شركات تتسابق على سوق إنتاج الوقود من المخلفات بسبب ارتفاع سعر البترول

زود سيارتك بوقود.. النفايات

TT

بعد أعوام من البدايات الخاطئة، تجد صناعة جديدة تقدم وقودا للسيارات من المخلفات، تشجيعا كبيرا في الولايات المتحدة، مع إمكانية عقد أولى مبيعات تجارية في غضون أشهر.

وقد أعلن العديد من الشركات عن خطط لبناء مصانع تحصل على مواد مثل بقايا الأخشاب أو القمامة أو مخلفات المحاصيل، وتحولها إلى وقود سيارات. ويمر حوالي 28 مصنعا صغيرا بمراحل التخطيط المتقدم أو الإنشاء أو مراحل التجربة بعد انتهاء إنشائه. كان العلماء يعرفون منذ عقود إمكانية تحويل المخلفات إلى وقود، ولكن في عصر انخفاض سعر البترول، لم يكن لذلك أية اهمية. ومع وصول سعر البترول إلى حوالي 125 دولارا للبرميل، وسعر صفيحة البنزين إلى 4 دولارات، تحولت اقتصادات صناعة تحويل المخلفات إلى وقود بشكل كبير، في تسابق منها للوصول إلى السوق أولا.

ويقول برابهكار ناير رئيس الباحثين في شركة UOP التي تعمل في هذا المجال «أعتقد أن الفكر الابتكاري الأميركي سيصل إلى حل». ولكن النجاح غير مضمون على الإطلاق. فالإعلانات الأخيرة جاءت من شركات صغيرة، وقد تكون أحلامها أكبر من حساباتها في البنوك. وهي تعتمد على المليارات التي تأتي من معونات دافعي الضرائب. وما زالت هناك عقبات تكنولوجية كبرى، وحتى إذا أمكن حلها، لا يعرف أحد ما هي النتائج غير المقصودة التي ستظهر أو ما هي التكلفة الحقيقة لإنتاج هذا النوع من الوقود.

يقول ستيفن تشو مدير معمل لورنس بركلي الوطني، وهو فيزيائي حائز جائزة نوبل «إننا نحتاج إليه بشدة، وأنا شخصيا أعتقد أنه غير موجود حتى الآن».

ولكن ما زالت هناك فرصة صناعة الوقود من شيء ما إلى جانب الغذاء، أكبر من ذي قبل. وعلاوة على ذلك، تقدم الحكومة الفيدرالية منحا للمساعدة على البدء، ودعما على نوع من الوقود يبلغ سعر الصفيحة منه 1.01 دولار، وهو ضعف الدعم الذي تقدمه للإيثانول المنتج من الذرة.

وستزيد الضوابط المحتملة على انبعاث غازات الاحترار العالمي من الإقبال على هذه الأنواع من الوقود، حيث إن معظمها ينبعث منه القليل من ثاني أكسيد الكربون في الجو.

ومن المؤثر أيضا أن هناك توسعا في نوعية الشركات التي تراهن على هذا المجال. فكانت الشركات الأولى شركات صغيرة حديثة أسسها أشخاص لديهم نظرة تكنولوجية أكثر من الخبرة التجارية. والآن يدخل بعض عملاقة التجارة العالمية، من بينهم هونيوويل، ودوبونت، وجنرال موتورز، وشل، وبي بي، في الصناعة الناشئة. يعود حلم صناعة الوقود من النبات، إلى تاريخ صناعة محرك الاحتراق الداخلي. وكان هنري فورد ذاته معجبا بالفكرة، وقد ظهرت مجددا في فترات قلة الوقود وارتفاع أسعاره. ولكن في الوقت الحاضر، جعلت التكنولوجيا المتقدمة هذه الفكرة معقولة.

افتراضيا، من الممكن أن تتحول أية مادة مكونة من هيدروجين وكربون وأوكسجين إلى وقود للمحركات. وهذه تتضمن البلاستيك، ومخلفات البناء، والغابات وبقايا تشذيب العشب، ورقاقات الأخشاب، وقش القمح، والعديد من الأنواع الأخرى من المخلفات الزراعية.

ومن الوقود المحتمل الحصول عليه الإيثانول، الذي يمكن مزجه بالبنزين أو أية سوائل أخرى يمكن أن تحل تماما محل البنزين أو الديزل. وتقترح الدراسات الحكومية أنه من الممكن أن يحل الوقود الناتج عن هذه الطريقة، محل نصف إمداد الدولة من البنزين، بل وأكثر من ذلك، إذا أصبحت السيارات موفرة للوقود.

