محكمة لاهاي تعيد النظر في الاتهامات الموجهة لزعيم صرب البوسنة .. وتزايد الضغوط لاعتقال ملاديتش

الحكومة الصربية تعيد سفراءها لدى أوروبا بعد سحبهم

اقارب رادوفان كراديتش لدى مغادرة مبنى المحكمه الخاصة في بلغراد بعد زيارتهم له حيث تتهم المحكمة الدولية رادوفان كارادزيتش بجرائم حرب (أ.ف.ب)
TT

أعلنت محكمة جرائم الحرب في لاهاي أمس أنها ستعيد النظر في لائحة الاتهامات الموجهة إلى زعيم صرب البوسنة سابقا رادوفان كراديتش عام 2000 في حين اتهم رئيس وزراء صرب البوسنة ميلوراد دوديك كراديتش بسرقة نحو 18 مليون يورو من حسابات حكومة بنيالوكا التي تتمتع بسلطة ذاتية يشارك فيها البوشناق والكروات. ويأتي ذلك وسط أنباء صحافية صربية تفيد بأن القائد السابق لمليشيات صرب البوسنة الجنرال راتكو ملاديتش هو من قدم المعلومات التي مكنت الاستخبارات من القبض على كراديتش. وعلمت «الشرق الأوسط» من محامي كراديتش، سفيتوزار فوياتشيتش، أنه تم حلق لحية الأخير بطلب منه بعد إلقاء القبض عليه وجدد ما ذكره سابقا من أن موكله اعتقل يوم الجمعة الماضي وليس يوم الاثنين كما أكدت الحكومة الصربية.

وقالت الناطقة باسم الادعاء العام لدى محكمة لاهاي، أولغا كافران، في اتصال هاتفي أجرته معها «الشرق الأوسط» إن «هناك 11 تهمة موجهة لكراديتش منذ 2000 تتعلق بجرائم الابادة وجرائم حرب وجرائم ضد الانسانية لكن حصول الادعاء على أدلة جديدة أثار قضية إعادة النظر في تلك الاتهامات. وحول ما إذا كانت عملية إعادة النظر باتجاه التخفيف أو التشديد، قالت «عندما تكون الأدلة الجديدة ضد المتهم فلا مجال للحديث عن التخفيف»، مشيرة الى أن أول الاتهامات الرسمية الموثقة بالأدلة وجهت لكراديتش عام 1995، وفي نوفمبر من نفس العام وجهت لكراديتش تهمة ارتكاب جرائم إبادة في سريبرينتسا. وأوضحت بأن ذلك كان مختلفا عن الاتهامات التي وجهت لكراديتش قبل 8 سنوات من ذلك التاريخ. وأكدت مرة أخرى أن الاتهامات الجديدة التي ستضاف لملف كراديتش «يجب أن تصادق عليها المحكمة الدولية الخاصة بجرائم الحرب في لاهاي». وتوقعت أن يتم نقل كراديتش إلى لاهاي الاسبوع المقبل وفي خلال 30 يوما سيجيب كراديتش على الاتهامات الموجهة إليه، وعما إذا كان مذنبا أم لا. وعن توقعاتها لرد كراديتش قالت «سيقول على الارجح أنه غير مذنب». وعن سبب اتهام كراديتش بـ 11 تهمة بينما وجهت إلى الجنرال راتكو ملاديتش 16 تهمة، قالت ان ذلك هو ما استدعى مراجعة ملف كراديتش. وحول قلق البعض من اعلان محامي كراديتش أنه لن يستعين بمحام أجابت، «محكمة لاهاي لن تسمح لكراديتش بالدفاع عن نفسه بنفسه وسيكون هناك محام يدافع عنه». ومن التهم الموجهة لكراديتش ارتكاب جرائم إبادة وجرائم القتل العمد والتعذيب، والتطهير العرقي والتهجير القسري والمعاملة اللاانسانية ضد البوشناق المسلمين في البوسنة، واحتجاز جنود دوليين، وخرق اتفاقية جنيف المتعلقة بأسرى الحرب، وتهديد السلم، وإقامة معتقلات جماعية للمدنيين. وقال محامي كراديتش، سفيتوزار فوياتشيتش إن موكله طلب منه رفع قضية ضد عناصر الاستخبارات الصربية الذين أنزلوه من الحافلة يوم الجمعة الماضي 18 يوليو. وحول الخلاف بينه وبين الحكومة الصربية حول تاريخ اعتقال كراديتش قال «لدي شهود عيان وهم ثلاثة أشخاص يؤكدون ما أقوله وهو أن كراديتش اعتقل الجمعة وليس يوم الاثنين». وفي سياق متصل اتهم رئيس وزراء صرب البوسنة ميلوراد دوديك، زعيم صرب البوسنة السابق رادوفان كراديتش بسرقة 36 مليون مارك بوسني، أي نحو 18 مليون يورو. وقال دوديك «هناك وثائق تؤكد أن رادوفان كراديتش قام في ربيع 1997 بأخذ 36 مليون مارك من بنك الشعب في بنيالوكا «وتابع» في ذلك الوقت كان قد ترك السلطة ويعيش متخفيا». وكانت خليفته بليانا بلافاشيتش قد اتهمته في مذكراتها بأنه «سارق وغشاش وغير انساني»، وقالت إنه «خاض الحرب من أجل أن يصبح غنيا». وفي سنغافورة، اعربت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس امس عن الامل في ان يؤدي اعتقال رادوفان كرادجيتش الى اعتقال الزعيم الصربي البوسني الاخر راتكو ملاديتش الذي لايزال هاربا، بسرعة. وقالت رايس للصحافيين على هامش اجتماع رابطة دول جنوب شرقي اسيا ان «الصرب يحققون تقدما في اغلاق صفحة بشعة في ماضيهم وامل فقط ان يكون ملاديتش هو المقبل».

واعتبرت بشأن اعتقال الزعيم السياسي السابق لصرب البوسنة انه «من الصعب استخدام كلمة انتصار نظرا لكل الاعمال الوحشية المسؤول عنها»، مضيفة «لكنني آمل لجميع الذين قضوا بسبب سياسته ان يتيح ذلك معالجة بعض الجراح»، حسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.

وقد قررت الحكومة الصربية امس، اعادة سفرائها في عدد من دول الاتحاد الاوروبي الى مناصبهم، وذلك بعدما أن استدعتهم، اثر اعتراف تلك الدول باستقلال كوسوفو. وقال وزير البيئة الصربي اوليفر دوليتش للصحافيين «أرى ان قرار إعادة سفرائنا الذين تم استدعاؤهم الى بلغراد للتشاور من شأنه تعزيز موقفنا الدبلوماسي»، حسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.

وأضاف ان هذا القرار «سيوسع هامش المناورة لأنشطة بلادنا في هذه الدول».

وأوضح دوليتش انه تم اتخاذ هذا القرار بإجماع الحكومة الصربية. وكان وزير الخارجية الصربي فوك يريميتش اعلن قبل ايام، انه سيقترح على الحكومة «اعادة السفراء الى دول الاتحاد الاوروبي، بهدف زيادة النشاط الدبلوماسي لبلادنا».

ولفت الى ان هذه المبادرة اتخذت بعد «مشاورات» اجريت الاسبوع الفائت في باريس وموسكو، وفي مقر الأمم المتحدة في نيويورك.