شاركت في هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 على الولايات المتحدة.

وذكر المدعي أن حمدان أقر خلال التحقيقات بأنه كان على دراية بأن الطائرة المدنية الرابعة المختطفة، والتي سقطت في وقت لاحق في أرض مفتوحة بولاية بنسلفانيا بعدما تصدى الركاب للخاطفين ـ كانت ستصطدم بالقبة، في إشارة، على الأرجح، لمبنى الكابيتول الذي يضم مقر الكونغرس وعددا كبيرا من الإدارات الاميركية.

غير أن الدفاع رد على الادعاءات بأن حمدان كان مجرد سائق بسيط ليس على اطلاع بخطط بن لادن ومشاريعه، وأنه كان يعمل عنده لمجرد الحصول على أموال وليس لشن هجمات. وكان الشاهد الأول للدفاع في المحاكمة جندي أميركي، قيل إنه كان حاضراً عندما اعتقل حمدان أثناء نقله بسيارته صاروخ «سام 7» المضادة للطائرات، لكن استجواب الجندي من قبل الدفاع لاحقاً أفضي إلى قوله إنه غير متأكد ما إذا كان حمدان يقود السيارة بنفسه ضمن موكب ضم ثلاث عربات. واشتكى الدفاع مجدداً من أنه لم يتمكن من معرفة كافة الأدلة في الاتهامات المساقة بحق موكله. لكن المدعي تيموثي ستون قال لهيئة المحلفين العسكرية المكونة من ستة ضباط في الجيش الاميركي والتي ستحدد ما اذا كان حمدان مذنبا ام بريئا ان المتهم كان على علم بهجمات عام 2001 على الولايات المتحدة لانه سمع محادثة بين زعيم القاعدة ونائبه أيمن الظواهري. وقال ستون وهو ضابط في البحرية الاميركية في مرافعته الاولى «اذا لم يسقطوا الطائرة الرابعة لكانت صدمت القبة». وأوضح كبير المدعين العسكريين الكولونيل لورانس موريس بعد ذلك: «ان ستون كان ينقل كلام حمدان في اطار أدلة ستقدم خلال المحاكمة». ورفض موريس الكشف عما اذا كانت عبارة «القبة» تشير الى قبة كابيتول هيل مقر الكونغرس الاميركي. وقال ستون «في الواقع لم يكن أحد يعرف الهدف المستهدف لكن المتهم كان يعرف. وتحطمت الطائرة التابعة لشركة يونايتيد ايرلاينز في الرحلة رقم 93 في حقل بمنطقة زراعية في بنسلفانيا. ولم يصرح المسؤولون الاميركيون قط بأنها اسقطت لكن شائعات بهذا المعنى تدور حتى يومنا هذا. ويواجه حمدان وهو أب لاثنين تلقى تعليما حتى السنة الرابعة الابتدائية تهمتي التآمر وتقديم دعم مادي لارهابيين وقد يحكم عليه بالسجن مدى الحياة اذا ادانته هيئة محلفين عسكرية مؤلفة من ضباط أميركيين في اول محاكمة اميركية لجرائم الحرب منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وبدأت اولى المحاكمات بموجب نظام اللجان العسكرية الذي يتعرض لكثير من الانتقادات بعد ستة أعوام ونصف العام من فتح سجن غوانتانامو الحربي لاحتجاز الاشخاص المشتبه في أنهم من مقاتلي القاعدة وطالبان.

ويقول ممثلو الادعاء ان حمدان وهو يمني في أواخر العقد الرابع من عمره قريب من الدائرة الداخلية لابن لادن وكان في طريقه لميدان المعركة ومعه في سيارته صاروخين أرض ـ جو حينما اعتقل في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2001 بعد فترة قصيرة من الغزو الاميركي لافغانستان.

وقال ستون للمحلفين العسكريين ان حمدان كسب ثقة ابن لادن وساعده على الهرب بعد هجمات استهدفت سفارتين أميركيتين في شرق أفريقيا وبعد هجمات 11 سبتمبر (ايلول).

