اعتماد إسرائيل على قدراتها العسكرية لإطلاق شليط أحد أسباب تأخير صفقة

TT

بعد شهر على اختطاف الجندي الإسرائيلي جلعاد شليط من قاعدة عسكرية تتاخم معبر كرم ابو سالم، الحدودي الذي يقع على مثلث الحدود المصرية الفلسطينية الاسرائيلية التي نفذتها حركة حماس بالتعاون مع «لجان المقاومة الشعبية» و«جيش الاسلام»، قام حزب الله بعملية «الوعد الصادق» التي اختطف خلالها اثنين من الجنود الاسرائيليين وادت الى الحرب. الشعور الذي كان سائداً لدى الفصائل الأسرى للجندي أن اسرائيل ستضطر للتوصل لصفقة تبادل اسرى معها قبل انجازها مع حزب الله. لكن سرعان ما تبين أن إسرائيل اعطت أولوية لإنجاز صفقة الاسرى مع حزب الله وأجلت التوصل لمثل هذه الصفقة مع حركة حماس التي أصبحت المسؤولة عن مصير الجندي. وهناك العديد من العوامل التي حالت دون إسراع إسرائيل لعقد صفقة تبادل اسرى مع حماس مقارنة مع ميلها للتوصل لمثل هذه الصففة مع حزب الله. فإسرائيل كانت تراهن على قدراتها الاستخبارية في الكشف عن مكان احتجاز جلعاد شليط ومن ثم القيام بعملية لتحريره، الى جانب مراهنتها على العمليات العسكرية من قتل وتدمير واعتقال التي نفذتها ضد حماس وحكومتها، لإجبار حماس على تسليم شليط، أو على الأقل تقليص سقف مطالبها في المستقبل.

ورغم أن اسرائيل كانت تخشى أن يؤدي توصلها الى صفقات تبادل اسرى مع حزب الله وحماس الى تعزيز مكانتهما في كل من لبنان ومناطق السلطة الفلسطينية، إلا أنها كانت تبدي حساسية اكبر ازاء تأثير التوصل للصفقة على مكانة حماس الجماهيرية، وخشيتها ان تساهم هذه الصفقة في إضفاء شرعية على حكم الحركة، سيما بعد الحسم العسكري وسيطرة الحركة على غزة، علما بأن الحركة تتعرض لمقاطعة دولية واقليمية شبه كاملة. وكما قالت وزيرة الخارجية الاسرائيلي تسيبي ليفني فأنه يتوجب على اسرائيل أن تأخذ بعين الاعتبار الانطباع الذي يتولد لدى الرأي العام الفلسطيني حول حماس بعد انجاز الصفقة. في نفس الوقت خشيت اسرائيل ان تؤثر صفقة تبادل الاسرى على مكانة الرئيس الفلسطيني محمود عباس التي مما لا شك فيه ستتضرر بشكل كبير في حال أصرت حماس على مطلبها بالإفراج عن امين سر حركة فتح المعتقل في السجون الاسرائيلية مروان البرغوثي.

ومن بين الفروق الكبيرة في الصفقة مع حزب الله والصفقة المتوقعة مع حماس هو الثمن المطلوب لانجازهما إسرائيلياً. فرغم الجدل الذي اثير حول اطلاق سمير القنطار الذي ادين بقتل ثلاثة اسرائيليين، واربعة معتقلين لبنانيين اخرين مقابل جثتي الجنديين، فإن اسرائيل ترى ان هذا ثمن بخس جداً مقابل الثمن الذي تطالب به حماس مقابل الإفراج عن شليط، حيث أن حماس تطالب تقريباً بالإفراج عن جميع قادة وكوادر جهازها العسكري الذين أدينوا بقتل وجرح مئات المستوطنين والجنود. في نفس الوقت فإن الأجهزة الأمنية الاسرائيلية تفترض أن معظم المعتقلين الذين تطالب حماس بالإفراج عنهم سيعودون للعمل المقاوم. وتكتسب هذه المخاوف اهمية لمعرفة إسرائيل ان الكثير من المعتقلين كانوا العقول المدبرة لعدد كبير من العمليات الكبيرة التي نفذت في اسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة. ورغم أن حركة حماس لا تشير الى ذلك علناً، فإنها متيقنة من أن احد الأسباب الرئيسية في تأخر التوصل لصفقة تبادل الاسرى هو الدور السلبي الذي يلعبه الوسيط المصري. شخصيات قيادية في حماس تقول في المجالس المغلقة ان الجانب المصري لا يمارس دورا يذكر في اقناع اسرائيل بقبول مطالب حركات المقاومة، وقيامه بالمقابل بممارسة ضغوط على حماس. وتعالت الاصوات داخل الحركة التي تطالب بالبحث عن وسيط اوروبي لإنجاز مهمة الوساطة بين اسرائيل، وحتى انتداب نفس الوسيط الألماني الذي توسط في صفقات حزب الله مع اسرائيل، لكن قيادة الحركة ترفض هذه الدعوات بسبب ما تتركه من حساسيات على العلاقة مع مصر. في المقابل، هناك الكثير من الانتقادات التي توجه لحماس على خلفية ادارتها لملف التفاوض حول شليط، حيث أن موافقة الحركة على «بوادر حسن النية تجاه اسرائيل وقيامها بنقل الرسائل من شليط لأسرته فضلاً عن رسالته الصوتية طمأن صناع القرار في اسرائيل أن خطراً لا يتهدد حياته وبالتالي منح اسرائيل المزيد من الوقت لممارسة الضغوط على حماس.