واشنطن: مذكرة وزارة العدل عام 2002 تقر أساليب «سي آي إيه» في الاستجواب

قالت إن محققيها لن يحاكموا على الانتهاكات إذا توافر لديهم «حسن النية»

TT

أخبرت وزارة العدل عام 2002 وكالة الاستخبارات المركزية أن محققيها لن يحاكموا على انتهاكات قوانين مناهضة التعذيب إذا توافر لديهم «حسن النية» في أن الأساليب القاسية المستخدمة لإخضاع إرادة المسجونين لن تسبب «ضررا عقليا طويل المدى».

وقد أقرت المذكرة الخاضعة لرقابة مشددة، وأفرج عنها اول من امس، أساليب الاستجواب واحدا وراء الآخر، ولكنها حذرت بأنه إذا تغيرت الظروف، فقد يقع المحققون في شرك انتهاك قوانين مناهضة التعذيب.

وقد صدر رأي قانوني في الأول من أغسطس (آب) عام 2002 وقعه مساعد النائب العام وقتها جاي بايبي، في نفس اليوم الذي كتب فيه مذكرة لمستشار البيت الأبيض ألبيرتو جونزاليس لتعريف التعذيب على أنه «الممارسات المتطرفة» التي تسبب ألما مماثلا في شدته لآلام الموت وقصور وظائف الأعضاء.

وقد تم التراجع عن رأي بايبي الذي عرّف فيه التعذيب بعد أكثر من عامين. وصرح المتحدث الرسمي باسم وزارة العدل بيتر كار اول من امس، أن وسائل التحقيقات المستخدمة حاليا في ظل إدارة بوش قانونية. ولكن من غير الواضح أيا من هذه الأساليب المذكورة في المذكرة الثانية مازالت تستخدم. وقد رفض النائب العام مايكل ماجوكسي أن يتحدث عما إذا كان الإيهام بالغرق، على سبيل المثال، أسلوبا قانونيا، حيث أن وكالة الاستخبارات لم تعد تستخدمه.

والإيهام بالغرق أحد الوسائل التي يسميها النقاد تعذيبا. وقد منع مدير الاستخبارات مايكل هايدن الإيهام بالغرق عام 2006. ولكن يقول مسؤولو الحكومة إن استخدام هذا الأسلوب يظل ممكنا إذا وافق عليه النائب العام ورئيس الاستخبارات والرئيس.

وقد بدأ الإعلان عن مذكرات إدارة بوش السرية التي تجيز اتباع أساليب استجواب قاسية من عام 2004، عندما كشفت فضيحة سجن أبو غريب عن إساءة معاملة المعتقلين. وتضيف المذكرة التي أعلن عنها يوم الخميس إلى السجل المتزايد للبرنامج السري الذي بدأ بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية.

وقد حصل على مذكرة بايبي الجديدة اتحاد الحريات المدنية الأميركي مع وثيقتين سابقتين أخريين لم يكشف عنهما تتعلقان ببرنامج استجواب «سي آي ايه». وقد أقرت مذكرة بايبي تحديدا أساليب التحقيقات المقترحة التي وضعت لاستجواب المشتبه في تورطهم مع القاعدة الذين قاوموا طرق التحقيق التقليدية.

وقد أخفيت المعايير التي تتحكم في مدى قسوة التحقيقات البدنية. ولكن الاستجوابات التي تضغط على المعتقل نفسيا أو عاطفيا لم تؤد إلى «ضرر عقلي طويل المدى». ويعرف هذا الضرر بأنه الضرر الذي يستمر لشهور أو حتى أعوام بعد التحقيقات.

وذكر في المذكرة أنه ينبغي أن تتم استشارة أطباء أو علماء نفس قبل التحقيقات لتقييم التأثير المحتمل على قوى السجين العقلية. وورد في المذكرة: «كلما كان الشخص أكثر صحة، قلت احتمالية اتخاذ أي إجراء أو مجموعة من الإجراءات التي ينتج عنها ضرر عقلي طويل المدى». وتشير الوثائق الجديدة إلى دراية مسؤولين رفيعي المستوى في إدارة بوش باتباع طرق التحقيق المثيرة للجدل، ومن بينها الإيهام بالغرق.

وفي مذكرة ثانية، يرجع تاريخها إلى 28 يناير (كانون الثاني) عام 2003، كلف مدير السي آي ايه في ذلك الوقت جورج تينيت، موظفي الوكالة باستجواب مشتبه فيه بقضية إرهاب باستخدام «أسلوب معزز» وأمر بالاحتفاظ بتسجيل له أثناء التحقيقات. ولم يكن من الواضح ما إذا كان هذا التسجيل عبر تدوين الملاحظات أو تسجيلا بالفيديو أو تسجيلا صوتي، ولكنه «يتضمن طبيعة كل أسلوب متبع ومدته، وهوية الحاضرين»، وعوامل أخرى. جاء في مذكرة تينيت أيضا تكليف باتباع «أساليب معززة»، و«أساليب معيارية»، وقال إنه لا يمكن استخدام أية أساليب أخرى «إلا إذا وافق عليها مركز القيادة».

وقال جميل جعفر مدير مشروع الأمن القومي في اتحاد الحريات المدنية الأميركي، إن وثيقة تينيت تشير إلى أن «سي آي ايه» على الأقل فكرت في أساليب أبعد من الإيهام بالغرق. وقال إن سجلات التحقيق، إذا أفرج عنها، من الممكن أن تستخدم كدليل في صالح المتهمين في المحاكم العسكرية في غوانتانامو ليثبتوا أنهم تعرضوا للتعذيب والقسر. وأفرج عن وثيقة ثالثة يوم الخميس ولكنها غير محددة التاريخ ويحتمل أن تكون كتبت عام 2004، بعد آخر اتباع مؤكد لوسيلة الإيهام بالغرق ضد معتقل في «سي آي ايه». وتتناول الوثيقة أسلوب استجواب مخطط، حيث ورد فيها أنه ينبغي الاستمرار فيه مع فهم واضح لجميع السياسات الخاصة بمعاملة المساجين.

*خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»