وأضاف ستون «عمل حارسا شخصيا وسائقا ونقل وسلم أسلحة وذخيرة وامدادات للقاعدة». وتجري محاكمة حمدان في مقر المحكمة على ربوة في القاعدة البحرية الاميركية المطلة على خليج غوانتانامو بكوبا والتي نالت نصيبا كبيرا من الانتقادات الموجهة للولايات المتحدة منذ ان تحولت في اوائل عام 2002 الى سجن حربي لمقاتلي القاعدة وطالبان المزعومين. وانتقد مدافعون عن حقوق الانسان ومحامو الدفاع وبعضهم ضباط في الجيش الاميركي نظام محاكم جرائم الحرب الذي اقامته ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش لمحاكمة المشتبه فيهم المتهمين بارتكاب جرائم. واحتجز السجناء طوال سنوات دون ان توجه لهم تهم رسمية. وتقول واشنطن انهم «مقاتلون اعداء» غير شرعيين لا يتمتعون بحقوق اسرى الحرب. وقال موريس كبير المدعين اول من أمس في محاولة للرد على الانتقادات الموجهة للنظام «في رأيي انهم يواجهون أكثر محاكمات جرائم الحرب عدالة مقارنة بأي شخص آخر». وكان بعض المحلفين المحتملين في مقر وزارة الدفاع الاميركية البنتاغون أو يعرفون اشخاصا كانوا هناك عندما اصابت طائرة مخطوفة المبنى في هجمات 11 سبتمبر. وسألهم القاضي العسكري كيث ألريد ومحامو الدفاع بشأن قدرتهم على التزام الحياد. وينظر في القضية محلفون اختيروا من مجموعة مؤلفة من 13 ضابطا عسكريا أميركيا جيء بهم من مختلف أنحاء العالم. واصبحت قاعدة غوانتانامو البحرية مثار غضب وانتقاد للولايات المتحدة حيث يوجد محتجزون منذ سنوات دون ان توجه اليهم اتهامات باعتبارهم مقاتلين اعداء وحرموا الحقوق المنصوص عليها لاسرى الحرب ويشكو هؤلاء المحتجزون من المعاملة السيئة والتعذيب. وقال محامو الدفاع ان كثيرا من الادلة ضد موكليهم انتزعت قسرا. وما زال هناك 265 سجينا في غوانتانامو. وقبل محكمة جرائم الحرب لم تحسم الا قضية واحدة وهي قضية الاسترالي ديفيد هيكس الذي اقر بانه مذنب بتقديم دعم مادي للارهاب في اطار اتفاق قضائي مع الادعاء لتفادي المحاكمة. وبين المحتجزين الاخرين في المعتقل خالد شيخ محمد وعلي عبد العزيز علي ورمزي بن الشيبة ومصطفى احمد الحوساوي ووليد بن عطاش الذين يعتقد انهم من مدبري هجمات سبتمبر. ويقول محامو حمدان الذي دفع بانه غير مذنب، انه ليس عضوا في القاعدة وكان مجرد سائق وميكانيكي يعمل لدى ابن لان لانه كان بحاجة الي اجره الشهري وقدره 200 دولار. ووصف محامي الدفاع هاري شنايدر موكله بأنه يمني فقير يتيم فقد أمه وأبوه في سن مبكرة عاش في الشوارع وتعلم حرفة اصلاح السيارات. وقال للمحلفين «الادلة تشير الى انه كان يعمل للحصول على أجر. ولم يشن هجمات على اميركا. كان يعمل لان عليه ان يكسب قوته لا لانه يجاهد ضد اميركا. ما من دليل على ان حمدان امن او تبنى أي شكل مما ستسمعونه عن المعتقدات الاسلامية الراديكالية والمعتقدات الاسلامية المتطرفة». وقدم علي صوفان وهو خبير في شؤون القاعدة يعمل مع مكتب المباحث الاميركية (اف.بي.اي) للمحلفين وصفا تفصيليا عن التسلسل القيادي في القاعدة وكيف ان ابن لادن يسمى «الامير». وقال ان حمدان كان من بين الدائرة الامنية لزعيم القاعدة. وأضاف «الناس الذين يحيطون بابن لادن يجب ان يكونوا محل ثقة، مؤمنون حقيقيون بالقضية». من جهة اخرى تعذر على مسؤول عسكري اميركي كان حاضرا لدى اعتقال سالم حمدان في افغانستان في اليوم الثاني من محاكمة هذا الاخير اول من امس ان يؤكد ان سائق اسامة بن لادن السابق كان ينقل «صواريخ».

وقال الشاهد الذي لم يكشف عن هويته لحمايته، انه وصل بعيد توقيف حمدان ولاحظ «وجود عدة صواريخ في سيارة» لكن «تعذر عليه التأكيد ان السيارة (التي كانت فيها الصواريخ) هي سيارة حمدان» على ما اوضحت الناطقة باسم المحاكمة العسكرية الخاصة غيل كرووفورد. وفي وقت لاحق اكد عسكري اميركي آخر كان حاضرا عملية الاعتقال ولم يكشف عن هويته كذلك، العثور على «صاروخين» وبطاقات سفر وجوازات سفر واموال في سيارة المتهم. وخلال المحاكمة التي ستستمر اسبوعين على القضاة الستة ان يحددوا ما اذا كان ينبغي ادانة حمدان بتهمة «التآمر» و«الدعم المادي للارهاب». ويواجه المتهم امكانية الحكم عليه بالسجن مدى الحياة في حال ادانته بهذه التهم. وقررت المحكمة عدم استخدام اعترافات ادلى بها حمدان عندما كان معتقلا في قاعدة باغرام في افغانستان بعد توقيفه نهاية العام 2001 لانها انتزعت «تحت ضغط كبير».