أوباما يسجل إحدى أبرز جولاته الانتخابية في خطاب ألقاه تحت عمود النصر ببرلين وسط عشرات الآلاف

دعا أوروبا وأميركا إلى تجاوز الخلافات من أجل «هزيمة الإرهاب»

TT

دعا المرشح الديمقراطي للانتخابات الرئاسية الاميركية باراك اوباما في برلين وسط حشد بلغ عشرات الآلاف اوروبا واميركا الى تجاوز خلافاتهما لمواجهة التحديات العالمية المتصلة بالارهاب والاحتباس الحراري. كما دعا الى التخلص من السلاح النووي وتجاوز عقلية الحرب الباردة، والى تبادل تجاري حر وعادل. كذلك تناول في حديثه التحديات التي تواجه منطقة الشرق الاوسط داعيا الاوروبيين والاميركيين الى العمل معا من اجل «هزيمة الارهاب» قائلا ان «الجدران بين الحلفاء القديمين على ضفتي الاطلسي لا يمكن ان تستمر» داعيا الى اسقاط الحواجز بين الدول والاعراق والديانات. ولم يفلح المرشح الديمقراطي الاميركي باراك أوباما في إلقاء خطابه أمام بوابة براندنبرغ التاريخية في العاصمة الألمانية برلين، كما فعل الرئيس الأسبق جون كنيدي، لكنه يؤمل النفس بتحقيق انتصار حاسم على منافسه الجمهوري جون مكين من خلال خطابه تحت «عمود النصر» الذي لا يبعد أكثر من كيلومتر عن البوابة.

ورغم نفي مرشح الرئاسة الأميركي، الملقب بـ «كنيدي الاسود»، نيته توظيف خطبة برلين في حملته الانتخابية ضد ماكين، إلا أن كافة المؤشرات تدل عكس ذلك. اذ حضر الاميركيون المقيمون في ألمانيا بكثافة إلى قلب العاصمة برلين حيث عمود النصر، كما كانت حشود الصحافيين الاميركيين الذين يغطون، كافية لتحويل الزيارة إلى جولة انتخابية حاسمة في معركة الرئاسة الأميركية. وذكر تلفزيون «إن. تي. في» أن اوباما سيدفع كلفة انزال الشرطة الألمانية من ميزانيته المخصصة للدعاية الانتخابية في الولايات المتحدة. وذكرت الحكومة المحلية ببرلين أنها أنزلت 600 شرطي، وعددا آخر كبيرا من الشرطة السرية، بكلفة 250 مليون يورو، لتوفير الحماية لأوباما أثناء إلقاء خطبته تحت عمود النصر.

وكان باراك أوباما قد وصل صباح أمس إلى برلين (مطار تيغل) حيث أقلته السيارات مباشرة إلى دائرة المستشارة الألمانية انجيلا ميركل. وسيلتقي اوباما خلال زيارته مع وزير الخارجية فرانك فالتر شتاينماير وعمدة برلين الاشتراكي كلاوس فوفيرات. وعدا عن زيارة بوابة براندنبرغ وبقايا جدار برلين عند نقطة تفتيش تشارلي، وتثبيت حضوره في سجل برلين الذهبي في فندق أدلون، حيث يقيم، من المتوقع أن يزور اوباما أيضا نصب الهولوكست تعبيرا عن تضامنه مع الشعب اليهودي.

وتناولت المباحثات الثنائية مع ميركل، والتي دامت نحو ساعة، موضوع العلاقات الثنائية بين البلدين، وتطوير العلاقات الاقتصادية، والقضايا الأخرى التي تشكل صلب البرنامج الانتخابي لمرشح الرئاسة الأميركية وخصوصا حماية البيئة وترشيد استخدام الطاقة. وأشار اولريش فيلهلم، المتحدث الرسمي باسم الحكومة الألمانية، إلى أن المباحثات شملت ملفات إيران وافغانستان وباكستان وعملية السلام في الشرق الأوسط وقمة الناتو المقبلة عام 2009. ووصف فيلهلم المباحثات بانها «مفتوحة جدا، عميقة، وفي أجواء جيدة جدا».

وفي حين عبر ممثلو الحزب الديمقراطي الاشتراكي عن تفاؤلهم بحصول انعطافة في السياسة الخارجية الأميركية مع وصول اوباما إلى البيت الأبيض، عبر ممثلو الحزب الديمقراطي المسيحي عن ثقتهم بعدم حصول مثل هذه الانعطافة. وذكر النائب غيرت فايسكرشن، خبير الحزب الاشتراكي في الشؤون الخارجية، أن اوباما سيدعو الأوروبيين لتعزيز وحدتهم والتحول إلى شريك موثوق عبر الأطلسي. وعارضه في ذلك ايكارت فون كليدن، خبير الشؤون السياسية في الحزب الديمقراطي المسيحي الذي اعتبر أن السياسة الأميركية متأثرة إلى حد بعيد بسياسة جورج بوش الابن خلال فترته الرئاسية الأولى، وأن اوباما سيواصل هذه السياسة التي تدعو إلى «أكثر ما يمكن من التعددية في العلاقات، والكثير من التعددية حيث أمكن».

وكانت رغبة اوباما بالقاء خطبة أمام بوابة براندنبرغ قد أثارت الكثير من النقاش بين الحزبين الاشتراكي والمسيحي، وفي حين وقف الاشتراكيون إلى جانب هذه الرغبة وقف المسيحيون ضدها رافضين تحويل البوابة التاريخية، ورمز نهاية الحرب الباردة، إلى جزء من حملة أوباما الانتخابية. ووقفت المستشارة ميركل بقوة إلى جانب نقل الخطبة من أمام البوابة إلى حيث عمود النصر رغبة منها بالوقوف على الحياد في المعركة الانتخابية الاميركية. وفسر المراقبون في هذا الاطار اصرار المستشارة على بدء إجازتها السنوية امس وعدم حضور خطبة أوباما، والانتقال إلى مدينة بايرويت لتساهم في افتتاح مهرجان ريشارد فاغنر الموسيقي.