إيران: حل لبنان والعراق وأسعار النفط وأفغانستان يمر بالملف النووي.. ودمج الحزمتين للتفاوض

طهران: حصلنا ـ بطريق الخطأ ـ على وثائق لاستخدام اليورانيوم لأغراض عسكرية * الخارجية البريطانية لـ«الشرق الاوسط»: رفض طهران تحقيقات «عسكرة» برنامجها النووي يثير القلق

رئيس وكالة الطاقة الذرية الإيرانية خلال مباحثاته في فيينا أمس (رويترز)
TT

ربطت إيران بين أزمة ملفها النووي وبين حل مشكلات اخرى في العالم منها لبنان واسعار النفط العالمية والعراق وأفغانستان. كما طالبت بدمج حزمة الحوافز الغربية التي قدمت لها في يونيو (حزيران) الماضي، وبين حزمتها التي قدمتها في 4 يوليو (تموز) الجاري، ووثيقتها التي قدمتها في مفاوضات جنيف يوم السبت الماضي، موضحة ان دمج الحزمتين معا يجب ان يكون اساس التفاوض بين طهران والمجتمع الدولي. وجاء الموقف الإيراني وسط توترات جديدة بين روسيا وباقي دول 5+1 بعدما قالت موسكو ان الحديث عن جدول زمني إيراني للرد على سلة الحوافز الغربية، غير عملي ومصطنع، موضحة أنه من الصعب القول للإيرانيين: إننا ننتظر ردكم اليوم او غدا. ويتوافق الموقف الروسي مع الرؤية الإيرانية إذ ان طهران ترفض ايضا فكرة جدول زمني محدد لردها. ووفقا لمهلة الاسبوعين التي حددتها وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس، فإن أمام طهران أياما قليلة للرد على سلة الحوافز المعروضة عليها. لكن مسؤول إيراني قال لـ«الشرق الأوسط» ان إيران لا تعتقد انه يجب الحديث عن مهلة الاسبوعين، وان الرد الذي تعده طهران لا يتوقف على هذه المهلة، ملمحا الى ان إيران قد لا تلتزم بحد زمني للرد على العرض الغربي. واعتبر نائب الرئيس الايراني رضا اغا زاده أن بدء مفاوضات مع المجتمع الدولي بشأن الملف النووي الايراني قد تؤدي الى «حل الكثير من المشاكل مثل العراق ولبنان وافغانستان او اسعار النفط». وأوضح اغا زاده المسؤول ايضا عن الهيئة النووية الايرانية اثر لقاء أمس في فيينا مع مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي أنه «اذا انطلقت المفاوضات سيتم ايجاد حلول لكثير من المشاكل مثل العراق ولبنان او اسعار النفط». وكان أقازاده يتحدث بالفارسية وتولى على أصغر سلطانية مندوب ايران لدى الوكالة الدولية في فيينا ترجمة تصريحاته الى الانجليزية.

وكانت إيران قد سلمت الاسبوع الماضي في جنيف لمجموعة 5+1 (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، بريطانيا، فرنسا، المانيا) وثيقة جديدة تتضمن تصورات إيران لإجراء مفاوضات من 7 جولات من التفاوض تبدأ بمسائل اجرائية، ثم بيان مشترك، وتنتهي بقضايا مفصلة اقليمية وسياسية واقتصادية. وجاءت الوثيقة الإيرانية بعدما عرضت الدول الغربية الست على ايران صيغة «تجميد مقابل تجميد» تتمثل في عدم تشديد العقوبات الغربية ضد طهران، مقابل موافقة إيران على ابقاء نشاط تخصيب اليورانيوم على مستواه الحالي. ولم يعلق اغازاده أمس على هذا العرض مكتفيا بالقول ان «الجانب الاخر في حاجة الى وقت لدراسة مقترحاتنا»، معربا عن الامل في ان تؤدي العملية الجارية الى صياغة «وثيقة واحدة» يتفق عليها الجانبان. وتابع: «هذا اتجاه طبيعي.. أن يتم الجمع بين ورقتي (مقترحات) الجانبين». ولم يعلق أغازاده في حديثه للصحافيين على المهلة الزمنية الممنوحة لإيران وهي اسبوعان واكتفى بقوله إنه «من الطبيعي» أن تحتاج الدول الست إلى بحث العرض الإيراني. ويقوم عرض الحوافز الغربي على فكرة «التجميد مقابل التجميد»، وبعد هذه الخطوة ترغب الدول الست في قيام إيران بتعليق تخصيب اليورانيوم والبدء في مفاوضات شاملة.