وتحث الحكومة على البداية الفعلية لهذه الصناعة. وينص تشريع تم تمريره العام الماضي على استخدام 36 مليار صفيحة من الوقود الحيوي في العام، بحلول عام 2022، ويأتي أقل من نصفه من الإيثانول المنتج من الذرة. ومن المفترض أن يأتي الباقي كله من مصادر غير غذائية، على الرغم من أنه من الممكن التخلي عن هذا الشرط إذا تداعت الصناعة.

يقول ديفيد موريس نائب رئيس معهد الاعتماد الذاتي المحلي في مينيابوليس، وهو جهة تؤيد إنتاج الوقود الحيوي: «علينا أن نقول بصراحة، إن ما فعله الكونغرس كان قرارا شجاعا». وتأتي معظم الأموال الجديدة التي تمول المجال من وادي سيليكون، حيث يجد أصحاب رؤوس الأموال المغامرون أصحاب ثورة الإنترنت، فرصة لفعل شيء مماثل في مجال الوقود. وفي سولازيم، وهي شركة حديثة في جنوب سان فرانسيسكو، تأمل في التربح من عملية صناعة الوقود من الطحالب، يقول رئيسها هاريون ديللون: «عندما أسسنا الشركة عام 2003، لم نجد شركة تمويل مغامرة سمعت عن الوقود الحيوي». ولكن الآن، تحظى شركته بدعم من شركتين. وقد وصل استثمار رأس المال المغامر في النصف الأول من هذا العام إلى 612 مليون دولار، مرتفعا عن 375 مليون طوال عام 2007، وفقا لبحث أجراه تومسون رويترز. ويظهر إعلان جديد كل بضعة أيام. فتقدر شركة PFC الاستشارية للطاقة في واشنطن، مشروعات تبلغ قيمتها حوالي 1.5 مليار دولار، وتبلغ سعة إنتاجها أكثر من 300 مليون غالون بحلول عام 2011، إذا تم بناؤها جميعا.

هذا يمثل قدرا ضئيلا في الطلب الأميركي على الوقود، ولكنه سيبدأ مرحلة جديدة لتحقيق نمو كبير، إذا أثبتت هذه المشروعات الأولى أنها ناجحة اقتصاديا.

إحدى الشركات الأولى، التي يبدأ العمل في أحد مصانعها هي مجموعة KL Process Design، في وايومنغ. ومع وجود مصانع ذات خبرة في تصنيع الوقود من الذرة، أنشأت المجموعة مصنعا صغيرا لاستخدام مخلفات أشجار الصنوبر مأخوذة من غابة قريبة. وما زالت الشركة تختبر خط إنتاجها، ولكنها تأمل في بدء عرض الإيثانول للبيع التجاري في أواخر هذا العام.

«ما زلنا نتعلم، ونأمل في دخول القليل من رأس المال»، هذا ما قاله توم سلونيكا نائب رئيس الشركة.

وتقيم رانج فيولز في دينيفر، مصنعا على نطاق تجاري في سوبرتون، في جورجيا بمساعدة وزارة الطاقة. سيأخذ هذا المصنع مخلفات أخشاب الصنوبر ويحولها إلى إيثانول، ويتوقع بدء المبيعات التجارية في أواخر 2009 أو 2010.

وتريد بعض الشركات استخدام القمامة. يوم الجمعة الماضي، صرحت شركة تسمى «فولكرم بيوإنرجي» بأنها ستبدأ في أعمال الإنشاء في مصنع تكلفته 120 مليون دولار لاحقا هذا العام في مركز تاهو ـ رينو الصناعي في نيفادا، من أجل إنتاج 10.5 مليون غالون من الإيثانول سنويا من 90.000 طن من القمامة. وسيبدأ العمل في أوائل عام 2010.

وفي مونتريال، تخطط شركة أخرى هي «إنيركم» بأن تستخدم أعمدة الأسلاك الملوثة بالزرنيخ من شركة الكهرباء في الإقليم. وفي يوم الأربعاء الماضي، أقرت لجنة التخطيط الإقليمي في لوس أنجلوس خطة بلوفاير إيثانول لبناء مصنع تحويل القمامة إلى وقود بجوار مستودع قمامة في لانكستر في كاليفورنيا؛ وسوف تبدأ عمليات الإنشاء قريبا، كما ذكرت الشركة.

* خدمة «نيويورك تايمز»