أولمرت: في نهاية 2009 أو مطلع 2010 سيكون بمقدور إيران صنع قنبلة نووية

قائد الجيش الإسرائيلي يشرح للقادة الأميركيين خطورة إيران «مع سلاح نووي ومن دونه»

TT

أمضى رئيس أركان الجيش الاسرائيلي، الجنرال جابي اشكنازي، سبعة أيام في الولايات المتحدة، هذا الأسبوع، تركزت مباحثاته فيها حول الخطر الايراني. وفي حين تحدث رئيس الوزراء الاسرائيلي، ايهود أولمرت، في تل أبيب عن ان ايران ستستطيع صنع قنبلة نووية في نهاية عام 2009 أو مطلع عام 2010 على أكثر تقدير، إلا ان اشكنازي قال في واشنطن، أمس، ان ايران خطيرة وهي تملك السلاح النووي وحتى من دونه.

وقال اشكنازي خلال لقاءاته مع كل من نائب الرئيس الأميركي، ديك تشيني، ونائب وزيرة الخارجية، جون نجربونتي، ومع قادة البنتاغون، وفي مقدمتهم رئيس أركان القوات المشتركة، مايكل مولين، ان من المصلحة الحيوية «لدول الغرب المتحضر أن تصد عدوانية ايران. فهذه الدولة الأصولية المتطرفة تقود محور الشر والارهاب التي تهدد كل دول الشرق الأوسط وكل دول الغرب، إن لم يكن بالسلاح النووي فبالصواريخ بعيدة المدى، وإن لم يكن بالصواريخ فالتنظيمات الارهابية التي تسلحها وتمولها وتنشرها في كل مكان في العالم. انها تهدد الأنظمة العلمانية. وتسعى لخلخلة التوازنات الاقليمية. كل مكسب تحققه هذه الدولة، يقوي تنظيمات الارهاب في كل من العراق وأفغانستان والمناطق الفلسطينية ولبنان». وسئل اشكنازي، إن كانت هناك أية امكانية لأن تقوم اسرائيل بشن حرب على ايران، فأجاب: «نحن في اسرائيل نفضل أن تنجح الجهود الدبلوماسية الدولية. ولكن وظيفتي كرئيس أركان للجيش الاسرائيلي هي أن أعد الجيش للقتال وأن أقاتل وأنتصر». يذكر ان موضوع الحرب مع ايران كان قد طفا على السطح وسيطر على النقاشات في اسرائيل طيلة السنوات الثلاث الأخيرة، منذ فوز محمود أحمدي نجاد، بالرئاسة الايرانية واطلاقه التصريحات حول تدمير اسرائيل. وحاولت اسرائيل أن تدفع بالعالم الغربي الى تشديد العقوبات الاقتصادية ضد ايران حتى تتراجع عن برنامجها النووي العسكري، والى التلويح الجاد بسوط الخيار العسكري، بدعوى ان الخطر الايراني يهدد الغرب كله ويهدد جميع دول المنطقة العربية وليس اسرائيل وحدها. ويقول المعلق العسكري الاستراتيجي، روني كلاين، ان مسلسل أخطاء طويل تميزت به السياسة الاسرائيلية وليس سياسة الغرب وحده في هذا الشأن. وأخطر هذه الأخطاء ان اسرائيل وضعت نفسها في «مواجهة المدفع»، بدلا من البحث عن شكل للحوار مع ايران. وقال: «نحن لسنا اللاعب الوحيد في هذا الميدان مع ايران وليس من مصلحتنا الوقوف في خط المواجهة الأول، خصوصا ان الخطر الايراني لا يقتصر على اسرائيل بل يتعدى ذلك ليصل الى جميع العواصم العربية والغربية». ويعود الخبير الاسرائيلي في بناء المفاعل النووية، موطي بلوخ (74 عاما)، الى الوراء حوالي 35 سنة، عندما ارتكبت اسرائيل خطأها الأول في هذه المعركة، ويقول: «ايران بدأت مشروعها النووي في زمن حكم صديقنا الشاه، في مطلع السبعينات. ففي حينه كنا شركاء في بناء المفاعل النووي الايراني في بيشاور وفي أصفهان». وبلوخ هو رئيس فرقة الخبراء الاسرائيليين الذين ساعدوا ايران على وضع البنى التحتية لهذا المشروع، وهو يعرف جيدا عما يتحدث. ويقول انه كان قد حذر جهاز «الموساد» من خطر بناء قوة ايرانية نووية في حينه، حيث لم يدرس أحد يومها الأوضاع الداخلية في ايران، والتي كانت تبدو فيها بوضوح أخطار وقوع انقلاب على الحكم وصعود قوى معادية. وعندما غادر الخبراء الاسرائيليون حل محلهم بسرعة خبراء ألمان. ثم قدم الخبراء الروس والصينيون، عندما تجدد النشاط النووي الايراني في التسعينات من القرن الماضي. ويقول المعلق العسكري لصحيفة «هآرتس»، يوسي ميلمان، ان الغرب تقاعس عن مراقبة الخطر الايراني النووي وأجرى حسابات خاطئة ازاء النظام الايراني. ففي البداية حسبوا ان النموذج الذي اتبع مع النظام العنصري السابق في جنوب أفريقيا ثم مع أوكرانيا ثم مع ليبيا ثم مع كوريا الشمالية، أي التهديد من بعيد، ينفع مع ايران. ويتضح ان ايران تتصرف بشكل آخر، مغامر أكثر. ولا يوحي الغرب بأنه صارم بما يكفي. والسبب هو ان ايران تواجه الغرب بتهديدات مقابلة، مثل استخدام سلاح النفط من جهة (وهو الذي يتسبب في أزمة النفط العالمية التي يبدو انها تنجح في اخافة الغرب)، واستخدام الارهاب من دون أن يواجهه الغرب بسلاح ناجع.

ويجمع المعلقون الاسرائيليون الثلاثة على ان دور اسرائيل في هذه المعركة يجب أن يكون أكثر تواضعا، لأنها لا تستطيع أن تشن حربا وحدها على ايران، وإن فعلت فإن النتائج لن تكون مضمونة، والأمر المضمون هو انها ستدفع ثمنا باهظا ـ «فحتى لو انتصرنا عليها، سيكون ذلك منوطا بدمار هائل».