كذلك لم يسهب نائب الرئيس الايراني في التطرق الى قضية ما يسمى «بالتحقيقات» حول عسكرة البرنامج النووي الايراني في الماضي. وقال دون مزيد من التوضيح ان «هذه المسألة لا علاقة لها بنشاطات الوكالة الدولية للطاقة الذرية ونحن نعالجها بطرق اخرى. وقد اتخذت بعض التدابير وستتخذ اخرى اذا اقتضى الامر»، موضحا ان طهران لن تتعاون مع وكالة الطاقة في تحقيقاتها حول «مزاعم» عسكرة البرنامج النووي الإيراني. ومنذ فبراير (شباط) ورئيس مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية اولي هاينونن يتهم طهران بان لديها وثائق تخص بشكل خاص صنع الرؤوس النووية وامكانية تحويل صاروخ شهاب ـ3 الى صاروخ نووي او منشآت لاجراء تجارب نووية تحت الارض. واعلنت طهران براءتها منذ بداية القضية معتبرة ان «لا اساس لتلك الاتهامات»، غير ان طهران اقرت بأنها تلقت عام 1987، دون ان تطلبها، وثائق حول عملية صنع اليورانيوم لاغراض عسكرية كما انها تسلمت اجهزة طرد من طراز بي.1.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية إن رفض طهران التحقيقات حول «عسكرة» برنامجها النووي يثير القلق. وأوضحت الخارجية البريطانية لـ«الشرق الأوسط»: «نحن قلقون من التقارير حول رفض إيران التعاون مع وكالة الطاقة الذرية بخصوص الادعاءات حول عسكرة البرنامج النووي الإيراني. وكالة الطاقة الذرية أثارت عددا من مصادر القلق من أبعاد عسكرية محتملة للنشاطات النووية الإيرانية»، مشددة على أنه: «إذا كانت إيران جادة في استعادة الثقة الدولية في نواياها، يجب ان ترد على هذه الأسئلة». وتعرض اغازاده الذي كان وزيرا للنفط في بلاده في تعيينه رئيسا لهيئة الطاقة الذرية الايرانية، مجددا الى سعر النفط امس، مشددا على ان الوضع الحالي «لا يساعد الدول النامية». وطالب بالتوصل إلى حل وسط يجمع بين مقترحات القوى الدولية وإيران بشأن برنامج بلاده النووي. كما أعرب عن أمله في بدء المفاوضات استنادا الى المقترحات التي طرحتها ايران والدول الست الكبرى خلال المحادثات التي عقدت مؤخرا في جنيف. وقال غلام أقازاده «تسلم كل جانب رسالة الجانب الاخر ويدرس بعناية مشاغل وتوقعات الجانبين. امل ان تبدأ المفاوضات في اطار يلتزم فيه كل جانب بشكل تام مع التوقعات القائمة بالفعل». ويأتي ذلك فيما أعلنت روسيا معارضتها تحديد مواعيد نهائية لإجبار طهران على اعلان رد على صفقة الحوافز الغربية. ونقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء عن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف القول على هامش منتدى رابطة آسيان الإقليمي لشؤون الأمن في سنغافورة «إن روسيا تنطلق من عدم جواز وضع أطر مصطنعة في هذه القضية، أو المماطلة فيها إلى ما لا نهاية»، وتابع «ان المواعيد النهائية المفتعلة من شأنها تعقيد الامر.. يجب الا تكون هناك قيود مفتعلة من منظور الاطر الزمنية غير المنطقية مثل: اما الان.. واما فلا كما يجب الا تمتد المماطلة الى ما لا نهاية».